بسم الله الرحمن الرحيم
فارس العرب
الصحابي الجليل
عمرو بن معد يكرب الزبيدي
نسبه: هو عمرو بن معد يكرب بن عبد الله بن عمرو بن عاصم بن عمرو ابن زبيد الأصغر وهو منبه بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبه بن زبيد الأكبر بن الحارث بن صعب بن سعد العشيرة بن مذحج بن أدد ابن زيد بن كهلان بن سبأ.
الصحابي أبو ثور - من إمراء قبيلة زبيد وشاعر وفارس، اشتهر بالشجاعة والفروسية حتى لُقِبَّ بفارس العرب، وكان له سيف اسمه الصمصامة، وقد شارك في معارك الفتح الإسلامي في الشام والعراق وشهد معركة اليرموك والقادسية، ولم يتخلف عن حرب مع المسلمين ضد أعدائهم قط
وكان عمرو بن معد الزبيدي طويل القامة وقوي البنية وحتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال فيه :
الحمدالله الذي خلقنا وخلق عمرو تعجبا من عظم خلقه.
ومما يروى عن إسلامه، أنه قال لصديقه قيس بن مكشوح حينما بلغهما أمر النبي (صلى الله عليه و سلم): قد ذُكر لنا أن رجلاً من قريش يقال له محمد، قد خرج بالحجاز، يقول: إنه نبي، فانطلق بنا إليه حتى ننظر أمره، فإن كان نبيًّا كما يقول؛ فإنه لن يخفي عليك، كان غير ذلك؛ علمنا، فرفض قيس ذلك، فذهب هو إلى المدينة، ونزل على سعد بن عبادة، فأكرمه، وراح به إلى النبي ( فأسلم. وقيل: إنه قدم المدينة في وفد من قومه زُبَيْد، فأسلموا جميعًا.
في يوم اليرموك حارب في شجاعة واستبسال يبحث عن الشهادة، حتى انهزم الأعداء، وفروا أمام جند الله. وقبيل معركة القادسية طلب قائد الجيش سعد بن أبي وقاص مددًا من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ليستعين به على حرب الفرس، فأرسل أمير المؤمنين إلى سعد رجلين فقط، هما: عمرو بن معد يكرب، وطليحة بن خويلد، وقال في رسالته لسعد: إني أمددتك بألفي رجل. الطبراني.
وعندما بدأ القتال ألقى عمرو بنفسه بين صفوف الأعداء يضرب فيهم يمينًا ويسارًا، فلما رآه المسلمون؛ هجموا خلفه يحصدون رءوس الفرس حصدًا، وأثناء القتال وقف عمرو وسط الجند يشجعهم على القتال قائلاً: يا معشر المهاجرين كونوا أسودًا أشدَّاء، فإن الفارس إذا ألقى رمحه يئس. فلما رآه أحد قواد الفرس يشجع أصحابه رماه بنبل، فأصابت قوسه ولم تصبه، فهجم عليه عمرو فطعنه، ثم أخذه بين صفوف المسلمين، واحتز رأسه، وقال للمسلمين: اصنعوا هكذا. وظل يقاتل حتى أتمَّ الله النصر للمسلمين. الطبراني.
وفي معركة نهاوند، استعصى فتح نهاوند على المسلمين، فأرسل عمر بن الخطاب إلى النعمان بن مقرن قائد الجيش قائلاً: اسْتَشِر واستعن في حربك بطلحة وعمرو بن معد يكرب، وشاورهما في الحرب، ولا تولِّهما من الأمر شيءًا، فإن كل صانع هو أعلم بصناعته. وقاتل عمرو في هذه المعركة أشدَّ قتال حتى كثرت جراحه، وفتح الله على المسلمين نهاوند، وظفر عمرو في تلك المعركة بالشهادة، ودفن بقرية رُوذَة من قرى نهاوند
افتخر في شعره أنه هو الذي قتل قائد الفرس في تلك المعركة (رستم)، قال:
قد علمت سلمى وجاراتها
ما قطَّر الفارس إلا أنـا
شككت بالرمح حيازيمه
والخيل تعدو زيما بيننـا
وقال في فعله وفعل قومه في معركة القادسية:
والقادسية حين زاحم رستم
كنا الحماة بهن كالأشطـان
الضاربين بكل أبيض مخذّم
والطاعنين مجامع الأضغان
وقد كانت وفاته مجاهدا على اثر اصابته بجراح في معركة نهاوند عام 21هـ على أرجح الأقوال.
وهو حكيم وله أقوال وأشعار تدل على حكمته البالغة، يقول في الحكمة:
فمن ذا عاذري من ذي سفاهٍ
يرودُ بنفسه شـر المـرادِ
لقد أسمعت لو ناديت حيـا
ولكن لا حياة لمـن تنـادي
ولو نارٌ نفخت بها أضاءت
ولكن أنت تنفخ في الرمـادِ
أريد حياته ويريـد قتلـي
عذيرك من خليلك من مُراد
وكان يستخدم في بعض شعره الإم الحميرية بدل لام التعريف، وهو أسلوب لغوي لازل يستخدم في عسير حتى الآن، قال حين أهدى سيفه الصمصامة، وهو أشهر سيوف العرب قاطبة، إلى خالد بن سعد بن الوقاص:
وهبـت لخالـدٍ سيفـي ثوابـا
على امصمصامة امسيف امسلام
خليلـم لـم أهبـه مـن قـلاه
ولكن امتواهـب فـي امكـرام
ويقول:
يبرون عظمي وهمي جبرُ أعظُمهم
شتان ما بيننا في كل مـا سبـب
أهـوى بقاءهـم وأكـثـر مــا
يهوون أن أغتدي في حفرة امتربِ
وكان له مواقف كثيرة مع خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان يعرف قدره، وعده بألف فارس، وكان يوصي قادته باستشارة عمرو بن معد يكرب في سير معارك الفتوحات الإسلامية التي كان يشارك فيها.
ويلخص في الأبيات التالية استراتيجيته الحربية، البعيدة عن الغرور بالنفس، وهو يتحدث هنا عن فرسه:
ولقد أجمـع رجلـيّ بهـا
حذر الموت وإنـي لفـرورُ
ولقـد أعطفهـا كـارهـة
حين للنفس من الموت هرير
كل ما ذلـك منـي خُلُـقٌ
وبكلٍّ أنا في الحرب جديـرُ
ويقول:
وليس يعاب المرء من جبن يومه
إذا عُرف منه الشجاعة بالأمس
ويقول:
إذا لم تستطع شيئا فدعـه
وجاوزة إلى ما تستطيـعُ
وصله بالزِّماع فكل أمـر
سما لك أو سموت له ولوعُ
*******
من اشعاره
يذكر اليوم المتقدم بين عشيرته وجارتها جرم وبين بني الحرث بن كعب وبني نهد
لَيْسَ الجَمَالُ بِمِئزَرٍ فَاعْلَمْ وإنْ رُدِّيْتَ بُرْدا
إنَّ الجَمَالَ مَعَادِنٌ وَمَنَاقِبٌ أُورِثْنَ مَجْدا
أَعْدَدْتُ لِلْحَدَثَانِ سَابِغَةً وَعَدّاَءً عَلَنْدَى
نَهْدَاً وَذَا شُطَبٍ يَقِدُّ البِيْضَ وَالأَبْدَانَ قَدَّا
وَعَلِمْتُ أَنِّيْ يَوْمَ ذَاكَ مُنَازِلُ كَعْبَاً وَنَهْدَا
قَوْمٌ إِذَا لَبِسُوا الحَدِيدَ تَنَمَرُوا حِلَقَا وَقِدَّا
كُلُّ امْرِئٍ يَجْرِيْ إِلَىْ يَوْمِ الهِيَاجِ بِمَا اسْتَعَدَا
لَمَّا رَأَيْتُ نِسَاءَنَا يَفْحَصْنَ بِالمَعْزَاءِ شَدَّا
وَبَدَتْ لَمِيْسُ كَأَنَّهَا بَدْرُ السَمَاءِ إِذَا تَبَدَّى
وَبَدَتْ مَحَاسِنُهَا التِي تَخْفَى وَكَانَ الأَمْرُ جِدَّا
نَازَلْتُ كَبْشَهُمُ وَلَمْ أَرَ مِنْ نَزَالِ الكَبْشِ بُدَّا
هُمْ يَنْذُرُونَ دَمِيْ وَأَنُذُرُ إِنْ لَقِيتُ بِأَنْ اَشُدَّا
كَمْ مِنْ أَخٍ لِيّ َ صَالِحٍ بَوَأتُهُ بِيَدَّيَ لَحْدَا
مَا إِنْ جَزِعْتُ وَلا هَلِعْتُ وَلا يَرِدُ بُكَاي زَنْدَا
أْلَبسْتُهُ أثْوَابَهُ وَخُلِقْتُ يَوْمَ خُلِقْتُ جَلْدَا
أُغْنِي غِنَاءَ الذَّاهِبِينَ أَعُدّ َ لِلأَعْدَاءِ عَدَّاَ
ذَهَبَ الذِينَ أُحُبُهُمْ وَبَقِيتُ مَثْلَ السَّيْفِ فَرْدَا
منقول