في رحاب آية من كتاب الله
الأضحية وأحكامها على ضوؤء الكتاب والسنة
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري
اللهم صلي وسلم وبارك على الرسول الكريم
الأضحية وأحكامها على ضوء الكتاب والسنة
يقول المولى تبارك وتعالى في كتابه الكريم وتحديدا في سورة الصافات: 107
وفدَيْناهُ بذِبْح ٍ عظيم
قبل أن نستعرض الأضحية وأحكامها دعونا بوقفة قصيرة مع الحدث الذي على أثرهِ سنّ الله عزوجل علينا الأضحية
اذا عدنا الى الآيات الكريمات التي سبقت هذه الآية الكريمة لوجدنا أنها تتحدّث عن ابتلاء الله تبارك وتعالى لخليله وأبي الأنبياء سيدنا ابراهيم بابنه اسماعيل عليهما الصلاة والسلام.
يقول الله تبارك وتعالى مخبرا عن خليله ابراهيم عليه الصلاة والسلام أنه بعدما نصره الله عزوجل على قومه الذي آيَسَ من ايمانهم بعدما شاهدوا من آيات الله العظيمة ما شاهدوا, هاجر من بين أظهرهم الى مكة المكرمة وقال قول الله تعالى : وقال اني ذاهب الى ربي سيهدين* ربّ هب لي في الصالحين
وهذا الدعاء يعني أنه يسال الله تعالى أن يهبه اولادا مطيعين يعوضه الله بهم عن قومه وعشيرته الذين فارقهم, فقال تعالى: فبشرناه بغلام حليم, وهذا الغلام هو اسماعيل , وهو أول مولود لسيدنا ابراهيم من زوجته السيدة هاجر , وقد رزقه الله اياه وهو في سن الست وثمانون عاما, ومن بعده بشّرته الملائكة باسحاق من زوجته السيدة سارة قائلين له قوله تعالى: فبشرناه بغلام عليم, وقوله عزوجل: فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب , وكان لابراهيم من العمر تسع وتسعون عاما , وقال عزوجل: وبشرناه باسحاق نبيا من الصالحين, وفي هذا العام أباد الله عزوجل قوم لوط على نبينا وعليهم أجمعين أفضل الصلاة والتسليم
وذلك نتيجة تماديهم بارتكاب فاحشة اللواط
ولما كبُر اسماعيل عليه السلام وترعرعَ وارتجل أي صار رجلا ويذهب مع أبيه ويمشي معه أينما اقام وحلّ , رأى ابرهيم رؤيا أنه يذبح ابنه اسماعيل عليهما الصلاة والسلام, وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنّ رؤيا الأنبياء حق, فانه عليه الصلاة والسلام أفشى رؤيا لابنه بأنه رأى مناما أنه يذبحه, وقد صوّر لنا القرآن الكريم ها الحدث بكل الدقة والاعجاز القرآني بقوله تعالى في سورة الصافات 102- 107
فلما بلغَ معَهُ السَّعْيَ قال يا بُنيَّ اني أرى في المنام أني أذبَحُك فانظر ماذا ترى, قال يا أبتِ افعل ما تؤمر, ستجدني ان شاء الله من الصابرين* فلما أسلما وتلَّهُ للجبين* وناديناه أن يا ابراهيم* قد صدَّقت الرؤيا, انا كذلك نجزي المحسنين* انّ هذا هو البلاءُ المبين* وفديناه بذِبح
ٍ عظيم
قمة البر بالوالدين من اسماعيل لأبيه عليهما الصلاة والسلام, وكما نرى من سياق الآيات الكريمة أنّ اسماعيل لم يناقش اسماعيل أباه في الأمر أبدا, كما يفعل أبناء هذا العصر الذين بلغوا في العقوق مبلغ عنان السماء, حيث ما أن يتفوّه الأب كلمة واحدة في وجه ابنه حتى يهبُّ الابن بسيلٍ من الكلمات النابية التي تجرح كبرياء الأب وتصيبه في مقتل, وان كان الأبناء العاقين اليوم يعتقدون أنهم في مأمن عندما يبلغون مبلغ الرجال ويرزقوا بالذريّة يكونون على خطأ كبير, حيث كما يُعامل الأبناء آباءهم سيعاملون معاملة أقسى من أبناءهم تحقيا لقوله تعالى في الحديث القدسي الجليل بما معنى الحديث: يا ابن آدم! لعمل ما شئت, فانك كما تدين تدان والديّان لا يموت.. ولقوله عليه الصلاة والسلام بما معناه: كلُّ ذنبٍ يُؤخرهُ الله الى يوم القيامة الا عقوق الوالدين فانّ الله يقتصُ من صاحبه قبل الموت أو كما قال صلوات ربي وسلامه عليه
وفديناه بذبح عظيم أي بكبش أبيض اعين أقرن, وقال ابن عباس رضي الله عنهما:كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أمر ابراهيم عليه السلام بالمناسك عرض (أي تعرّض) له الشيطان هند السعي فسابقه, فسبقه ابراهيم عليه الصلاة والسلام, ثم ذهب به جبريل عليه السلام الى جمرة العقبة, فعرض له الشيطان, فرماه بسبع حُصيّات حتى ذهب, ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حُصيّات, وثم تله للجبين, وعلى اسماعيل عليه الصلاة والسلام قميص أبيض, فقال له: يا أبت! انه ليس لي ثوب تُكفنَّنِي فيهِ غيرُه, فاخلعه حتى تكفنَّني فيه, فعالجَهُ ليخلعه, فنُودي من خلفه: أنْ يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا, فالتفت ابراهيم عليه الصلاة والسلام, فاذا بكبش أبيض أقرن أعين