عام 1970
صدرت التعليمات لتمركز سربنا Tu16 في بلبيس فتوجهنا بسرب بقيادة بدر دامير للتمركز بقاعدة بلبيس , و كانت بالقاعدة لواء مقاتلات قاذفة سوخوي
و تكرر نفس الموقف الذي لاقيناه من طياري أنشاص من طيارى لواء السوخوي
و كان السبب في ذلك بناء أقفاص حديديه مغطاه بألشباك للطائرات بداخل المزارع و بغرض التمويه، وهو تصرف غبى جدا لمن أعطى هذا القرار لأن هذه الأقفاص أرتفاعها أعلا بكثيرمن الأشجار المحيطه بها و بالطبع ممكن رصدها بسهوله فى الصور الجويه.
و بالرغم من ذلك و حتى يومنا هذا لو سألتنى عن سبب تمركز Tu16 في قاعدة بلبيس ؟؟!! لا أعلم !!! لأنه شيئ غير منطقى على الأطلاق!!!!
و بوصول بقية طيارينا من العراق أصبح تمركزنا ، سرب فى ببلبيس و السرب الأخر تمركز بقاعدة جناكليس بالإسكندرية ” و شيد لها أقفاص أيضاً “
بعد عده شهور صدرت تعليمات بالتمركز بالسرب فى قاعده بنى سويف .
و إستمرت تدريباتنا المعتادة في بني سويف و مضت الأحداث ما بين التدريب و الأجازات و الغارات المستمرة علينا طوال الليل ، و لبس الخوذ و الهرولة للخنادق بملابس النوم ، لقد عشنا فترة عصيبة جداً ، و كانت الطائرات مكشوفة في العراء في هذه الفتره فأين نستطيع إخفائها و أين سنذهب بها ؟؟؟
بحلول عام 1971 و بعد عودتنا من العراق أصبح هناك ضروره للحصول على طائرة تستطيع ضرب العمق الداخلي لإسرائيل ، و كان هذا التوجه نابع من شخص الرئيس السادات للرد بضرب العمق الإسرائيلي بعد ما كان منهم من جرائم ضرب أهداف فى العمق المصرى وخاصه المدنيه ( بحر البقر ، و مصانع أبوزعبل ، …. ) .
كان عرض الروس وقتها يتمثل في إمدادنا بالطائرة TU22 ، و في هذه الفترة كان حسني مبارك قد تم ترقيته أستثنائيا الى رتبه اللواء و تعيينه فى منصب رئيس الأركان ، و صدرت لنا التعليمات بدراسه هذه الطائرة ، و رفع تقرير عنها و كانت نتيجة الدراسة أن رفضناها رفضاً باتاً .
فقد كان يقال بأنها :
- طائرة أسرع من الصوت ، و إتضح أنها دون سرعة الصوت
- حمولة القنابل فوق التسعة طن ، و إتضح أن حمولتها تسعة طن
- طائرة عجلات الهبوط بها أسفل جسم الطائره ( تندم ) مما يعقد عمليه تحميل و تفريغ الذخائر و يجعلها تحتاج لوقت أطول من المعتاد
- طائرة لها طيار واحد دون مساعد ، و يرافق الطيار الملاح في مقدمة الطائرة ليساعده في الملاحة الجوية .
فلم يكن هناك ما يميزها في نظرنا عن TU16 ، بل على العكس فالـTU16 تتميز عنها بسرعة التحميل و طول المدى بخلاف تمرسنا التام عليها
[IMG]http://group73historians.com/wp-*******/uploads/2011/10/tu-22-blind_p2.jpg[/IMG]
أما الفارق الجوهري في هذه الطائرة الذي إتضح لنا أنها بالفعل تستطيع إختراق حاجز الصوت و لكن لتصل لهذه السرعه يجب أن تكون على إرتفاع 12 كلم ، أما في الإرتفاعات اللتى اقل من ذلك فهي في نفس سرعة الـTU16 .
أخذت الدراسة التي قمنا بها و توجهت لحسني مبارك و عرضت عليه ما توصلنا له من أن للطائرتين نفس المواصفات تقريباً و أننا نرجح الحصول على
الـ TU 16 KSلما سلف ذكره من أسباب. ( توصلنا الى المعلومات عن طريق كتب الطيران الأمريكيه و البريطانيه / الجينس ) .
وفى عام1972 تقرر أمدادنا بطائرات TU-16-KS و بصواريخ أحدث من اللتى كانت عندنا قبل 67 . كان أقتراح الروس أنعقاد الفرقه فى روسيا
و تم الإستقرار على طلب إستقدام المدربين الروس و تم تدريبنا بقاعدة أسوان .
تم إختيار ستة طيارين للحصول على هذه الفرقة و كنت رقم ( 5 ) في هذه المجموعة ، و لم أكن سعيدا للحصول على هذه الفرقة فقد وصلت لمركز رقم 3 فى الأقدميه في سرب القاذ فات و برتبة رائد لأجد نفسي أتراجع لرقم ( 5 ) في سرب جديد
في هذا الوقت كان حسنى مبارك رئيس ألأركان ، فتوجهت إليه بحكم ما جمع بيننا من علاقة خلال فترة عملنا سوياً لأسأله عن سبب نقلي لسرب Ks الجديد ؟؟ فأخبرني بأنه هو من إختار الطيارين المنتخبين للحصول على هذه الفرقة لتكوين سرب Ks ، بل هو من قام بترشيحي بنفسه ضمن هذا السرب .
و السبب في ذلك هو علمه بأن الروس لا يطلعونا على كافة المعلومات عن أي سلاح يمدوننا به و بأنهم يحتفظون لأنفسهم دائماً ببعض الأسرار حتى لا نستطيع الوصول لإمكانيات و قدرات الأسلحة بصورة كاملة في غير وجودهم (حسب نص كلامه ) و عليه فكان تكليفه لي و لرؤؤف حلمي بدراسة الطائرة بصورة جيدة لماوصفنا به بأننا ( شطار فى حفظ المعلومات ) لمعرفة كافة خبايا و خفايا الطائرة بحيث أنه و بعد رحيلهم نكون على علم بسلاحنا بصورة جيدة و في هذه الفترة الأقدميات غير ذات أهمية ، و الأهمية القصوى تكمن في تحضيرنا للحرب
و بالفعل بدأت تظهر بوادرالإستعداد للحرب في هذه الفترة بجدية .
توجهنا إلى أسوان للحصول على الفرقة و كانت تنقسم إلى قسمين ( نظري / عملي ) .
فالقسم النظري ينحصر في محاضرات يومية من التاسعة صبحاً و حتى الثانية بعد الظهر ثم راحة لمدة ساعة حى الثالثة لنستأنف المحاضرات حتى الخامسة مساءاً – دراسات نظرية بحته .
و قد علمنا أن هذه المرحلة قدر لها فترة ثلاث أشهر ، ثم الجزء العملي ( كورس الطيران ) و قدر له ما بين الخمس و الستة أشهر .
كان العميد طيار أحمد عرفه قد أصبح المسئول عن القاذفات بشعبة التدريب في هذا الوقت بعد نقله من قيادة اللواء فعرض عليهم تقليص المدة لأن الطيارين المختارين لهذا السرب من المستوى A و مختارين بعنايه لهذا السرب .
فقد كان النظام الروسي يصنف الطيارين الى ثلاث فئات A – B –C و يتم تمييز الطيارين عن طريق علامة زرقاء توضع على لباس الطيارين بها فئة كل طيار و جميعنا كنا من الفئة الأولي A (طيار ممتاز) ، و لاكنهم تشككوا فى هذا المستوى و أنه مماثل لما عندهم.
فعاد و إقترح عليهم إقتراح ظريف جداً بالرغم من كونه أدى إلى إستفزازنا ، فقد كنا في نهاية العام و بنهاية كل عام يتم إختبار الطيارين لتجديد الفئة لكل طيار ، و الإختبارات تتم بشقيها النظري و العملي و يجب أن نحصل على معدل فيما فوق 90 % للحاصلين على مستوى A و من لا يستطيع الحصول على النسبه المطلوبه يتم تخفيض فئته من A إلى B ، و عليه فقد اخبرهم بأننا لم نقم بالإختبارات حتى حينه ، فما رأيكم في القيام بإختبارهم بأنفسكم ؟؟؟ و عاد فأخبرنا بذلك ، و أكد علينا بأن الروس هم من سيقومون بإختباركم . و لكوننا فى فرقه دراسيه لم يقم أى منا بالطيران لمده شهر ، و هو عامل مؤثر للغاية حيث الطيران عملية تكتسب بالممارسة و كلما طال إبتعادك عنها تفقد كفائتك و حساسيتك تجاه الطائرة .
ألقى الروس محاضرة للتلقين ، ثم أعدوا الإمتحان النظري و تم توزيعه و كان يخص Tu16 القاذفة للقنابل و بحمد الله حصلنا جميعاً على معدلات تتخطى الـ 90 % المطلوبة .
و عليه حدد الروس اليوم التالي للقيام بأختبار الطيران نهاري و ليلي .
و كانت المشكلة الرئيسية أن من يقوم بهذا الإختبارمدرس روسي لا يتحدث لغتك و لا انت تتحدث لغته ، و عادة المدرس القائم بالإختبار يسأل المختبر عما يقوم به و أسبابه في ذلك و يعرض عليه مجموعة الحلول المختلفه ليصل إلى المعرفة التي يقيس بها قدرات الطيار محل الإختبار ، و لكن المدرس روسي و لا توجد بيننا لغة مشتركة و الشئ الوحيد الذي ساعدني إلى حد ما وجود ملاح مرافق لي كان قد حصل على فرقة الملاحة بروسيا و يستطيع إستنباط بعض الكلمات .
و إنتهت الإختبارات النهارية و الليلية ثم توجهنا لغرف التلقين و حضر جميع المدرسين الروس ليخطب فينا قائدهم خطبة عصماء و كان تعليقه بأن كافة المدرسين الستة الخاصين به و القائمين بإختبار الطيارين و هم من الذين يقومون بإختبار الطيارين في روسيا و تحديد فئاتهم قد أكدوا جميعاً بكون الطيار محل الإختبار أفضل من مدرسه .( اي افضل من المدرس نفسه )
و كانت شهادة منهم نعتز بها ، بالتالي فمن الغد سنجلس معكم للتدارس في كيفية تعديل الكورس الجديد المقرر لدراسة Tu16-Ks .
تم إختصار فترة التدريس النظري من ثلاثة أشهر إلى شهرين ، أما الستة أشهر طيران فتم إختصارهم إلى 30 يوماً بالضبط لكافة الطيارين .
و بدأت الدراسة و كان هناك عدة فروق بين طراز القاذف للقنابل (البومرز) و طراز Ks من حيث نظام الوقود و الرادار و فرق في وزن الطائرة ، فرق في وضع الطيران بدون صواريخ أو برفقه صاروخ واحد أو صاروخين .
فالصاروخ الواحد يماثل حجم طائرة ميج 15 و بوزن 3 طن فارغ ، و للإقلاع أو الهبوط بحموله من صاروخ واحد فالوضع غايه في الصعوبه و يحتاج لإحساس مختلف و تدريب مختلف عن الإقلاع بصاروخين و الهبوط بهما أو بدونهما ، فوضعك دائم التغير من وضع الإتزان لوضع مختلف الإتزان تحتاج فيه للكثير من الإحساس للسيطرة على الطائرة و التحكم فيها .
قد كنا جميعاً نحتاج على الأقل لعشرين طلعة متنوعة لكل منا ، و مع ذلك قام كل منا بطلعة إختبارية واحدة محملاً بصاروخ واحد . و يا لها من صعوبة ، و بسؤالهم عن سبب ذلك و لم لا نختبر بدايه بصاروخين ، فكان الرد بأنه لا يلزم فإذا قمت بالإقلاع و الهبوط محمل بصاروخ واحد فقد تم كل شئ كما ينبغي ، و لذا فلنبدأ بالصعب أولاً .
و ما أن قمت بطلعه واحده أستغرقت 15 دقيقة إقلاع و هبوط بصاروخ واحد إلا و حصلت على إجازتي بالطيران solo (منفرد) و نفس الوضع بألنسبه لباقى الطيارين ( رؤوف حلمى/محمد طموم/ فاضل فتحى/ جورج الجاولى/محمد كريدى/ يوسف رحمى/أحمد مصطفى ) .
و بعدها قمنا بإختبار أختراق الضاحيه ، و إطلاق الصواريخ ، و تمت جميع الإختبارات بنجاح .
أذكر هنا موقفاً حدث أثناء فترة الدراسة النظرية حيث فوجئنا بوصول طائرة على متنها رئيس الأركان اللواء ا حسني مبارك ليجتمع معنا و يخبرنا بأن الرئيس السادات سيصل غداً لز يارتكم و لرؤية الطائرة الجديدة ، و يجب أن تعدوا أنفسكم لذلك جيداً ، و المطلوب تجهيز طائرة داخل الهنجر محملة بنوعي الصواريخ و طلب مني القيام بعرض و شرح الطائرة للرئيس محمد أنور السادات ، و أن أعد نفسي بسرعه لأرافقة إلى فندق كاتاركت في أسوان لأشرح له ماهية هذة الطائرة و قدراتها .
رافقته إلى كاتاركت جلسنا في راحة و طلب مني شرح قدرات و إمكانيات الطائرة ، فشرحت له كل شئ عنها ، و ما ان إنتهيت ، إلا و وجدته قد بهته الأمر ، و رد بأننا لم نكن نعي دورها بهذه الصورة ، و أن ما أقوله كلام خطير ، فنحن نعتقد أن هذه الطائرة و بهذه الصواريخ تمكننا من ضرب أي هدف نرغب في تدميره داخل إسرائيل .!!!!
فأوجزت له الشرح مره أخري و بأنه للأسف لا نستطيع القيام بهذا الدور ، فطلب مني الأيضاح بالتفصيل و قمت بذلك ( و سيظهر تباعاً من خلال حديثنا كيفية عمل الطائرة و كيفية إطلاق الصواريخ المحملة بها ) .
فأعاد رده بان هذا الأمر مفاجئ كلياً له و للقيادة العامه ، و طلب مني التوجه لشرح هذا الوضع الى وزير الدفاع الفريق صادق ، حيث سيصل باكر قبل الرئيس الذي سيصل في حدود الواحدة ظهراً .
”فى اليوم التالى في تمام الساعة التاسعة تكن متواجداًبإستراحة
الفريق صادق ( وزير الحربيه ) “.
[IMG]http://group73historians.com/wp-*******/uploads/2011/09/f1_9_8_2010_51_55.jpg[/IMG]
وصلت الإستراحة كما طلب مني في التاسعة صباحاً ، و دخلت إلى غرفه كبيره بهاالعديد من الصالونات هنا و هناك ، و أنتظرت لمدة عشر دقائق ، و إنفتح باب و دخل منه الفريق صادق ، و أغلق من خلفه بعد دخوله لينفرد بي الفريق صادق داخل هذا الصالون دون وجود اي فرد سوانا ، وقفت من فوري و أديت التحية العسكرية و طلب مني الجلوس ، و ظل واقفاً ، فتترددت لأنه ما زال واقفاً ، فامرني بالجلوس و كان مزاجه حاداً بعض الشئ ، فجلست ، و لك أن تستشعر مدى الرهبة في اللقاء !! فها هو وزير الدفاع الفريق صادق بكامل هيئتة و هيبته العسكرية بلبس أفرول الميدان و الفيلد بوت و قد كان يتحلى بجسد ضخم قوي ، و أنا رائد بالقوات الجوية و لأول مره أراه وجهاً لوجه .
فإنطلق الرجل في الحديث دون أن أنبس بكلمه ، قائلا ” انا مستاء من الروس ، ” دول قرف ” ، إنهم لا يعطونا ما نريده ، لا يقومون بمساعدتنا بشئ جدي ، إننا لن نستطيع القيام بالحرب طالما نتتبع خطاهم و مشورتهم ، هم سبب العجز في كافة قطاعات التسليح ( عدد المدافع ناقص ، عدد الكباري ، الذخائر ، كل الطلبات لا تجاب……….. ) و إستمر الرجل في شكواه ( مر الشكوى ) دون أن أتكلم و إنصب محور شكواه بأننا لن تقوم لنا قائمة طالما نتبع الروس ، ثم أشار إلى أنه يفهم ما انا قادم لإخباره ، و أستمر فى حديثه لمده لا تقل عن نصف الساعه ذاكرا كل مشاكل القوات المسلحه و بالتفصيل و أ لأرقام مما لا يجب أن أسمعه على الإطلاق ، فكان الرجل رحمه الله كمن يفرغ كبت هائل بداخله و هو يعلم بأني سألقي بيان عن الطائرة عما قليل للرئيس السادات ، فطلب مني بأن
أخبرالرئيس بكل ما أريد خلال هذا البيان ، و أكد على انى تفهمت ذلك ؟؟؟؟!!!
ثم اضاف – لا تحكي لي أي شئ – ،( فهمت بعد ذلك ما كان يحدث من صراع للقوى و قد كان الفريق صادق على إختلاف مع الرئيس أنور السادات و يريد أن يثبت له أن السلاح الروسي سئ للغاية بالمقارنه بالسلاح الأمريكانى )
وصل الرئيس السادات في الواحدة و دخلنا إلى الهنجر و الطائرة معدة بالكامل و الصواريخ محملة بها و الذخائر كاملة و المشهد كان جميلاً .
[IMG]http://group73historians.com/wp-*******/uploads/2011/08/2.jpg[/IMG]
توجهنا لغرفة المحاضرات و كانت بها 400 فرد تقريباً شغل نصفها الخلفي المدرسين الروس و المهندسين و شغل النصف الأمامي أفراد القوات المصريه و في الأمام توجد منصة صغيرة وضع عليها منضدة و كرسيين أحدهم للرئيس السادات و عن يمينه الفريق صادق .
أمامهما مباشرة يستقر ستة أفراد على كراسيهم ( رئيس الأركان محمد حسني مبارك ، قائد القوات الجوية على بغدادي ، القادة الروس ) و وجدت حسني مبارك يمسك بيدي و يأمرنى بالوقوف عند مدخل الغرفه فى مكان ظاهر جدا .
ثم دخل الرئيس أنور السادات و الجميع إنتباه حتى إتخذ كرسيه و بدأ في حواره بطريقته الجميلة المحببة و في النهاية أشار بانه أحضر هذه الطائرة و طلبها من الإتحاد السوفيتي لضرب المثلث و نظر خلفه فلم يجد خريطة للشرح و قال مفيش خريطه فرد أحد الحضور بأنه سيحضر خريطه بسرعه فرفض و علل بأن الأمر لا يستدعي فهو سيخبرنا بما يريد فجميعكم طيارين تملكون الوعي و المعرفة ، أنا أرغب بضرب أى هدف داخل المثلث من إيلات لبير سبع لحيفا ، أريد ضرب أي هدف و كما قاموا بضرب عمقنا تقوموا بضرب عمقهم بهذه الطائرة و الصواريخ الخاصة بها.
فنظر إلى حسني مبارك و بأشاره يريدنى أن اتكلم فرفعت يدى طالبا الإذن بالتحدث ( بعد إذنك يا أفندم ) و كان الرئيس السادات ما زال واقفاً ممسكاً بعصاه المارشالية مشيراً بها على السبوره بشكل المثلث السابق الحديث عنه ، فطلبت الإذن بالتحدث للمرة الثانية فلم يكن قد سمعني للمره الأولى و كررت مرة اخرى بصوت أعلى عن إذنك يا أفندم ، فنظر إلى و برد تلقائي : نعم يا إبني .
فرددت بأننا لا نستطيع ضرب أي هدف كما أسلفت سيادتك ، و كان أحد المواقف العصيبة التي مررت بها ، و قد أصيب حلقى بالجفاف تماماً ،و أرتفع الأدرينالين في دمي ، و الموقف صعب فأنا أعلن هذا الأمر في حضور عدد كبير من الروس و قاداتهم ، و العديد من افراد القواات المصرية و قيادتها و على راسهم رئيس الأركان و وزير الحربية ،
فرد على الرئيس السادات : ماذا تعني بأنه غير ممكن ؟
فأخبرته بأن الأهداف التي نستطيع إصابتها أهداف لها نوعية محدده و ليست جميع الأهداف التي تتوقعها سيادتك فرد علي : طيب طيب ، سنتحدث سوياً .
و تماسك بطريقة تشير إلى انه لا يوجد ما يستدعي القلق على الإطلاق و إسترسل في حديثه حتى أنهى محاضرته ( ربنا يوفقكم ، و اعدكم بأننا سنحارب ، و سنستعيد حقوقنا و كرامتنا )
و هم ليغادر القاعه و بعد نزوله عن منصة المحاضرات أمسك بيدي : تعالى يا إبني .
خرجنا لممر ضيق متجاورين و هبطنا الدرج و توجهنا إلى الهنجر حيث الطائرة (وهو ممسك بيدى ) و توقف أمام مقدمة الطائرة ( و انا أحب السادات و أحترمه و أحترم عظمته العسكرية ).
و قد لاحظ ما اصابني من هول و أهمية الموقف فبادرني بالسؤال عن عدم تأدية واجب الضيافه معه حتى بكوب شاي ؟؟ و كان طلبه محاولة لإزاله ما اصابني من توتر ، فإرتبكت و كدت أتوجه لطلب الشاي . فرد بأنه عندما يطلب الشاي سيصل حتى مكانه ، و بأنهم سيحضرون كل شئ و بألا أقلق .
أنا فقط أطلب شرب كوباً من الشاي ، و لتظل أنت واقفاً معي ، ماذا كنت تريد ان تقول ؟
يحيط بنا في هذا الوقت كافة القاده أقربهم منا على بعد عشرة أمتار من موقعنا .
[IMG]http://group73historians.com/wp-*******/uploads/2011/06/10-1.jpg[/IMG]
و قد سبق و حذرني حسني مبارك أنه حال لقائي بالفريق صادق سيطلب مني غالباً إخطار الرئيس السادات بالأمر كاملاً و أنت تعلم ان الرئيس السادات لا علم له بعلوم الطيران فيجب أن تركز حديثك و تختصره بحيث تستطيع إيصال المعلومة جيداً من أقصر طريق ، و لهذا أعددت عدد من النقاط و ركزت عليها و إحتفظت بها مرتبة في ذاكرتي و فور سؤال الرئيس ألقيت عليه هذه النقاط المحددة بالتتابع من شرح لنظام الطائرة ، لنظم الرادار ، لنظم الصواريخ ( و سيأتي تباعاً ما نوضح به الصوره كاملة ) و لم يقاطعني بأي سؤال حتى إنتهيت من الشرح.
فنظر إلى رئيس الأركان حسني مبارك و طلب تجهيز غرفة للإجتماع لأنه يرغب فى الأجتماع فورا بكل من / أكبر رتبة من الخبراء الروس / قائد مدرسة التدريس القائمة بتدريب طيارينا الروسى / فسأله هل نجهز مترجم ؟؟ فرفض الرئيس السادات وجود مترجم ، و ينضم للإجتماع الفريق صادق و الرائد أحمد الجواهرجي .
و طلب مني أن أستعرض له الطائرة الموجوده أمامنا ، لقد كان يتحلى بقوة أعصاب فولاذية عجيبه . وقام الرائد طيار طموم قائد ثانى السرب بشرح الطائره و قدراتها و كذلك انواع الصواريخ و مداها و ألأهداف اللتى يمكن أن تتعامل معها بأختصار.
جهزت غرفة متوسطه السعه يتوسطها منضدة و أربعة كراسي .
فتح الباب و دخل الرئيس و كان ممسكاً بيدي و جلس و طلب مني أن أظل واقفا بجواره بينه و بين الفريق صادق وجلس القادة الأربعة تباعاً و كان حسني مبارك و على بغدادي حاضرين الإجتماع وقوفاً أيضاً .
و فجأة دخل علينا فرد من الياوران ليميل على الرئيس السادات و يخبره بأمر ما فإستدرك : أه أه
القذافي سيصل الآن و طلب من علي بغدادي قائد القوات الجويه بالمغادره لإستقبال طائرة القذافي حال وصوله .
و ظللت واقفاً أنا و حسني مبارك و باقي الأفراد جلوساً و بدأ حديثه باللغة الإنجليزية موجهاً للروس .
إن طياري يخبرني بأن هذه الطائرة لا تستطيع ضرب الأهداف التي طلبتها و عليه قمتم بإمدادي بطائرة لا تحقق أهدافي المرجوة .
فرد كبير القادة الروس ( من خبراء وزير الدفاع الروسي ) سيدي الرئيس في الحقيقة الطائرة تقوم بضرب الأهداف المطلوبة و تقوم بكذا و كذا … و بدأ يعدد ما تستطيع القيام به مخالفا لكل ما قلته للرئيس و مغالطا تماما للحقيقه .
فقاطعته و بصوت عال إنه يكذب يا أفندم .
و إستمر القائد الروسي في السرد فكررت بأنه : يا أفندم أنه يقوم بالكذب على سيادتك .
فربت على الرئيس السادات ، و قال لي أنا أعرفهم جيداً جداً ، إطمئن أنا لا أشك في أي كلمة صدرت منك .
و عاد الرئيس السادات موجهاً كلامه للقائد الروسي : هل تفهم ما يقول طياري ؟؟
فرد بانه لا يتحدث العربية فأخبره الرئيس السادات : إنه يقول إنك كاذب ، فطلب من الرئيس السادات أن يكرر ما قال : فرد عليه أنت كاذب .
هاج الرجل مردداً أنا خبير وزير الدفاع الروسي و الرئيس يتهمني بالكذب.
و عاد الرئيس السادات ليسأله كم عدد الصواريخ المتوفرة من كل نوع من نوعي الصواريخ التي تقوم الطائرة بإطلاقهم ، فرد عليه بأنه لا بد أن يراجع قيادته
بالإتحاد السوفيتي و هنا صاح الرئيس السادات …….أنا ألقائد الأعلي للقوات المسلحه و رئيس الجمهوريه و لما أسألك سوال ترد عليه فورا ….وعلى الفور نطق الرجل بعدد الصواريخ المتوفر من كل نوع و هو فى شده الخوف.
و أستمر الرئيس فى أسألته و الرجل يرد بمنتهى السرعه.
و نهض الرئيس السادات منهيا الأجتماع و طلب الجميع بمغادره الغرفه و طلب منى الأنتظار ؟؟؟
و سألني : لماذا يدعي أن هذه الطائرة تستطيع القيام بهذا الدور ؟؟؟
فأخبرته بأنه لتقوم الطائرة بمهاجمه أى هدف مطلوب لا بد أن يتوفر معها الآتى:-
شوشره و أعاقه على رادارات العدو
شوشره و أعاقه على الدفاع الجوى المعادى بالكامل
مقاتلات حراسه مباشره و مرافقه للتشكيل المهاجم
مقاتلات فى مظلات قريبه من التشكيل للتدخل السريع للحمايه
بمعنى أوضح شل كامل للدفاعات الجويه للعدو
و بألطبع كل المطلوب غير متوافر لدينا ( متوافر عند الأتحاد السوفيتى )
فرد : أنا فهمت ، إنهم يكذبون على
و طالبني بأن أرافقه في طريقه للإنصراف و في طريقه قابلنا النقيب طيار مصطفى كامل ، و كان معروفاً بالتدين و كان يقوم بآذان الفجر يومياً بميس الضباط فخرج مهللاً.
يا سيادة الرئيس يا سيادة الرئيس : فرد عليه أيوه يا إبني
فرد بدوره : طول ما إحنا حاطين إيدنا في إيد الكفرة دول ربنا لا يمكن ينصرنا يا أفندم ، دول مشركين بالله ، إنهم عبدة الطاغوت يا أفندم .
فرد عليه الرئيس يا إبني أنا فاهم كويس : هل ترغب في قول شئ أخر ، فرد لا يا أفندم فرد عليه الرئيس : انا فاهم و الله .
و أستقل سيارته و أنا ما زلت أمامه و قال لي ستسمع أخباراً جيدة و ستكون سعيداً . و أعتقد أن هذه الزياره كانت القشة التي قصمت ظهر البعير
الله يرحم الرئيس السادات فقد كان رجلا عظيما .
بعدها بحوالي خمسة عشريوم تقريبا قام الرئيس بطرد الخبراء السوفييت من مصر و لكنه أمر ببقاء المدرسين اللذين يقومون بتدريبنا على الطائرات لحين أنتهاء الفرقه .
فى أواخر 1972 أنتهت فرقه التدريب و غادر اللواء الروسى و تبقى منهم ( بناء على طلبنا ) قائد المدرسه ( طيار ) و معه 2 من الخبراء كل متخصص فى نوع من الصواريخ.
فالصاروخ K11 صاروخ مضاد لمحطات الرادار.
و الصاروخ K16 مضاد للدشم و الأهداف الصلبه يعمل بنظريه أختلاف التباين على الردار فيتم إستخدامه لضرب المباني أو السفن أو الكباري أو المطارات أوتجمعات المدرعات لو كانت فى العراء ؟
و يبلغ طول الصاروخ 6 أمتار بإرتفاع 1.5 متر تقريبا و له محرك صاروخي مكون من غرفة إحتراق يخلط بها الإكسجين السائل و النيتروجلسرين ليتم حرقهما سويا لتحقيق الدفع المطلوب وسرعته لا تتعدي 700 كلم على أقصى تقدير .
و تكوينهما كالتالي : رأس حربية TNT 3 طن ثم خزاني الأكسجين السائل و النيترو جلسرين السائل ثم المحرك الصاروخى ثم منطقة الذيل .
و تبلغ القوة التفجيرية للصاروخ 3 طن لكن مع إضافة مواد الإحتراق إذا تم توفيرها فقد تصل القوة التفجيرية إلى ما يقارب الـ 5 طن ، و توضيحا لهذه النقطه فإن إطلاق الصاروخ من نقطة أقصى مدى له سيعمل على إحتراق كامل مواد الإحتراق و بالتالي تكون قوته محدوده بقوة الرأس الحربية 3 طن ، و كلما إقتربنا من الهدف يتم توفير تلك المواد لعدم إحتراقها بالكامل فيزيد ذلك من القوة التفجيرية و تزيد قوة تأثيره .
تكمن خطورة هذة الأنواع من الصواريخ في وجود النيتروجلسرين السائل الذي من خصائصه شدية الخطوره .لأنه ماده شديدة الإنفجار تنفجر تلقائيا في حالتين إما إرتفاع درجة حرارته فوق الـ 40 درجة أو تعرضه للإهتزاز أو الإرتجاج
الشديد أيضاً .
و لك ان تتخيل ما تتعرض له طائرة مثل TU16 في الإقلاع و الهبوط من أهتزازات
لذا لابد من تفادى أي أهتزازات شديده أثناء ألأقلاع ، هذا بخلاف أنه في حالة عدم إطلاق الصاروخ فيمنع تماماً الهبوط به و طبقاً لما هو موصى به في كتيب الطائرة و يخصص مكان آمن للتخلص من الصواريخ .
في عام 1973 و خلال حرب أكتوبر هبط به العديد من طيارينا بالصواريخ الحيه
مع خطوره ذلك و بسبب قله عدد الصواريخ المتوفره ، و لكني لم أختبر هذه الخبره بنفسي ، و بحمد الله و توفيقه و رعايته لم تحدث أية حوادث البتة نتيجة ذلك .
6 أكتوبر 1973
كنت ضابط إستطلاع السرب برتبة رائد طيار ، و لي غرفة مستقلة بها عدة خرائط محدد عليها الأهداف المحتملة و صور جوية لها ، و سابدا معكم في سرد الأحداث .
يوم الخميس 4 أكتوبر 1973 الساعه 11 صباحا
مكالمة من برج المراقبة تبلغني بإقلاع طائرة أليوشن 14 من مطار الماظة متوجهه إلينا و على متنها اللواء طيار حسني مبارك قائد القوات الجوية – مطلوب من سيادتك إستقباله على الأرض – الوصول بعد 10 دقائق .
إستعجبت من ذلك الأمر فترتيبي رقم 5 في قادة السرب ، و الأمر الطبيعي أن مثل هذه المقابله تكون مع قائد السرب ، فما الذي يستدعي طلبه لي تحديداً بل و مجيئه بنفسه ، فساورتني الظنون بأن والدي قد وافته المنيه ، و قد كان قائدا لحسني مبارك و رئيس لشعبة العمليات . و أثناء حرب اليمن كانت قنوات الإتصال بينهم مفتوحه دائماً لمتابعة سير العمليات ، و قد كان محباً لوالدي و يوده فخرجت لإستقباله لأجد في إنتظاره العميد طيار حسام البشاري قائد قاعدة غرب القاهره ” و هو شخصية محترمة جداً “
– هبطت الطائرة و ما ان توقفت و نزل منها و أدينا التحية العسكرية إلا ان طلب مني أن أتبعه و توجه من فوره لداخل القاعدة فقد كان يعرفها جيداً منذ كان قائداً لها و كانت وجهته مكتب قائد القاعده و به طاولة إجتماعات في المنتصف فجلس عليها و طلب مني الجلوس و طلب من حسام أن يتركنا وحدنا – قام بإغلاق الباب و سالني : هل انت صائم ؟ فأجبته بنعم ، فطلب مني ان أفطر ، و قد كان متبعاً فيما سبق إذا ما كان هناك طلعات في رمضان فكان القائد يطلب منا أن نفطر ، و كنت اوافق فيعطينا قطع من الحلوى و يتأكد من اننا وضعناها في فمنا و كنت ألفظها فور إنصرافه لأكمل صيامي ، أما هذه المرة فالأمر كان مختلفاً ، و بطريقة تختلف عن أي مرة سابقه ، فأجبته بالتنفيذ ، فأمرني أن أطلب كوباً من الشاي فطلبته ، و جلست ، و ما زال صامتاً لمدة دقيقتين أو ثلاثة فتأكد حدثي بأن والدي قد أصابه مكروه لا محاله – يلف أرجاء المكتب حاله من الصمت الرهيب و المهيب – و صل الساعي حاملا كوب الشاي الذي طلبته ، فطلب مني ان أشربه ، فأخذت رشفة فبادرني بالسؤال : هل تعلم أين يقع مركز القيادة و السيطرة الإسرائيلي فى سيناء؟؟؟ فأجبته بعلمي به ” نعم أعلم ” موجود في أم مرجم .
( هناك خلط بين عدد غير قليل من المتحدثين عن الحرب فالبعض يقول بأن مركز القيادة و السيطره الإسرائيلي متواجد في أم مرجم و البعض الآخر يقول بأنه متواجد في أم خشيب و هنا وجب أن أوضح بأن مركز القياده و السيطره فى أم مرجم أما المركز المتواجد بأم خشيب فكان مركز الإعاقه و الشوشره – و سبب إختلاط الأمر في كونه جبل واحد به تبتين ) .
فأخبرني بأن يوم 6 اكتوبر ستقوم القوات المسلحه بكامل أسلحتها بعمل عسكرى ضد كل الأهداف اللتى فى مرمى قواتنا و سيتلوها عبور قناه السويس وسيتم مهاجمه كامل الأهداف المحتملة بسيناء بكافة طائرات القوات الجوية في أقصى مدي متاح لها ، سيتلوا ضربه الطيران ضربة للمدفعيه بطول الجبهه
و سيليها عبور للقناة – ضربة كامله – حمدت الله بأن والدى بخير – و إنصب تركيزي بالكامل في إتجاه العمليات المنتظره – صمت لعده دقائق ثم قال أنت طبعا عارف أهميه مركز القيادة و السيطرة ؟؟؟ فأجبته بأنني أعي ذلك تماماً – فقال لي : ضرورى لنجاح الهجوم أن يتم تدميره تماما ، و قد إخترتك أنت لتقوم بمهاجمته و رديت عليه : حاضر يأ أفندم ، و عندها قام بتنبيهي بانني غير مسموح لي بأن أعود بخبر عدم تدميره و بنص الحوار.
” ما ترجعش تقولي ده ما إنضربش ، لو حصل إنك رجعت و قلت ده ما إنضربش هتاخد صاروخين تانيين و ترجع تضربه في ظروف لا يعلمها إلا الله “
فلا يوجد أدنى إحتمال لعدم تدمير هذا الهدف – فأجبته إن شاء الله حاضر يا افندم ، و هنا بادرني بأسئلة اخرى : كيف ستنفذ العمليه ؟ فأجبت بأنني بعد الإقلاع سأطير على إرتفاع منخفض 100 متر و أتجه الى اليمين في إتجاه الهدف ……فقاطعنى … لا : بعد الإقلاع تتجه لوادي النطرون كتمويه بعمليه ضرب بالذخيره الحيه على التبه خوفاً من وجود أي رصد لحركة الطيران حول المطار و بعد الوصول للتبه تقوم بتعديل مسارك بإتجاه أم مرجم مباشرة على إرتفاع لا يتعدي 100 م لتضرب و تعود مباشرة ، في أثناء الإتجاه للهدف تقوم بحساب النقطة التي سترتفع فيها متسلقاً لأتخاذ الإرتفاع المناسب لوضعية إطلاق الصواريخ : و عاد ليسألني : كم الإرتفاع الذي سأصل إليه ؟ فأجبته 4 كلم يا أفندم ، و كم ستكون سرعتك ؟ فأجبت 400 كلم ، فتساءل إن كنت أستطيع زياده السرعة ؟ فأجبته بأنني لن أستطيع فإطلاق الصاروخ يتطلب أن تكون سرعتي بين 400 ألى 450 و لذا فسوف أكون على إرتفاع 4000 متر بسرعه 400 كم– فعاد ليسألني عن المدى الذي ساطلق منه ؟ فأجبت بأن أقصى مدى للصاروخ 120 كلم و أدنى مدى 60 كلم– ليعود فيسأل : ما المدة التي ستظهر فيها على الرادار المعادى ؟ فأجبت حوال 12 دقيقة من ساعه بدء التسلق حتى اطلاق الصواريخ. ثم عاود السؤال مطلوب كام صاروخ لتدمير الهدف ؟؟ فأجبت لابد من أطلاق 4 صواريخ لضمان 2 أصابه مباشره حيث أن مركز القياده مدافع عنه بعدد 3 موقع صواريخ هوك و مدفعيه 40 مم (أربع مواسير ) موجه بالرادار و سوف تتعامل مع الصواريخ ومماسبق مطلوب تنفيذ الطلعه بعدد 2 طائره.
سألنى :-
عندك أى أسأله لضمان تنفيذ العمليه بنجاح؟؟؟
وكان ردى ببساطه شديده و كأنه أمر مؤكد …أين سيتم لقائى بطائرات الحراسه من المقاتلات ؟؟؟؟؟؟
فأجاب….. مفيش طائرات حراسه…معنديش طائرات متوفره لحراستك ؟؟؟؟؟؟؟؟
وفى الحقيقه نزل هذا الرد عليا كألصاعقه و قلت …يافندم
1 – طائرة TU16 بطول 32 متر و عرض 32 متر.
2 – تطير على إرتفاع 4000 متر بسرعة 400 كم/ساعه
3 – رصد رادارات العدو لنا لمده تصل إلى 12 دقيقه
4- الإتجاه في مسار ثابت فى أتجاه مركز القيادة و السيطره الرئيسى للعدو
و موش طياره واحده دول أثنين و كل طياره شايله طائرتين مج 15
يافندم حنبان على الرادارات شرطه 3 سم يعنى صرصار ماشى على شاشه الرادار ؟؟؟حنكون هدف سهل جدا أصابته و خصوصا و أن كل موقع هوك
عنده عدد 3 لونشر (حماله صواريخ ) كل منها عليه 3 صواريخ زى ماسيادتك عارف ؟؟؟!!!! و حندخل فى مرمى 2موقع متداخلين..لمده لاتقل عن 5 دقائق؟؟
وسكت عن الكلام !!!!! و تابعت كلامى ….ظهورى على الرادار 12 دقيقه كافيه لأبلاغ مطار العريش لأقلاع طائرات مقاتلات لأعتراضى و منعى من تنفيذ المهمه …..12 دقيقه يافندم ؟؟؟؟؟ و صمتت !!!
فأعاد رده لا يوجد عندي طائرات ، هناك طائرات مظلات جويه ستكون موجودة و لو حدث أي شئ سيتم توجيهها لمعاونتكم .
فأجبت أنه بهذا السيناريو من المحتم سيتم ضرب طائرتي أو تدميرها إما بالصواريخ أو المقاتلات ، فآخر 120 كم في إتجاه الهدف سأكون داخل نطاق قاعدتين لإطلاق الهوك و نسبة إصابة الهوك للـ TU16 على هذا الإرتفاع و بمثل هذه السرعة مليون في المائة إصابة مباشره و ليس 100 % ؟؟؟؟
فطلبت طلباً آخربألتأكد من ضرب مواقع صواريخ الهوك لأتمكن من التنفيذ و أجابني بأن القاذفات المقاتله ستقوم بالدور!! فعدت لأستفسر منه بأنه من المعلوم أن القاذفات المقاتلة عند ضربها لمواقع الهوك يكون هدفها محطه الرادار الموجه للصواريخ أو مركز القيادة و لكنها لا تضرب منصات إطلاق الصواريخ و يتواجد هناك مركز قيادة و رادار موجه و 3 منصات إطلاق تحمل كل منصه 3 صواريخ ، و من الضرورى ضرب منصات إطلاق الصواريخ لأن أي صاروخ سيخرج منها موجه و بدون رادار قد يصيبني فأخبرني بأنه سيتم التنبيه عليهم ،
و تابعت بأنه أحتمال مهاجمتى وأصابتى و أنا فى طريقى الى الهدف أو أثناء العوده إما سيتم إصابتي بصاروخ أو ستهاجمني المقاتلات الإسرائيلية ففي حالة تمكنت من العوده و الطائره مصابه لمطار غرب القاهرة فقد أحتاج لعمل هبوط إضطراري و قد يستتبع ذلك إغلاق المطار، فأخبرني بأن هذا الأمر وارد و عليه يتم الهبوط فى مطار آخر فذكرت مطار جناكليس فرفض و قال فبه لواء طائرات ميج 21 فذكرت مطار بني سويف ورد بالرفض ، ثم سكت لبرهه و قال ” أنزل فى القاهره الدولى لأنه موش فى الخطه و غلق الدولى لا يشكل أى مشكله ” فقلت ..حاضر يافندم ..فقال” ألأمر مش بالسهوله التي تتصورها فأنت لن تكون مؤمناً عند دخولك مرمى الدفاع الجوى بكل أنواعه وأنت تدخل مجال ألقاهره لأنه ليس فى خطه التأمين مرورك فوق القاهرة ،، و إسترسل ” سوف أحاول تأمين مرورك و سأرسل لك من يبلغك قبل الطلعه أذا كان مرورك مؤمن أم لا ، و فى حاله عدم تأمينك و هو الأحتمال الغالب يبقى أرتفاعك لا يذيد عن 50 متر هرباً من دفاع جوي القاهرة لأنه سيفتح عليك نيرانه بالكامل “.ورديت – تمام يا أفندم .
فأضاف : لا أريد أن يراك أي من كان . ورددت حاضر يا أفندم
و انهى اللقاء بطلب خريطة مصغرة مرسوم بخط يدي عليها المسار الملاحي للمهمة و بالتوقيتات المحدده بالتنفيذ لأنها ستكون أمامه بغرفة العمليات ليعرف منها موقعي كل دقيقه متابعاً للمهمه و نتائجها و تبعاتها –
حاضر يا أفندم
إنصرف و توجهت لغرفتي و تناولت وجبة الغداء و جلست وحدي فقد إنصرف الجميع ، فإستخرجت خريطة و أستدعيت ملاحى الرائد حسين جاد المولى و أخبرته بالمهمه و أعددنا الخريطه المطلوبه و بألحسابات اللازمه أتضح أن الأقلاع سيكون فى تمام الساعه 1320 ( أى الواحده و الثلث ظهرا ).
لتكون أول شرارة في حرب أكتوبر 1973
إنتهيت من إعداد الخريطة و وضعتها بظرف أغلقتة بالشمع الأحمر و تم ختمه رسمياً بخاتم النسر و قمت بخياطته كما هو متبع ، و توجهت لرؤوف حلمي قائد السرب لأبلغه بكامل التكليف المنوط بى و انني سأتحرك بالجيب مع السائق متوجهاً لقائد القوات لتسليم ما طلبه ، و كانت الساعه حوالي الساعه السابعة مساءاً فقابلني هناك نوبتجى مكتب قائد القوات برتبة رائد فني – فأبلغته بأنه معي مظروف سري للغايه يجب تسليمه للقائد حسني مبارك ، فطلب مني أن يقوم بإستلامه لتسجيله بالسركي ، فرفضت ، و تعجب هو من الأمر حيث أنه يقوم بالإجراء المتبع طبيعياً ، فطلبت منه محادثة القائد – فهل تعتقد بعد ما مر على من أحداث هذا اليوم أن أسلم مثل هذه الأوراق لأي فرد أياً كان بخلاف قائد القوات ؟ فرفض أن أحادثه لوجوده بالمنزل فأصررت على طلبي و طلبت منه أن يطلبه هاتفياً ، فرفض و طلب مني أن أطلبه بنفسي و أحضر الهاتف الخاص و طلبه و أعطاني السماعه لأتكلم ، و رد على فعرفته بنفسي ” رائد أحمد الجواهرجي يا أفندم … خير يا أحمد … يا أفندم أنا جهزت الطلب …فأخبرني ان أسلمه للضابط النوبتجى … يا أفندم يعني الموضوع اللي حضرتك كلفتني بيه …..فاهم يا أحمد ، سلمه له ، فهو لا يفهم و لا يعلم شئ عن الأمر ، ألم تغلق المظروف و تؤمنه و توثقه كسري للغاية و ختمته.؟.. تمام يا أفندم .. سلمه له يا أحمد هو لا يعرف أي شئ ” .
سلمت الخطاب و وقع عليه بالإستلام ، و فكرت بأن امر لأري أطفالي فإبنتي الكبرى كانت تبلغ من العمر 4 اعوام و الصغرى 9 أشهر و كان من أصعب المواقف التي خبرتها بحياتي كلها ….
فقد دخلت المنزل في التاسعة مساءاً مما دعا زوجتي إلى الريبة فأخبرتها بأنني أرغب في رؤية الأولاد فقالت أنا مصدقت أنهم ناموا و لم يمضي على نومهم الكثير بلاش تصحيهم و أنت أجازتك يوم السبت كلها يومين ؟؟ لا كني صممت ، فأخبرتها بأنني كنت في مهمه عند قائد القوات و فكرت بالمرور للإطمئنان عليهم قبل عودتي لا أكثر ، و دخلت لأطفالي و قبلتهما و مضيت و أنا أستشعر أنها المرة الأخيرة التي سأراهم فيها !!!!! و طلبت منها البقاء فى منزل حماتى علشان أحتمال ما أنزلش أجازه لظروف المناورات ؟؟؟!!!.
توجهت لمطار غرب القاهرة و جافاني النوم يومها حتى الصباح تراودني المشاعر بأنني قد أستشهد أو أصاب و تتلاعب بي كافة المشاعر و الأحلام التي من الممكن أن تتخيلها أو لا تتخيلها .
ألجمعه 5 أكتوبر
الساعة الثامنة صباحاً كنت بالسرب أعمل على تجهيز الطائرات ، و قمنا بإخطار القاعدة باننا سندخل في مناورة بالذخيرة الحية و وجهتنا الضرب على التبه فى وادي النطرون .
