حلاوة المعاناة
لا يبرع متميز في باب من الأبواب أو فن من الفنون حتى يذوق المعاناة في هذا السبيل، يحترق بنار الجهد والدأب والانصهار، ليكون عطاؤه صادقاً، نابعاً من قلبه ووجدانه.
الكلمة الملتهبة المؤثرة هي التي يذوق صاحبها طعمها، ويحس بحرارتها وتأثيرها قبل غيره.
القصيدة البديعة هي تلك المتدفقة من الجوانح، المعبرة عن معاناة قائلها والتياعه.
الكتاب النافع مؤلف بريشة موحية تحمل رسالة تحرص على أن تقدمها في هذا الكتاب.
آلاف الكلمات والقصائد والخطب والمؤلفات جثث هامدة، كالمتردية والنطيحة وما أكل السبع؛ لأنها قدمت بلا معاناة ولا معايشة ولا روح. فخسرت قيمتها وتأثيرها ووقعها.
إن الإكثار شيء والجودة شيء آخر، وأفضل العبادة أحسنها: ((لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا))، وهو صدق التوجه وحسن الاتباع ومعرفة المقاصد، والتفقه في الأسرار، وعلى الباردين في عطائهم الجامدين في عواطفهم أن يعيشوا معاناة ما يحملون، وهم ما يريدون، ليصلوا مع من وصل.
.