تفسيــــر سورة التكــاثــر ..~
ثماني آيات
بسم الله الرحمن الرحيم (ألهاكم التكاثر. حتى زرتم المقابر.
كلا سوف تعلمون. ثم كلا سوف تعلمون. كلا لو تعلمون علم اليقين.
لترون الجحيم. ثم لترونها عين اليقين.
ثم لتسألن يومئذ عن النعيم.)
شرح الكلمات: ألهاكم: أي شغلكم عن طاعة الله تعالى.
التكاثر: أي التباهي بكثرة المال.
حتى زرتم المقابر: أي تشاغلتم بجمع المال والتباهي بكثرته حتى متم ونقلتم إلى المقابر.
كلا: أي ما هكذا ينبغي أن تفعلوا فارتدعوا عن هذا التكاثر.
سوف تعلمون: أي إذا دخلتم قبوركم علمتم خطأكم في التكاثر في الأموال والأولاد.
كلا: أي حقا.
لو تعلمون علم اليقين: أعني علما يقينيا عاقبة التكاثر لما تفاخرتم بكثرة أموالكم.
لترون الجحيم: أي النار.
يومئذ: أي يوم ترون الجحيم عين اليقين.
عن النعيم: أي تنعمتم به وتلذذتم من الصحة والفراغ والأمن والمطاعم والمشارب.
معنى الآيات: قوله تعالى: (ألهاكم التكاثر) () هذا خطاب الله تعالى للمشتغلين
بجمع المال وتكثيره للمباهاة به والتفاخر الأمر الذي ألهاهم عن
طاعة الله ورسوله فماتوا ولم يقدموا لأنفسهم خيرا فقال تعالى لهم ألهاكم
أي شغلكم التكاثر أي في الأموال للتفاخر بها والمباهاة بكثرتها (حتى زرتم المقابر)
() أي بعد موتكم نقلتم إليها لتبقوا فيها إلى أن تخرجوا منها للحساب
والجزاء أي يوم القيامة. وقوله لهم: (كلا) أي ما هكذا ينبغي أن تفعلوا
فارتدعوا عن هذا السلوك المفضي بكم إلى الهلاك والخسران.
(سوف تعلمون) عاقبة تشاغلكم عن طاعة الله وطاعة رسوله
والتزود للدار الآخرة. (ثم كلا سوف تعلمون) () كرر الوعيد والتهديد.
وقوله: (لو تعلمون علم اليقين) () أي حقا ()
لو تعلمون ما تجدونه في قبوركم ويوم بعثكم
ونشوركم لما تشاغلتم بالأموال وتكاثرتم فيها.
وقوله: (لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين)
هذا جواب قسم نحو وعزتنا لترون الجحيم
أي النار وذلك يوم القيامة، المشرك يراها ويصلاها،
والمؤمن يراها وينجيه الله منها. ثم لترونها عين اليقين
أي الأمر الذي لا شك فيه إذ يؤتى بجهنم فيراها أهل الموقف أجمعون.
وقوله: (ثم لتسألن يومئذ) أي يوم ترون الجحيم عين اليقين (عن النعيم)
() الذي كان لكم في الدنيا من صحة وفراغ وأمن وطعام وشراب.
فمن أدى شكره نجا، ومن لم يؤد شكره أخذ به ولا يعفى
إلا عن ثوب يستر العورة وكسرة خبز تسد الجوعة وجحر
يكن من الحر والبرد وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال لأبي بكر وعمرو بن التيهان هذا من النعيم الذي تسألون عنه
يوم القيامة يشير إلى بسر ورطب وماء بارد وصح أيضا:
إنه لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه
، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله
من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟.
هداية الآيات: من هداية الآيات: -التحذير من جمع المال وتكثيره
مع عدم شكره وترك طاعة الله ورسوله من أجله. -
إثبات عذاب القبر وتأكيده بقوله حتى زرتم المقابر
كلا سوف تعلمون أي في القبر.
-تقرير عقيدة البعث وحتمية الجزاء بعد الحساب والاستنطاق والاستجواب.
-حتمية سؤال العبد عن النعم التي أنعم الله تعالى عليه بها في الدنيا فإن كان شاكرا لها فاز وإن كان كافرا لها أخذ والعياذ بالله. الحواشي()
إلا البخاري فإنه يرى أنها مدنية والصحيح أنها مكية ولعل البخاري تأثر بما رواه من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر في بستان
ابن تيهان: إن هذا من النعيم الذي تسألون عنه.
() ألهاكم شغلكم قال امرؤ القيس: فمثلك حبلى قد طرقت
ومرضع فألهيتها عن ذي تمائم محولأي شغلتها.
() في صحيح مسلم عن مطرف عن أبيه قال:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرا ألهاكم التكاثر،
قال: يقول ابن آدم: مالي مالي وهل لك يا ابن آدم من مالك
إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت،
وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس. وروى البخاري
قوله صلى الله عليه وسلم : لو أن لابن آدم واديا من
ذهب لأحب أن يكون له واديان ولن يملأ فاه إلا التراب
، ويتوب الله على من تاب. () هذه الجملة توكيد للأولى
وهي سوف تعلمون، ومفعول تعلمون محذوف تقديره تعلمون
سوء مغبة لهوكم بالتكاثر مشغولين عن طاعة الله ورسوله مشغولين
بجمع الأموال والتكاثر بها. () جواب لو تعلمون علم اليقين
محذوف كما حذف الأول تقديره لتبين لكم حال مفظع عظيم
والإضافة في علم اليقين إضافة بيانية لأن اليقين علم. ()
وجائز أن تكون كلاهما كالأولى للردع والزجر وكونها بمعنى حقا أولى.
() اختلف في تحديد النعيم المذكور الذي نسأل عنه يوم القيامة
فقيل له: الأمن والصحة ، وقيل الصحة والفراغ، وقيل شبع البطون
وبارد الشراب وظلال المساكن. وفي البخاري
عن النبي صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس:
الصحة والفراغ من كتاب أيسر التفاسير
لكلام العلي الكبير تأليف الشيخ أبو بكر الجزائري
منقول اسال الله لي ولكم الثواب و لجميع المسلمين و المسلمات
الاحياء و الاموات ولمن انجبنا و تعب من اجلنا
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد
وعل آله و صحبه آجمعين ..~