أمضينا النهار في تجهيز الطائرات ، و تأكدنا من تمام التجهيز ، ثم طلبنا من الروس عمل مراجعة لما قمنا به ، فقاموا بها و كانوا يؤدون عملهم بصورة رائعة ، دخلت إلى سريري في الثامنة مساءاً لأصحوا في التاسعة صباحاً . و لم أكن قد نمت يوم الخميس لأنام يوم الجمعة كما لم انام في حياتي .
يوم ألسبت 6 أكتوبر 1973
قد كان نومي عميقاً و هادئأ جميلاً ، لأنهض ، و أدخل فأستحم و أتوضأ ، و أصلي ركعتين و البس أفرول طيران جديد مهيئاً نفسي تماماً .
توجهت الى غرفة التلقين ، لم يكن أحداً من الطيارين يعلم إطلاقاً طبيعة المهمة بخلافي و قائد السرب ، كانت الساعه قد قاربت العاشرة صباحاً .
بدأ التلقين و كان كلآتى: -
سيقوم السرب اليوم بعدد 7 طائرات بمهاجمه أهداف محدده داخل سيناء
ألأهداف هى:-
1- منطقه تمركز مدفعيه و مدرعات فى منطقه البالوظه ( شمال سيناء )
بتشكيل من طائرتين و الصواريخ k16 قياده مقدم / رؤف حلمى
2- مركز القياده و السيطره فى أم مرجم بتشكيل من طائرتين و الصواريخ k11 بقياده الرائد الجواهرجى
3- رادار فى منطقه راس سدر بطائره واحده و صواريخ k11 بقياده الرائد فاضل فتحى
4-رادار فى منطقه أم مخسه و صواريخ k11 بقياده الرائد جورج الجاولى
5- منطقه شؤن أداريه فى بئر العبد و صواريخ k16 بقياده الرائد محمد كريدى والمقدم محمد طموم فى غرفه العمليلت
وهنا لا بد أن أذكر واقعتين فى غايه الأهميه و تدل كل منها على بطوله و معدن المقاتل المصرى .
1- عندما ذكر أسماء الطاقم الخاص بى حدد الملاح الثانى و المسؤل عن تجهيز الصواريخ و كان من طاقم آخر غير طاقمى ؟؟؟؟
و بمجرد عدم ذكر أسمه قام النقيب ملاح على حجاج و قاطعه بأنه هو طاقم الرائد الجواهرجى و لابد أن يقوم هو بالطلعه….رد عليه قائد السرب بأن سبب تغييره بأنه معافى من الطيران من القومسيون الطبى لأصابته بأنزلاق غضروفى ؟؟؟؟؟ فقال أنا عارف ولازم أطلع مع طاقمى ؟؟؟؟ كان رده بصوره قاطعه لا تقبل المناقشه . ولا كن رؤوف أستمر …..لو أستخدمت الكرسى القاذف سوف تموت….فقال …أنا فاهم كويس العواقب ؟؟؟؟ يا إلهي على الشجاعه !!!.
2- بعد أنتهاء رؤف حلمى من التلقين و حدد تواجد قائد ثانى السرب الرائد محمد طموم ( حسب التعليمات ) هب طموم واقفا و قال بالحرف الواحد ” يارؤوف أول مره القاذفات تقوم بعمليات فعليه و أنا فى غرفه العمليات شيئ غير ممكن على الأطلاق أنا لازم أشارك” ….رد روؤف “أنت عارف التعليمات “
فقال طموم ” لو حدث ذلك سوف أغادر القاعده و أتوجه الى الصحراء و أستمر فى السير حتى أموت “.……يالها من شجاعه !!!!.
وتأزم الموقف مما جعل روؤف يقول له “ أطلع مع الجواهرجى قائد للتشكيل لمهاجمه مركز القياده و السيطره “
و عين الرائد يوسف رحمى فى غرفه العمليات و الرائد أحمد مصطفى فى برج المراقبه
و كان طاقمى فى هذه الطلعه :-
الرائد طيارأحمد الجواهرجي قائد الطائره
النقيب طيار سعيد الغرباوي مساعد طيار
النقيب ملاح حسين جاد المولى ملاح اول
النقيب ملاح علي حجاج ملاح ثانى – ا لمختص بتصويب الصواريخ
المساعد عبد الباقى مدفعجى
المساعد هجرس لاسلكى
مبنى السرب تقريبا أمام مكتب قائد القاعدة العميد طيار/ حسام البشاري و لم يكن على علم بما هو جارى ، ففور إنتهاء أعمالنا ، دخلت عليه و اديت التحيه العسكرية فرحب بي وقمت بوضع ورقة على مكتبه ليقوم بفتحها و يكتشف انها وصيتي و سلمته مفاتيح سيارتي و أوصيته بأولادي فتوتر الرجل و طالبني بألا أبشر سوءاً على نفسي ، فعرضت عليه الموقف و المهمة المنوطة بي و خطورتها ، فودعني قائلاً لا إله إلا الله ورديت محمد رسول الله وودعته و إنصرفت .
في نفس الوقت تم إرسال إثنان من الطيارين الغير مكلفين بعمليات يومها ، توجه احدهم لباب القاعدة لعدم دخول أو خروج أي فرد أو سياره بحجة وصول رئيس الجمهوريه متوجها في طلعه سرية و مقلعاً من قاعدتنا ، و الآ خر توجه لغرفة التليفونات لمنع أيه مكالمات ترد او تطلب بحجة عطل الخطوط
توجهت الى الطائره وهى واقفه داخل دروه لحمايتها و الصواريخ معلقه أسفل الأجنحه و شكلها يفرح . بمجرد اقترابى منها جائنى المساعد تلاوى و كان قائد الطاقم الأرضى و أدى التحيه و بدأ بالمرور معى على الطائره
و عند وصولى عند الصاروخ و جدت نفسى و بدون اى تفكير مسبق أنظر أليه لأجد معه قلم فى جيب الأفرول !!! و أخذت القلم و كتبت على الصاروخ
” بسم الله الرحمن الرحيم “
” و ما رميت إذ رميت و لكن الله رمى “
فنظر لي متعجباً و سأل عن سبب ما كتبت فأخبرته حينها أننا سنضرب به إسرائيل
فما كان منه إلا أن اخذني ليضمني في حضنه بقوه كاد ان يهشمني فيها
يا أفندم – ربنا يخليك – إنت بتتكلم جد ؟– هتروح تضرب إسرائيل ؟
فقلت له نعم هأروح أضرب إسرائيل . أنها الحرب.
و طلبت منه أن يصعد إلى الطائرة ليفك تيل السويتشات و انا أتفقد الطائرة ، فتيل السويتشات لا يتم فكها إلا في حالة الضرب بالذخيرة الحيه ، و في أثناء تفقدي للصاروخ الأيسر وجدته يهلل فرحاً الرائد أحمد هيضرب إسرائيل ، فأصبح الطاقم بالكامل كخلية النحل في التجهيز للعمليه . و كررت نفس الكتابه على الصاروخ اللآخر .
صعدنا إلى الطائرة و أدرت المحركات و تحركنا لبداية ممر الإقلاع و بعد ألأقلاع توجهنا لوادي النطرون – التبه – على أرتفاع منخفض 100 متر ثم الدوران فى أتجاه الهدف حسب خط السير و التوقيت المحدد تتملكني السكينة مع التأهب مركزاً بكل حواسي لإكتشاف أي مصدر قد يمثل خطراً على مهمتنا و قد إتسعت مقلة عيني عن اخرها لأستطلع كل ما أمامي و عقلي يعمل بكامل تركيزه على التنفيذ . الى أن وصلنا الى نقطه التسلق و عند الصول الى ارتفاع 2000 متر بدأ دخولنا فى مدى الكشف الرادارى للعدو . و أكملنا التسلق الى أرتفاع 4 كم
و بعد ها الحفاظ على هذا الأرتفاع و السرعه 450 كم/س . سألت الملاح الثانى علي : هل يظهر الهدف على الرادار ؟ لا يا أفندم .
دقيقه أخري من الإستمرار على المسار
لأعيد السؤال – علي : هل يظهر الهدف على الرادار ؟ لا يا أفندم – لا يظهر شئ .
كيف لا يظهر ؟ فرد بأنه لا يظهر أمامه لأنهم لم يشغلوا راداراتهم بعد فلا توجد إشارة لإلتقاط ترددها .
كيف يحدث هذا ؟ فرد بأن انظر إلى الرادار الخاص بإطلاق الصواريخ لأجده لا يسجل شيئاً إطلاقاً
كيف يحدث هذا ؟ ما الذي يحدث ؟ أنا الآن في مدي 170 : 180 كلم و لم يظهر شئ حتى اللحظة
فور وصولنا لمدى 120 كلم أعيد السؤال – علي : هل يظهر الهدف على الرادار ؟ أيوه يا أفندم – الرادار يعمل .
ما الذي حدث لكي يقوم العدو بتشغيل الرادار الآن ؟! لقد كانوا مغلقين راداراتهم و كاد ذلك أن يؤدي بنا إلى الفشل ، فلم يراودني الشك أطلاقاً بأن الله معنا ، فخمس دقائق أخرى كانت كفيلة لخروجي من مدى إطلاق صواريخي و كانت تهدد العمليه بالكامل و يتغير السيناريو المعد . ولا يوجد أى تفسير سوى قول ألحق
” فأغشيناهم فهم لا يبصرون “
طلبت من علي توجيه الصواريخ على الهدف ، فنفذ الأمر و اخبرني بان الصاروخ الأيمن مصوب على الهدف و الصاروخ الأيسر أيضاً مصوب على الهدف و مستعد للأطلاق و أرى الطائرة الثانية جيداً ، و لو تمكنا من إطلاق صواريخنا في نفس التوقيت فلا يوجد ما هو أفضل من ذلك .
أطلقنا الصواريخ ، و كانت متناغمه بفارق عده ثوان تقريباً ، فكل منا اطلق الصاروخ الأول له في نفس التوقيت و نراها تنطلق مسرعه في إتجاه الهدف في صورة جميلة و مميزة و مفرحة .
قمنا بتعديل وضعيه الطائرات بعد إطلاق الصواريخ و ما يؤدي إليه ميل حاد نتيجة عملية الإطلاق و إتخذنا وضعيه إطلاق الصاروخ الثاني لكل منا ، لنطلق صواريخنا بنفس التناغم السابق .
و ما أن إنطلق الصاروخ الثاني و أصبحت الصواريخ الأربعه في طريقها للهدف لننفصل من وضع التشكيل، و نناور بالإنحراف بشدة مع فقد الأرتفاع حيث كنا قد وصلنا إلى فوق أبو صوير …..وأطلاق صاروخ أرض جو من العدو سيكون قاتلاً و نحن على هذا الأرتفاع… لنتم المناورة….. و أصل ألى إرتفاع 100 متر فوق سطح الأرض متوجهاً لغرب القاهرة ، و قد حذرني العميد أحمد عرفه مسبقاً ( قبل الأقلاع ) من عدم وجود أي حماية لي و لم يتم تأمينى من الدفاع الجوى المصرى فوق القاهره و أوصاني بالطيران على أدنى إرتفاع ممكن في طريق العودة ، و بالفعل ما ان إقتربت من غرب القاهرة إلا و نزلت
لأرتفاع 30 : 40 متر على أقصى تقدير متجه الى أهرامات الجيزة على أرتفاع اوطى من الهرم الأكبر و منه الى الطيران فوق شارع الهرم ، و من ثم كوبري الجامعة ،
سألنى مساعد الطيار حنشوف الممر … أزاى … مع تركيزى الشديد قلت له حنشوفه …. و عند كوبرى الجامعه بدأت أخفض عجل الطائره … ثم الطيران فوق شارع صلاح سالم و أنا على أرتفاع أقل من 50 متر ( أرتفاع عماره من 10 أدوار) بادرنى الملاح ألأول بألسؤال… حنشوف الممر أزاى ..؟…قلت له….يا حسين أحنا ماشيين فوق الشارع و فى آخر صلاح سالم مهبط 05 فى القاهره الدولى . لنهبط بالمطار دون أن يرانى برج المراقبه ، و أخرج من ممر الهبوط الخاص بالمطار للتوجة للممرات الجانبية ، و عندها يكتشف وجودى برج المراقبه ليصعقه ما رأى ، فلم يكن قد رآنى قبل هذه اللحظة ، ليتصل بى لا سلكيا و بحده ليقول : الطائرة TU16 أللى على أرض مطار القاهرة الدولي – سيادتك يا افندم مخالف للتعليمات .
و كان ردي المباشر عليه : أغلق جهاز الإتصال نحن في حالة حرب……!!!
فطلب أن أكرر ما قلت، و كنت حينها أمر بجوار طائرتين اليوشن من الأتحاد السوفيتى يصعد على متنها باقى الروس الموجودين فى مصر .
فأخبرته مرة أخرى : بأننا في حالة حرب و ليقطع الإتصال فرد : تمام ياافندم – حمدا لله على السلامة
توجهت في الممرات الداخلية إلى قاعدة شرق القاهرة الملاصقة لمطار القاهرة الدولي , و كانت قوة القاعدة من طائرات الأنتينوف ، لأتوقف بطائرتي أمام باب السرب ، فأنا لا أعلم أين أذهب بالطائرة الى أن خرج مقدم طيار أتذكر أسمه مصطفى و من خلال الإشارات أوضحت له بانني لا اعلم أين أتوقف فطلب إلى أن أتبعه حتى اوصلني لمكان ما و توقفت به .
أوقفت المحركات , و أصاب الصمت و السكون الطاقم بالكامل ، و لم أتحرك بعدها لعده دقائق …. ثم نزلت من الطائرة و توجهت له فسألني عن سبب هبوطي عندهم بمثل هذه الصورة ، فأخبرته بأن ينظر إلى جناح الطائرة ،
حيث كانت تتدللي منه السلاسل الخاصه بتأمين الصواريخ ( تبقى معلقه فى منصه أطلاق الصاروخ ) وتدل على أطلاقها … لأخبره بأن الهجوم الشامل على أسرائيل فى سيناء قد بدأ و بكل التشكيلات القتاليه فى القوات المسلحه
فكانت الفرحة العارمة التي شملتنا جميعاَ .
أصابت الأربعة صواريخ مركز القياده و السيطره بدقة تامه ، و ما أكد لنا ذلك أن إشارات الموقع قد إنقطعت عن الرادار ، ما يعني أن راداراتهم قد إطفأت تماماً مؤكدة تدمير الموقع .
وزياده فى التأكد من نجاح العمليه تم أرسال طائرات الإستطلاع لتؤكد نجاح تنفيذ المهمة ..وبالصور الجويه.
و تصلني رسالة على التلكس من غرفه عمليات القوات الجويه الى غرف عملياتنا تؤكد تمام المهمة ، و كان مضمونها : تم تدمير مركز القيادة و السيطرة في أم مرجم – تم تدمير 8 طائرات بمطار المليز ..
و بالطبع أحتفظ بها ، و قد كانت أول نتيجة تصدر للإستطلاع مؤيدة بالتصوير الجوي.
من الضرورى أن أتقدم بخالص الشكر الى زوجتى الحبيبه على تحملها مسؤليه تربيه بناتى و الحفاظ على عائلتى و لمده سته سنوات كامله كنت مشغولا فيها
با لتدريب و رفع الكفائه القتاليه و خاصه فى سن أطفالنا بين السنه و الست سنوات و هم أحوج ما يكونوا لتواجد رب الأسره!!!! فمساهمتها فى الحفاظ على العائله و على بناتى لا تقل عما قمت به خلال الحرب و أنتصارنا.
لواء طيار / أحمد صادق الجواهرجى
صوره لسياده اللواء مع فريق عمل المجموعه 73 مؤرخين
[IMG]http://group73historians.com/wp-*******/uploads/2011/10/Photo044.jpg[/IMG]