عملت كثيراً حتى تصل لما وصلت إليه الآن ففي بداية حياتهما معاً أصابها الإحباط من حياتها الزوجية,لأنها وزوجها متناقضين تماماً فكراً ورأياً وتربيةً ورغم ذلك لم تيأس, وبدافع حبها لزوجها اجتهدت وصبرت وكافحت حتى أصبحت وزوجها مضرب مثل في السعادة .. ونموذجاً مميزاً للزوجين المثاليين ومن هنا بدأت الحكاية ..!
فهناك من أهله وأقاربه من شككوا وتعجبوا من قدرة هذه الزوجة
على الوصول لقلب زوجها واحتلالها له بلا منازع، وتغييرها الجذري لشخصيته ،
حتى أنه تعلق بها تعلقاً شديداً ،،
فأصبحت كل شيء بالنسبة له ،فهي الهواء الذي يتنفسه والماء الذي يشربه
وهي الصديقة والزوجة والحبيبة،
يسعد لسعادتها، ويغضب لغضبها،
يُحب من يُحبها ،ويكره من يكرهها،
إن رَضيَت رأى الدنيا ربيعاً مُزهرا ،وإن غَضبَت رآها خريفاً مُقٌفرا ..،
فبدأت تدور حولها الأقاويل والهمسات وتحاك القصص والإشاعات ..،
قالوا : فلانة عملت لزوجها سحراً وجعلته يشربه دون أن يعلم ..!
قالوا : أنها قد خبأت السحر في مكان بعيد لا يمكن أن يصل إليه أحد ..!
قالوا : إنها ربما وكلت هذه المُهمة لأحدٍ من أهلها ..!
قالوا....، وقالوا....، وقالوا...،
ورغم كل ما قالوا إلا أن الزوج كلما سمع عنها كلمة كذبها قبل أن يكملوها ..،
والزوجة غافلةً عن كل ما يدور حولها ..،
حتى جاء أحد الأيام وسمعت الزوجة بطريق الصدفة بعض ما يقال عنها في
الخفاء ،
ولم تصدق نفسها من هول ما سمعت ..!
فلم يكن منها إلا أن رددت:
حسبي الله ونعم الوكيل آلا يعلمون أنهم قد اتهموني في ديني؟!
آلا يعلمون بحكم السحر وفاعله ومن يلجا إليه ؟!
كيف يجرؤون ؟!
بلعت غصتها واخفت ألمها،
حرصاً منها على أن لا يؤثر ذلك على علاقتها بزوجها،
الذي لا ذنب له في الموضوع سوى أنهم أقاربه ،
استمرت حياتهما معاً كسابق عهدها بل أفضل ..،
وبعد مدة وصلت لها الأخبار أن بعض أهله مازالوا يرددون تلك الأقاويل عنها،
حاولت أن تتجاهل الأمر ..،
ومرت الأيام وزادت الأقاويل ..!
حتى جاء اليوم الذي اكتشفت فيه الزوجة ، أن الموضوع وصل حداً عظيماً ،
ففي لحظة تفاهم بينها وبين زوجها ،وحتى يُثبت لها مكانتها الكبيرة لديه ،
صرح لها قائلاً :
أنا مازلت أحبك ومتمسك بك بالرغم من كل ما يصلني عنك من أكاذيب
واتهامات
ولست أبالي بهم ولا بما يقولون ..!
صُعقت الزوجة من هول ما سمعت ، فقد وصل الأمر لحبيبها وقرة عينها،
انهارت باكية ولم تنطق بكلمة ،
هدأ الزوج من روعها قائلاً :
دعيهم يقولون ما شأو المهم أن لا يؤثر كلامهم في حياتنا وسعادتنا ..،
ثم نظر إليها بمحبة وابتسامة حانية ،
فبادلته ابتسامة استجدتها من بين ألمها وقهرها ،
ثم في لحظة تناسيا ما دار بينهما وكأنه لم يكن ..،
والحقيقة أن الزوج وحده من تناسى الأمر، أما الزوجة
فقد أخفت ألمها وانزعاجها حتى لا تزيد الأمر سوءً،
بقيت كذلك مدة من الزمن ،حتى قررت أخيراً أمراً خطيراً.,!
