مبشرات السعادة القرآنية
البشرى الأولى: سعة الرحمة الالهية
البشرى القرآنية الأولى - سعة رحمة الله عزوجل
ورحمة ربك خير ممّا يجمعون
الزخرف 32
ما زيّنت جنـــه لأمة مثل هذه الأمة
ولكــــــــــــن .......
هل نـــرى لهــا عاشـــــــقا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه والصلاة والسلام على من أرسله الله عزوجل رحمة للعالمين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
يقول المولى تبارك وتعالى في سورة الانعام: ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده
فالحمد لله على نعمة الاسلام
ان الله تبارك وتعالى ما أرسل نبيا الا ليطاع باذن الله, والأنبياء جميعا صلوات ربي وسلامه عليهم كانوا قدوة لأقوامهم, وكل نبي مرسل كان قدوة لقومه, وما على قومه الا الاتباع بما أرسل به, وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله
من خاف الله عزوجل وحده فلا يخيفه شيء في هذا الوجود سواه سبحانه وتعالى, ذلك ان الله تبارك وتعالى كفيل بأن يخيف منه كل شيء, من منطلق قوله تعالى: ومن يتق الله فهو حسبه.. ومن لا يخاف الله عزوجل ويخاف الناس, فالله تبارك وتعالى كفيل بأن يخيفه من كل شيء, حتى من البعوضة وهي تشاركه سريره فلا يهنأ له بال لا بنوم ولا بصحو.
ولأن طاقات الناس الايمانية متفاوتة فاننا نجدها ليست كلها واحدة, بحيث كل انسان وله طاقة ايمانية تكثر أو تقل عن الآخر , وقد شاءت سنة الله عزوجل في خلقه أن يكون عباده ثلاثة فئات: السابقون وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال, وجعل أمة الاسلام ثلاثة فئات: فئة ظالمة نفسها وهي فئة أصحاب الكبائر, وفئة مقتصدة وهي فئة خلطت عملا صالحا بعمل سيء, وفئة سابقة بالخيرات تدخل الجنة بلا حساب,
ما يعنينا من الحديث هنا عن طاقات الانسان , الانسان المخلص بعبادته لله تبارك وتعالى , ذلك انه على قدر الاخلاص يكون الرضا من الله عزوجل, وكلما وجدنا طاقاتنا المحدودة قابلة للعمل الجاد بنية الاخلاص كلما غدونا مؤمنين صادقين متفوقين متألقين فيصدق فينا قوله تبارك
وتعالى في سورة الأعراف 156 ورحمتي وسعت كلّ شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون
ولن ننال الرحمة بجهدنا, وانما بحسب توفيق الله عزوجل لنا في اتباع سبيل الحق
يقول المولى تبارك وتعالى في سورة البلد: لقد خلقنا الانسان في كبد
أي في معاناة من لحظة الولادة الى لحظة الموت, حياة كلها متاعب وهموم وعقبات, فهناك لكل مؤمن أربعةأعداء: كافر يقاتله, ومنافق يبغضه, وشيطان يغريه ويوسوس له, ونفس أمارة بالسوء,
وهذا الشيطان هو ألد أعداء الانسان, , هل سأل أحدنا نفسه لماذا يصرخ المولود لحظة خروجه الى الدنيا من رحم أمه أو بتعبير آدق لحظة ولادته؟ لأنه يكون قد تلقى طعنة شيطانية مسمومة من ابليس اللعين فيصرخ منها , وكان بودي لو أذكر لكم نص الحديث الشريف ولكن الذاكرة لم تسعفني الآن لذكره بنصه الحرفي.
لا اله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين
والسعيد من تغلب على هذه الأعداء الأربعة, ومهما تكن مصيبتنا كبيرة فلن تكن كمصيبة ذا النون عليه الصلاة والسلام حين وجد نفسه وبلمح البصر في قاع بحر بظلمة ليل في بطن حوت, لقمته أربعة أطنان, والواحد منا كله على بعضه لا يساوي عشر الطن بأحسن وأفضل حالاته, ياكلك ويأكلني ويأكله ويأكلها بلقمة واحدة ونضيع في معدته كحبة زيتون في معدة أحدنا.
ان نبي الله يونس عليه الصلاة والسلام حين وجد نفسه في بطن الحوت فجأة لجأ الى ذكر الله عزوجل بالتسبيح الخالد, ولولا ذلك للبث في بطن الحوت الى يوم القيامة ، لقد نادى في الظلمات الثلاث: ظلمة الليل والبحر وبطن الحوت أن لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين ، وهذا الدعاء فيه اقرار بالنذب والاعترراف بوحدانية الله عزوجل وألوهيته وبوبيته سبحانه وتعالى الها واحدا وربا واحدا لا شريك له.
