يعتبر الطفل وما يصدر عنه من ألفاظ وتصرفات نتاجاً للبيئة الاجتماعية التي يعيشها وانعكاساً للوسط الذي تربى وترعرع فيه.
وقد تصدر من الطفل بعض الألفاظ التي قد تكون غريبة على الأسرة، مصدرها الرفاق والمحيطون أو وسائل الإعلام، الأمر الذي يشعر الأسرة بالصدمة والإحباط من هذه الألفاظ لما تشكله من تهديد على تربية الطفل وتصرفاته.
فكيف تتعامل الأسرة مع هذه الألفاظ؟ وكيف تتخذ إجراءات وقائية للطفل تحول دون اكتسابه لها؟ عندما يبدأ الطفل بتلفظ كلمات نابية محرجة، تنم عن وقاحة وسخرية وبذاءة.. ينشأ لدى الوالدين شعور بالأسف والألم تجاه هذا السلوك غير الواعي الذي يقلد به الآخرين، حيث لا بد من معالجة هذه الألفاظ وعدم تجاهلها، لذلك كان لزاما على الوالدين مراقبة عملية احتكاك الطفل ابتداء بعلاقاته الإنسانية واللغة المتداولة بين من يختلطون بالأسرة عمومًا وبالطفل خصوصاً، ومراقبة البرامج الإعلامية التي يستمع إليها ويتابعها، والأهم من ذلك اللغة المستعملة بين الوالدين تجاه أبنائهما وفيما بينهما.
إن الاجراءات الوقائية التي تحول دون ظهور هذا التصرف ترتكز على المعاملة الايجابية للطفل ومخاطبته باللغة التي نحب أن نخاطب بها، وأن نكون كوالدين نموذجاً في استخدام الألفاظ الايجابية أولاً والتي سيكتسبها طفلنا منا بشكل تلقائي، وخاصة عند تعاملنا مع بعضنا بعضاً، وقبل الحكم على الطفل لا بد من التأكد من أن اللفظ الذي قاله فعلاً غير لائق، حتى لا تنجم عنه ردة معاكسة وألفاظ أشد حدة.. فمثلاً لو نطق بكلام وهو يصيح، أو يبكي، أو يعبر عن رفضه ومعارضته كقوله: “لا أريد لماذا تمنعونني” “لماذا أنا بالذات” وهذه كلها كلمات تعبر عن “رأي” وليس تلفظًا غير لائق.
ولمعالجة هذه المشكلة:
* تجاهل بعض الألفاظ: حاول إهمال بعض الألفاظ التي يقوم بها الطفل وتظاهر بعدم سماعها ما دامت لا تؤثر في الوضع الأسري العام، حتى لا يكون التفاتك واهتمامك بها حافزاً للطفل على تكرارها، فقد يكون هدفه من ورائها هو لفت الانتباه أو تحقيق الاستفزاز للوالدين، أو اللعب والمتعة بالمبارزة بهذه الألفاظ التي اكتشفها الطفل حديثاً.
* التركيز على الألفاظ الإيجابية: عزز الألفاظ الإيجابية التي تصدر عن الطفل بالمديح والثناء عليه وعلى ألفاظه، وعبر عن إعجابك بهذه الألفاظ ومحبتك له عندما يقولها، في مقابل امتعاضك وعدم رضاك عن الألفاظ السلبية.
* أعط الطفل نماذجاً عن الألفاظ الإيجابية المطلوبة كعبارات المديح والاستئذان، والشكر، ومدى أهمية هذه الألفاظ وتداولها في حياتنا اليومية، وشجعه على استخدامها كبدائل عن الألفاظ السلبية.
* استخدام التعبيرات المصاحبة للغة المنطوقة: ساعد الطفل كي يعبر بشكل إيجابي عن مشاعره، وأن تصاحب التعابير الايجابية والهدوء ولغة الجسم اللائقة كلامه ولغته عند الحديث مع الآخرين، فالكلمة الواحدة قد يكون لها عدة معان إذا تم التعبير عنها بطرق مختلفة وبنبرات صوتية مختلفة.
* عدم استخدام العنف: لو تدخلت بعنف لجعلت ابنك يتمسك باللفظ ويكتشف سلاحًا ضدك أو نقطة ضعف لديك .. ولكن حاول بكل هدوء اللعب على الألفاظ بإضافة حرف أو حذفه، أو تغيير حرف، أو تصحيح اللفظ لدى الطفل موهمًا إياه بأنه أخطأ عن غير قصد.
* استخدم الحرمان من نشاطات أو ممتلكات يحبها الطفل في حال تكرر السلوك عدة مرات وبعد عدة تنبيهات، على أن تكون الأشياء التي تم حرمانه منها محببة إلى نفسه، وعلى أن يعرف السبب الذي تم حرمانه بسببه.
* تدريب الطفل على الاعتذار والتراجع عن هذه الألفاظ في حال تلفظه بها، وأن يكون اعتذاره واعياً، وليس مجرد كلمة يرددها ثم يعود لممارسة السلوك غير المرغوب.
* تطوير مهارة التفكير لدى الطفل وفتح أبواب للحوار معه من قبل الوالدين، فهذا يولد لديه قناعات ويعطيه قدرة على التفكير في الأمور قبل الإقدام عليها، ويجعله أكثر قرباً منهما، ويشعره بأنه شخص مقبول إذا تخلص من السلوكيات السلبية.
* قم بتوجيه شحنات الغضب لدى الطفل حتى تصدر عنه ردود فعل صحيحة ويعتاد الطفل ويتدرب على توجيه سلوكه بصورة سليمة، ويتخلص من ذلك السلوك المرفوض وذلك عن طريق التغلب على أسباب الغضب. فالطفل يغضب وينفعل لأسباب قد نراها تافهة كفقدان اللعبة أو الرغبة في اللعب الآن أو عدم النوم، وعلينا نحن الكبار عدم الاستهانة بأسباب انفعاله هذه، فاللعبة بالنسبة له مصدر متعة ولا يعرف متعة غيرها فعلى الأب أو الأم أن يهدئ من روع الطفل ويذكر له أنه على استعداد لسماعه وحل مشكلاته وإزالة أسباب انفعاله، وهذا ممكن إذا تحلى بالهدوء والذوق في التعبير عن مسببات غضبه.