صغيرة
على الحب الجزء الأول
مدينتي
الكبيرة .. بلد النار والنور , احتضنتني هذا الصباح , سكبت ثورتها في قلبي الغض
فأطلقتني أعدو شوارعها الحبيبة ..كي أصل إلى مدرستي .
الفرحة تغمرني ولم لا فهذه السنة فقط أمسك بأولى خطواتي نحو الثانوية
خمسة عشر ربيعا .. انطلقت فيهما تزرع امنياتي ورودا في أحلامي اليقظة , ومع كل هبة
نسمة أتأرجح حالمة بين الترقب والتوثب وبين تطاول لشباب وتقبيل لطفولة مغادرة .
ولم أمتلك اللحظة فقد كانت أسرع مني وأمام باب المدرسة الكبير ابتدأت أصوات الباعة
من حولي تؤدي طقوسها اليومية , فكان بائع الكعك بالسمسم صاحب السبق .
ناولته العملة ليعلق:
_ اليوم الأول صعب أليس كذلك ؟
أخذت منه الكعكة دون ان أنظر إليه
فلطالما حذرتني والدتي من التحدث مع البائعين أو التبسط معهم , وما أن أمسكت
بالكيس وهممت بالإنطلاق إذا بيد تمتد إلى الكيس , تضع ورقة وكلمات متلاحقة مسرعة
في أذني
_ سأنتظرك غدا!!
واختفت اليد
وصاحب اليد
واختفت الكلمات
وصاحب الكلمات
وبقيت الحيرة
والخوف
وغادرت البسمة قلبي وتثاقلت خطاي , دسست الكيس بما فيه في الحقيبة ولم ير النور
ابدا في هذا اليوم .
ولو أن الأمر اقتصر على الكلمات لهان ولكن هذه الورقة الثقيلة تختزل طمأنينتي ولا
أدري ما أفعل بها ؟
فلم يسبق أن مر بي مثل هذا الأمر وما تحدث أحد بمثله أمامي وما حذرتني أمي لمثله
فحياتي كانت داخل بيت أسواره عالية دافئة محمية من كل خبث .
وعلى بعد خطوات من انتهاء يوم ثقيل لم أع فيه شيئا لملمت ما تبقى مني عائدة
وضاقت بي مدينتي على رحبها
وتاهت بي الأفكار والمخاوف
ماذا أفعل الآن ؟
هل أخبر أمي ... ام ستلومني فقد يخطر ببالها أنني شجعته بحركة أو مشية أو كلمة ! ؟
هل أخبر أخي ..... ونفضت عن ذهني هذه الفكرة
إذن أبي ... ولكنه مسافر !!
وأغمي على فكري ولم يستفق إلا على دقات قلبي الحائرة الخائفة
فماذا أفعل ؟؟؟
الجزء
الثاني ( صغيرة على الحب )
......... وبين الخوف
والحيرة تسلل إلى نفسي شعور غريب لم أعهده من قبل , واقترب لحد الإفصاح عند ما
صادفت عيناي مرآة خزانتي الصغيرة !!
- لماذا اختارني أنا من بين المئات اللواتي دخلن المدرسة ؟؟
ـ لماذا ؟؟ هل هناك شيء مميز ؟
وتسابقت الدماء إلى وجنتي لتعلنان الرفض في التفكير مع حياء من المواجهة ولكن
الفكرة لم تغادر وظلت الثواني والدقائق والساعات تقربها وتبعدها , وعلى اقتراب
ارتقاء إلى هاوية كانت النفس الأمارة بالسوء تحدثني :
__ لماذا لا أسأله ؟؟ ما المانع ؟؟
__لم لا أفتح الورقة وأرى ما بها ؟؟
__ ربما كانت مجرد طلب صغير هو بحاجة إليه ؟
.. وكاد الطنين يغلب على كل صوت قادم من العقل فيغتاله ويلقي به حيث تموت الفرحة
والطمأنينة
وابتدأت البرودة تسري في أوصالي وأرسلت المرآة مرة أخرى صورة إنسانة لم أعرفها !!
وكأنها أنا , ولكن بلا ملامح بلا سكون .
واقترب الليل أو لم يقترب فقد كان يسكن كل جارحة في , صعدت إلى سطح البيت عل
نسائما تحيي في الحياة .
كان القمر بدرا , له مثل عمري إلا أنه بعيد لا تناله إلا مرسلات العيون وليس مثلي
تتناوشني مفردات الحزن والخوف ., وظلت عيوني معلقة إلى الأعالي أناجي القمر والله
أحق أن أناجيه , أسأل النسائم والله أحق أن أسأله , فلا من مذكر .
وتنهار النفس , وكأني أسمع وقع تكسرها على ارض سطح المنزل لتصحو وقد جمعتها أيد
محبة , أيدي أمي وأخي ..
ويبدأ البوح ..
وتقرأ أمي الرسالة لألمح تقطيبا ثم نظرات ليست بالعاتبة واللائمة بل كانت مشفقة ثم
أردفتها بابتسامة حنونة وقالت :
___ يااللــــــــه كم أنت صغيرة على الحب ,على هذا النوع القاتل من الحب , هذا
النوع الكريه
____ ماذا سأفعل يا أمي ؟ سبقتني العبرات الخائفة
وبقبلة ذاب فيها قلبي قالت :
أنت لن تفعلي شيئا ؟؟ نحن من سيفعل . لقد فعلت الكثير وكنت رائعة أن أهملت ذاك
الشاب الخائن للدين والحياء وأحلت الأمر لنا .
والتفت يداي تعانق فيها ذلك القلب ونمت في أحضانها كي أصحو في اليوم التالي لأراها
وقد تجهزت للخروج معي .
و لفتني شوارع المدينة مرة أخرى وأنا أحسها اليوم شامخة قوية وقد أمسكت بي أمي
بيدها الحازمة لأصل بها إلى بوابة المدرسة فتبتعد عني قليلا حتى يتشجع الخائن
ويتقدم .
وفعلا اقترب . شخص لأول مرة أراه كان تقريبا من سني أو أكبر قليلا , اقترب مبتسما
ذئبي اللمحات وكاد أن يلقي التحية عندما سمعت صوت أمي الحنون تناديه أي بني !!
فالتفت مشوشا .
أشارت لي أمي بالذهاب فانطلقت إلى البوابة أرقب .
فطن لكل ما يحدث , أراد التملص لحقته أمي بسرعة لم أعهدها فيها وأمسكت بكم قميصه ,
كان أقصر منها فهمست في أذنه كلمات , ملامحه كانت باتجاهي فرأيته شبحا يحاول
التملص وأمي تحكم القبضة على كمه ثم أطلقته
كالذئب الجبان فر هاربا
وابتسامة أمي حملتها لي نسمة مريحة أدخلتني إلى بوابة العلم والأمان لأبقى هناك
مسلحة بالعلم
..مسلحة بالإيمان بالطهر الجالب للراحة والسكن ........
ولم أر ما في الرسالة أبدا , حتى الآن .
احتوي ولا تشتتي فكم من فتاة تتمنى أن يرتمي قلبها في أحضانك فأنقذي نبتتك وهي برعم صغير يغدو بأريج مسك نقي لما يكبر