" قالت له خديجة: أي عم! اسمع من ابن أخيك. قال ورقة بن نوفل: يا ابن أخي! ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله خبر ما رآه. فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى . يا ليتني فيها جذعا. يا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أَوَمُخْرِجِيَّ هم؟" قال ورقة: نعم. لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عُوْدِيَ. وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ". (صحيح مسلم)
هذا هو الذي لا تكاد تذكر سيرة النبي المصطفى صلوات الله وسلامه عليه في بدايات دعوته إلا ويبرز فيها اسمه, علم من الأعلام كان على الحنيفية ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام .
رجل اعتنق التوحيد ورفض عبادة الأصنام وأعلنها على سمع بعض أصحابه الذين رفضوا عبادة الأصنام قائلا :
" تعلمون ، والله ماقومكم على دين ، ولقد أخطأوا الحجة ، وتركوا دين إبراهيم ما حجر تطيفون به ؟ لا يسمع ، ولا يبصر ، ولا ينفع ، ولا يضرُّ ، يا قوم التمسوا لأنفسكم الدين " ( البداية والنهاية 2/ 341 وسيرة ابن هشام 1/ 242 والمنمق 175-176 ).
بل إنه كان أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذا الشرف الذي ناله هذا الرجل العظيم شرف عظيم وسابقة خير كتبها الله له حتى يلقاه وهو راضٍ عنه فهنيئا له .
وهناك روايات كثيرة تدل دلالة واضحة على أن ورقة بن نوفل -رضي الله عنه- كان أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها :
* عن أبى ميسرة عمرو بن شرحبيل قال ورقة بن نوفل لمحمد: أبشر ثم أبشر ، ثم أبشر ، فإنى أشهد أنك الرسول الذى بشر به عيسى برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد ، فأنا أشهد أنك أنت أحمد ، وأنا أشهد أنك محمد ، وأنا أشهد أنك رسول الله ، وليوشك أن تؤمر بالقتال وأنا حى لأقاتلن معك . فمات ورقة . فقال نبي الاسلام : رأيت القس في الجنة عليه ثياب خضر ” ( مصنف ابن أبى شيبة 14 / 293 – سيرة ابن اسحاق 113 – دلائل النبوة للبيهقى 2/ 158 البداية والنهاية 3/ 9-10 – نسب الأشراف 106 ).
* وقال السهيلى في الروض الأنف : ” ورقة قد ثبت إيمانه بمحمد عليه السلام” ( الروض الأنف 1/173 ) .
* ويقول ابن القيم الجوزية في زاد المعاد : ” واسلم القس ورقة بن نوفل ، وتمنى أن يكون جذعاً إذ يخرج رسول الاسلام قومه وفى جامع الترمذى أن رسول الاسلام رآه في هيئة حسنة . وفى حديث آخر أنه رآه في ثياب بيض ” ( زاد المعاد 3/21 ) .
وأختم بحديث رواه الحاكم في مستدركه قال:
أخبرني عبد الله بن محمد بن علي بن زياد العدل ، ثنا الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق ، ثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها :
( أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
لا تسبوا ورقة فإني رأيت له الجنة أو جنتين .).
فرضي الله عنك يا ورقة وجزاك الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء .