فوائد من حديث "كل مخموم القلب، صدوق اللسان"
حديث 161: سئل رسول الله [: أيُّ الناس أفضل؟ فقال: ((كلُّ مخمومِ القلب، صدوقِِ اللسان)).
وهو حديث صحيح، رواه الإمام ابن ماجه في سننه (برقم 4216)، في كتاب الزهد، باب الورع والتقوى، عن الصحابي الحَبْر العابد عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وله تتمة: قالوا: صدوقُ اللسانِ نعرفه، فما مخمومُ القلب؟ فقال [: "هو التَّقيّ النَّقيّ، لا إثمَ فيه ولا بَغْي، ولا غِلّ ولا حَسَد".
وقد صححه المُنذري في "الترغيب والترهيب" - برقم 4262 - والحافظ الشهاب البوصيري في "مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه" - برقم 1503 - وآخرون من المتقدمين والمعاصرين (يُرجع إلى تعليقة المحدث الشيخ شعيب على "السنن" لابن ماجه 5: 299).
فوائد من الحديث
الأولى: حرص الصحابة على معرفة أفضل الناس ليكونوا منهم، ولقد كَثُر منهم رضي الله عنهم السؤال عن أفضل الناس وعن أفضل الأعمال في مناسبات عديدة وحصلت من أجوبة النبي [فوائدُ عزيزة، تستحق معها أن تُتَتبّع في ((جُزء حديثي)) لعظيم نفعها.
الثانية: ما ذكره النبي [في جوابه فيه بيان من يَستحق أن يوضع على "لائحة الشرف" أو "لائحة الأفضلية" من المنظور الإسلامي، وهو بالتأكيد خلاف المعايير الدنيوية والمنظور الجاهلي.
الثالثة: فضل القلب النظيف وهو معنى (المخموم) فقد قال العلاّمة ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث": (هو من خممتُ البيت إذا كنستَه). وهذا يتطلب مجاهدة قوية لتنظيفه من أهواء البغي والغِلّ والحسد، وما أكثر تلوُّثَ القلوبِ بها! حفظ الله قلوبنا منها وحلاّها بالتقوى والنقاء، وبنُور الذكر والإنابة، والتواضع والخشية.
ورابعها: فضل صدق اللسان والتزامِهِ الحقيقة، ولا تخفى شناعة وبشاعة الكذب، وهو من أخبث الصفات وأدلِّها على اهتزاز ثقة الإنسان بنفسه أو توسُّله بالكذب لفعل الشرّ أو للتعالي على الناس أو للخداع الكاذب لإظهار ما ليس فيه كما في الصحيحين ((المتشبِّع بما لم يُعطَ كلابس ثوبَيْ زُور))!!
أجارنا الله من وَسَخ القلوب وكَذِب الألسن، وحِفَظنا بما يحفظ به قلوبَ وأَلْسُن عبادِهِ الصالحين. إنه أكرم الأكرمين
الالوكة