التوكل على الله لا التواكل
نستخلص مما سبق حقيقة واحدة هي التوكل على الله تعالى في كل أمور حياتنا حق التوكل , وأن نعتمد عليه عزوجل اعتمادا مطلقا دون تردد أو ارجاء أي أمر من أمور حياتنا الى غيره عزوجل, هذا هو الايمان الحقيقي, وان نحن سلكناه وبكل اخلاص, نجد أن الله تبارك وتعالى معنا حيثما كنا وأقمنا وحللنا, فالله تبارك وتعالى رحمن رحيم, حنان منان, والله عزوجل شكور, بمعنى اذا قدمنا خدمة الى عبد من عباده سبحانه وتعالى وقضينا له حاجته, فانه عزوجل يسخّر لنا من عباده من يخدمنا ويقضي حوائجنا, فقاضي الحاجات على منبر من نور يوم القيمة ان شاء الله, لقوله عليه الصلاة والسلام: من نفّس عن أخيه المسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة, وفي رواية: من فرّج.. وان أحسنا الى خلقه عزوجل أحسن الله الينا, والاحسان الى العباد أمر من أوامره الغاليات تبارك وتعالى: وأحسن كما أحسن الله اليك..واذا خطونا نحوه عزوجل بالطاعة خطوة اتى نحونا بخطوات من المغفرة , واذا أتيناه بالطعة مشيا,آتانا بالمغفرة هرولة, هكذا هو القوي جلّ وعلا دائما مع خلقه الضعفاء
هل تعلمون أننا بمجرد أن ننوي التوبة ونعزم العزم على تنفيذها تفتح لنا أبواب السماء ويقول لنا المنعم الحنان المنان ذو الجلال والاكرام: يا عبدي وأنا قد قبلت..ألم اقل لكم ان استجابة الخالق لمخلوقه التائب عجيبة لمجرد أن تعقد الصلح مع الله عزوجل ننالها؟ تابعوا معي هذا الحديث القدسي الجليل وتمحّصوا جيدا في حروفه الجليلة والتي يقول فيه الخالق تبارك وتعالى
عبدي أطعتنا فقربناك, وعصيتنا فأمهلناك, وان عدت الينا قبلناك
إنّي والإنس والجنّ في نبأ عظيم , أخلُقُ و يُعْبَدُ غيري , وأرزق ويُشكر سواي . خيري إلى العباد نازل وشرّهم إليّ صاعد . أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغنيّ عنهم, ويتبغضون اليّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إليّ.
من عاد منهم ناديته من قريب ومن بعُدَ منهم ناديته من بعيد . أهل ذكري أهل عبادتي , أهل شكري أهل زيادتي , أهل طاعتي أهل محبتي , أهل معصيتي لا أقنّطهم من رحمتي, فإن تابوا اليّ فأنا حبيبهم فإنّي أحبّ التوابّين وأحب المتطهرين , وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم, أبتليهم بالمصائب لأطهّرهم من الذنوب والمعاصي . الحسنة عندي بعشر أمثالها وأزيد, والسيئة عندي بمثلها وأعفوا, و أنا أرأف بعبادي من الأم بوليدها.
وجاء في الحديث انه اذا قال العبد يا رب وهو راكع أو ساجد قال له الله عزوجل: لبيك عبدي, وان قال العبد يا رب وهو عاص قال له المولى عزوجل: لبيك ثم لبيك ثم لبيك.
ما اعظم حلم الله عزوجل على عباده, وما اوسع رحمته وتفضله عليهم, لا يردّ سائلا رجاه, ولا تائبا اتاه, ولا مستغفر استغفره, يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن كثير, غافر الذنب وقابل التوب, ان أحسنوا أحسن اليهم وقانونه الخالد عزوجل: لئن شكرتم لأزيدنكم ..لا يتغيّر ولا يتبدّل, وان أساؤوا أمهلهم وحلم عليهم ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة.. انها الرحمة الالهية التي وسعت كل شيء.
علينا بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره وسننه الغاليات , ففي طاعته صلى الله عليه وسلم هناك عز الدنيا والآخرة, هناك حب الله تعلى لمن يطيعه صلى الله عليه وسلم كما جاء سورة آل عمران 31 قوله عزوجل: قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذتوبكم, والله غفور رحيم
فاتبعوني يحببكم الله
فى هذة الأية دليل تام على أن الله تعالى يحب كل من يتبع سنه النبى صلى الله عليه و سلم و كل من صار على نهجه , فإذا كنا نريد حب الله تعالى فعلينا بسنه النبى صلى الله عليه و سلم و طريقة معيشتة و العمل على رضاه و رضا الله تعالى , قال تعالى في سورة التوبة 24: قل ان كان آباؤكم وأبناؤكم واخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله, فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين.
وروى الامام أحمد عن زهرة بن معبد عن جده قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: والله يا رسول الله لأنت أحبّ اليّ من كلّ شيء الا من نفسي.. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ اليه من نفسه.. فقال عمر رضي الله عنه: فأنت الآن والله أحبّ اليّ من نفسي, فقال عليه الصلاة والسلام: الآن يا عمر.. (أي الآن كمل ايمانك يا عمر)
وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ اليه من والده وولده والناس أجمعين...أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وأختم بحثي هذا بأعظم آية في القرآن الكريم تخص أمة الاسلام , هي في سورة فاطر 32 فيها بشارة عظيمة من الله تبارك وتعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم التي توت على التوحيد الخالص بأنها مرحومة باذن الله, يقول المولى تبارك وتعالى
ثمّ وأورثنا الكتاب الكتاب الذين اصطفينا من عبانا, فمنهم ظالم لنفسه, ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله, ذلك الفضل الكبير
سبحان ربك رب العزة عما يصفون *وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين