دقت الساعة الآن التاسعة صباحآ
ودقات قلبي تدق بصوت أعلى من الساعة
هاهو قادم يمشي بخطوات متزنة ؛ واثقة ؛ بمشيه ملك تهتز الأرض من حوله وهو ثابت عليها
هاهو كالعادة يسلم على الشيخ الكبير الواقف أمام المقهى لبيع الجرائد ويأخذ منه الجريدة أليوميه وهو يبتسم
ما أجمل تلك الابتسامة البسيطة التي تدل على تواضعه وهيبته بنفس الوقت
يا الهي انه يقترب مني
سوف امسك كتابي وكأني اقرأه
أصوات خطواته تقترب مني أكثر وأكثر
اهدأ ياقلبي
إنها رائحة عطره التي تجبرني أن أغمض عيني لأعيش معها ؛ واستمتع بها
لقد مر بي ولم يسلم علي أو حتى ينتبه لي
ولماذا يسلم وهو لا يعرفك
صدق من قال انك غبية
انه يضع الجريدة على طاولته المعتادة
والتي اجلس قبالها دائمآ لأتأمل فيه
هاهو يذهب ليجلب لنفسه فنجان القهوة وبضع قطع السكر التي يضعها بنفسه مع القهوة
يرجع إلى طاولته ويضع فنجان القهوة بهدوء ويجلس إلى الطاولة
يتناول الجريدة ليقرأ محتواها ؛ يقلب تلك الجريدة وكم تمنيت أن أكون مكانها
كم تمنيت أن يملئ فراغات أصابعي بأصابعه الكبيرة
وان يضغط على يدي لأتيقن بأنه حقيقة وليس حلم من أحلامي الكثيرة
يقرأ جريدته باهتمام ولا يشعر بمن حوله ولا بالقلوب التي ذابت بحبه
كأنه يعيش كل حدث من أحداث الجريدة
ليتني كنت جزء صغير من تلك الأحداث ليعيشني
يعدل النظارة على انفه الجذاب
تلك النظارات التي تخفي ورائها عينا صقر ونظرات نمر
كلما التفت حوله خفت أن يلاحظ نظراتي إليه وتمنيت أن يشعر بحبي له
يمر كل ذلك الوقت وأنا لا اشعر به وأنا انظر إلى تلك البشرة القمحية الرجولية
وذلك الجسم الجذاب ؛ وذلك الصدر العريض الذي كم تمنيت أن أكون بين أحضانه
انه فارس بكل معنى الكلمة ؛" انه فارسي"
هاهو يضع قطعتي السكر بفنجان القهوة ويحركها بالملعقة لتذوب
كما قد ذاب قلبي بهواه ولا استطيع البوح له
انه يرشف القهوة بتأن وأنا انظر إلى شفتاه الجذابتان التي كم أتمنى أن ألامسها بأصابعي
انظر إلى قسمات وجهه الجدية التي تدل على إنسان ناضج
ليتني امتلك الجرئه فقط للسلام عليه ؛ عل وعسى أن يرى في عيني كل هذا الحب الجارف له بقلبي
لماذا ينظر إلى ساعته بقي من الوقت نصف ساعة
هل ممكن أن تكون ساعتي متأخرة ؟؟ سوف أتأكد من ساعة المقهى
بلى بقي من وقته المعتاد نصف ساعة
هل سيرحل الآن ؟؟
لماذا يبخل علي بهذه الساعة والنصف التي أراه فيها يوميآ
لا لا لن يذهب
لقد عاد إلى جريدته
آآآآه حمدآ لله لقد ارتحت الآن
يا الهي انه ينظر إلي لقد اكتشفني يا الهي ماذا افعل
لتنشق الأرض وتبتلعني
انه يبتسم لي
ماذا أقول له الآن
هل أقول له كل مابقلبي ؛ام اقول انها مجرد صدفه
هل أقول له أني أحبه منذ ثلاثة أشهر ولم أتجرأ أن أبوح له عما في قلبي
هل اذكره بيوم التقيته عند باب المقهى وسكبت القهوة على قميصه
لا لا اسكتي أيتها الغبية
سوف يضحك عليك عندما يتذكر غبائك يومها
يا الهي لقد قام من على كرسيه
سوف يأتي إلي
ماذا سأقول له
لا استطيع الوقوف فقدماي ترتجفان
ماذا افعل
ماهذا
انه يستقبل احد أصدقائه
وأقول لماذا يقال عني غبية
لان هذه حقيقة أيتها الغبية
كيف يبتسم لكي ويأتي إليك وهو لا يعرفك
لقد كان يبتسم لصديقه وليس لي
يالحزني
ويا لفرحتي الكبيرة لأني كم تمنيت هذه اللحظة
تمنيت لحظه أن أراه يبتسم لي
ولو أن الابتسامة لم تكن لي ولكني سأعتبرها كذلك ليرتاح قلبي
ياله من إحساس جميل
عندما يرتجف قلبك شوقآ وفرحآ
وترتجف أطرافك خوفآ وتوترآ بنفس الوقت
هاهو يتحدث إلى صديقه والفرق بينهم واضح
انه يضحك
كنت أتوقع انه لا يعرف الضحك ولكن الظاهر أنني كنت على خطأ
ليتني كنت صديقه ليضحك لي
ليتني كنت صديقه لينظر الي
ليتني كنت صديقه ليحدثني واسمع صوته واشعر بأنفاسه
ليتني كنت صديقه ليضرب كفه بكفي
ليت صديقه يغرب عن وجهي ويرحل الآن لأنه يحجب عني رؤية فارسي الحبيب
لقد دقت الساعة العاشرة والنصف
وأصبح قلبي يدق أكثر وأكثر
لقد حانت لحظه الوداع اليومية
هاهو يقف بكل شموخ وتوازن ليسلم على صديقه
ويطوي جريدته ويضعها بيده وينصرف
هاهو يمر بجانبي وأنا أودعه وعيناي لا تفارقه
ها أنا أودع عطره والهواء الذي استنشقه بمروره
إلى اللقاء أيها الفارس
إلى اللقاء غدآ
في نفس المكان
في نفس الزمان
في نفس المقهى
راقنى