فبعد عودتهما من إجازتهما بعدة أيام ،
قررت أن تُنهي تلك القصة الأليمة وتعترف بكل شيء ،
حتى ترتاح من هذا الهم الذي أثقل كاهلها ،
وتتخلص من تلك النظرات التي تحرقها عند كل زيارة أو مناسبة ،
اتصلت على أحدى قريبات زوجها،
وبعد التحية والسلام بدأ الاعتراف !!
الزوجة : لم اعد قادرة على الاحتمال ..،
الحِملُ زاد علي كثيراً ..،
وأنا نادمة أشد الندم على سكوتي..،
قررت أن أعترف بما عملته لزوجي وليحصل ما يحصل ..!!
اختلطت مشاعر قريبته بين مُصدقة ومكذبة
ورددت بينها وبين نفسها :
هل يعقل أن تعترف أخيراً ..!
كنت متأكدة أنها ساحرة منذ البداية..!
وأخيراً سأنقذه من هذا الحُب الكاذب ..!
تمالكت المرأة الأخرى أعصابها حتى تصل لهدفها وبكل هدوء قالت لها :
جزاكِ الله خيراً
ولكن أين وضعتِ ذلك السحر؟!
قالت الزوجة وقد تصنعت الاستغراب !!
:ولكن كيف عرفتي أن ما سأعترف به هو السحر ..!
القريبة وقد زاد توترها :لا اعرف هي كلمة وقلتها فاخبريني بما لديك..،
الزوجة :فعلاً لقد قررت أن أعترف لكِ بمكان السحر، وأريد منكِ أن تخرجيه
بنفسك وتتلفيه،
حددت لها المكان وطلبت منها أن يتم الأمر بينهما وبسرية تامة ،فوافقت على
مضض !!
(لدى الزوج والزوجة بيتاً لا يذهبون إليه إلا في الإجازة
وهو في المدينة التي يسكن فيها أهل الزوج وأقاربه
وقد عادوا منه هي وزوجها مؤخراً ولدى الأهل نسخة من المفاتيح للاحتياط )
وبعد ساعة واحدة تقريباً كان معظم أهل الزوج مجتمعين في بيته الذي فيه
السحر ..!
ورغم أنهم قرءوا الأذكار كما لم يقرءوها من قبل ..! إلا إن فرائصهم ترتعد خوفاً
ووجلاً،
ومشاعرهم جميعاً بين حقداً متجدد على تلك الزوجة ,وكراهية وشماتة وفرح
بالانتصار،
اقتربوا بكل حذر من المكان المحدد..،
ثم رفعوا بأيديهم المرتجفة لوحاً خشبياً مُثبتاً بطريقة ركيكة وفجأة ظهر ..!
ظهر ما كانوا ينتظرون أثباته من فترة طويلة..!
وجدوا أوراقاً قد لُفت بإتقان ..!
فتحوا الأولى فإذا هي بيضاء..!
الثانية كذلك..!
والثالثة ..!
والرابعة..!
ثم الخامسة والتي ظهر لهم أن فيها ما يبحثون عنه ..،
فتحوها....
وقد شخصت عيونهم ،وتسارعت أنفاسهم ،حتى كادت تتوقف عن النبض
قلوبهم ،
فتحوها ..!
ويا لشدة صدمتهم مما رأوا...!!!
فقد كُتب فيها بخطٍ واضح :
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم أني أسألك بأني أشهد انك أنت الله لا أله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم
يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً احد أسألك أن تسخر لي زوجي وتجعله قرة عينٍ
لي وتجعلني قرة عينٍ له
اللهم جملني في عينه وجمله في عيني
اللهم أجمع بيننا على محبتك ورضاك
اللهم من ذكرني وإياه بسوء أو أراد بنا شراً فأجعل تدبيره تدميره
اللهم أكفنيهم بما شئت
اللهم إني مظلوم فأنتصر
: انتهت القصة
التي رأينا بنهايتها درساً قاسياً لكل من اتهم تلك الزوجة أو قذفها بما ليس فيها
وتصرفاً حكيماً وغريباً بعض الشيء من زوجة مُحبةً وبريئة