مساءكم جــــــــــوري
حينَ ينسَرِقُ القلبُ منكَ ، ويتوقف العقل أمام مشهدِ فرح ،
تشتعلُ نجوم السّماءِ في ليلكَ قناديلاً ،
تضيء لك الدّرب ، بنبضٍ مرحٍ لذيذ ..
وتشعرُ بتوحّدٍ مع كُلِّ جمال ،
فينسجم عبقُ النجاح بعطور الورد والياسمين والليلك ..
وتغدو الحياة أكثر ألقاً ..
تتحلقُ قلوبهم حولك ، تهنئ وتثني وتعربُ عن إعجاب ..
فيخطِفُ قلبكَ بعض مديح ..
وتنسى بأنك ما صعدت درجات السلم ، وما وصلت إلى القمة بجدارتك ..
تنطفئ شمعة الإيمان ، وتبقى أنتَ كما أنتَ ..
تقبعُ طويلاً في ظُلمة نفس ..
من أين أتت ؟ وكيف أتت ؟ وماذا حصل ؟!
ألم يكن قبلاً يتردد في داخلك : ( هذا من فضل ربي ) كلما خطوت خطوة ،
أو يممت وجهكَ شطر نجاح .
وكُنتَ تُسألُ من أين حصلت على هذا الألق ،
ومن ساعدك ؟ وكيف وصلت ؟!
فكنت تجيبُ واثقاً ، إنه المُعطي الوهّاب ،
من قادني للخير ودلّني على دربه ، ورزقني القوة كي أسلكه حتى القمة ،
وأعطاني العزم كي أتابع فلا أعود يائساً في منتصف الطريق ..
( إنه ربي أحسن مثواي ) ..
فكانت شمعة الإيمان شُعلة تنير قلبكَ إن هبّت عليه رياح الغرور لتنسف فيه اليقين .
وكنت تعكفُ إلى عملك ، فلا تتركه حتى تتقنه ، ولا تبدأ بغيره حتى تنهيه ،
ولا تعمل به حتى تتعلم أسسه ، وكان ديدنك دائماً : ( وقُل رب زدني عِلماً ) ...
فرفعكَ العلمُ إلى أعلى عليين ، وارتقى بكَ فارتقيتَ بعملك ،
واستزدت فزاد قدرك ، وتفتحت مغاليق فكرك ، فأبدعت وتميّزت ولمع نجمك ..
فكان بريقه الدائم التوهج ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً )
يزيدكَ تواضعاً في عينك ، وهيبة في عيونهم ..
ووجدت نفسكَ قد بلغت غايتك ، وحققت مناك ، فها أنت علم يُشارُ إليه بالبنان ،
وها هو عملك تحفة في عيون المعجبين ، وقبلة لقلوب الطامحين ،
منه يتعلمون الهمة والإتقان والتميز والنجاح ..
فغرّك منهم ما قالوه ، وصدّقت بأنك صانعه ، ونفيتَ عن عملك أحد سواك ،
فأرديت بنفسك في جحيم الهاوية .
تسيرُ يقطر من ثيابكَ رجس الغرور ، وتقف فتفوح منك رائحة العُجب المنتنة ،
ويفرُّ الناسُ منك ويتعوّذون كلما سمعوا باسمك ،
ولا دليل يريحهم بأنك على باطل ، لكنه شعورٌ ينتابهم ،
وقلقٌ يباغتهم كلما لمحوك ..
لقد نفّرهم من حببكَ إليهم آنفاً ، وأبعدهم الذي قرّبهم ،
وبغّضهم منك الذي قرّبهم إليك ..
فليكن اليوم علمك وبالاً لك ، وليكن عملك شاهداً عليك ،
ولتتألم وحدكَ في غياهب ظلمتك ، ولتتخبط في جحيم معصيتك ،
فقد كانت بين يديك نعمة كبرى .. لو تواضعت لسابقت النسور إلى القمم ..
لكنك تجبّرت على من وهبك ، فأرداك أسفل سافلين ..
فلتراجع رصيدك ، ولتدقق حساباتك ، مستدعياً فيك الضميــر ،
لعلها تكون الصحوة ، بعد طول رقاد . ..
م\ن