تعريف الصرع:
إنه إضطراب متكرر للوعي مصحوب بنشاط كهربائي دماغي غير طبيعي يعرض صاحبه لنوبات تشنج متكررة حيث أن الدماغ لايعمل بصورة طبيعية لفترة زمنية قصيرة .
و بما أن الدماغ هو الموجه و المنظم و المتحكم بحركاتنا و أحاسيسنا و أفكارنا وبما أن خلاياه تعمل معاً و تتصل فيما بينها من خلال إشارات كهربائية فإنه عندما يحدث تفريغ كهربائي غير عادي في مجموعة من الخلايا عندها تحدث النوبة التي يمكن لها أن تكون مصحوبة بما يسمى بالنسمة أو العبير و هو الاستشعار بقرب حدوث النوبة و عادة ما يتمثل بشكل دوّار أو رائحة مزعجة أو انزعاج في البطن أو تغير في حرارة الجسم مصحوب بقلق و توتر .
إذا حدثت النسمة قبل النوبة بوقت كاف مكنت صاحبها من تجنب حدوث إصابات أثناء التشنج حيث يمكن للمصاب أن يختار المكان الأسلم لحدوث النوبة كأن يستلقي أو يجلس في مكان آمن.
أنواع الصرع:
النوبة الكبيرة: وهي الأكثر شيوعاً و تتميز بفقدان الوعي مع تصلب و تشنج عضلي عام و رجفة ويمكن للمريض أن يصرخ و يئن و في بعض الحالات يعض على لسانه ويفقد السيطرة على عضلات المثانة والشرج وأن يفتح فكيه ويغلقهما مع حدوث رغوة في الفم .
تستغرق هذه النوبة حوالي دقيقة لثلاث دقائق يعود بعدها الشخص لحالته الطبيعية بالتدريج ليستغرق بنوم عميق قد يستمر بضع دقائق أو عدة ساعات..
النوبة الصغرى : وهي تناقص في الوعي أكثر منه فقدان تام له حيث يحملق المريض لثوان قليلة ثم يعود عادياً ، مع إختلاج ورفة في العينين أو
الحاجبين.
نوبة جاكسون : نسبة للعالم جاكسون وهي تشبه النوبة الكبيرة إلا أنها تبدأ باختلاج في عضلة من عضلات الجسم لتتحول إلى
خدر أو وخز لينتشر في كل أنحاء الجسم بعد ذلك وفيها يبقى المصاب بوعيه في المراحل الأولى ثم لا يلبث أن يفقده.
النوبة النفسية الحركية : ( تبعاً لأصلها النفسي و مظاهرها الحركية ) وأهم مظاهرها الاضطراب النفسي والأعراض النفسية المختلفة والتي تتفاوت من مصاب لآخر يفقد خلالها الوعي ويظهر عليه الهيجان و العصبية ويمكن أن يؤذي نفسه والآخرين وهي تستمر دقائق أو ساعات .
أسباب الصرع:
يمكن لإصابة رأس شديدة أو إلتهاب دماغي أن يؤدي لإثارة أو تهيج مباشر داخل اللحاء المخي و عليه يحدث تفريغ غير عادي لخلايا المخ تؤدي للنوبات الصرعية . ويمكن أن يحدث ذلك في مراحل الطفولة الأولى أو بعدها. وعلينا أن لا نغفل أن مرض الكلية أو الاضطراب الوظيفي للغدد وغيرها من الأمراض الجسمية قد يكون له تأثير سيئ على المخ مما يجعله عاملاً مساعداً للإصابة بالنوبات الصرعية.
والوراثة تشكل أحد الأسباب المؤدية للصرع ، وتبقى كثير من الحالات دون تحديد سبب واضح لها .
الخطوات الواجب القيام بها تجاه شخص متعرض لنوبة صرع:
علينا في البداية أن نكون هادئين وأن نحاول تهدئة من حولنا بأن هذه النوبة ستنتهي بعد دقائق معدودة .
علينا وضع وسادة لينة وبشكل مستوي تحت رأس المصاب.
إمالة المصاب على أحد جانبيه كي لا يختنق بسبب لعابه الخارج من فمه.
رخي ربطة العنق أو زر القميص أو أي شيئ مشدود على الرقبة.
عدم دفع لسانه للداخل كي لا يبلعه. وعدم إعطاء المريض أي نوع من السوائل عن طريق الفم أو رشه بالماء.
مرافقته و البقاء معه إلى أن يستعيد وعيه .
علاج الصرع:
العلاج الطبي : ويكون بواسطة الأدوية المانعة للنوبات الصرعية ( الأدوية المضادة للصرع ) والتي يجب تناولها كل يوم بنفس الموعد المحدد لها وكذلك تنظيم مواعيد الطعام والقسط الذي يحتاجه من النوم. وفي بعض الحالات الشديدة التي لاتستجيب للأدوية يمكن أن يلجأ الأطباء لجراحة المخ .
العلاج النفسي : والذي يختلف شكله ونوعه بإختلاف درجات اضطراب شخصية المصاب . ويعتمد أساساً على أن التوجيه السليم للفرد نحو إصابته ومرضه يساعده على تقبل مشكلاته و التوافق معها . وكما أن للعلاج النفسي الفردي فوائده كذلك للعلاج الجماعي فوائده.
العلاج الاجتماعي : وهو موجه للأشخاص المحيطين بالمصاب فهؤلاء عندما ينتابهم الذعر و الخوف يولدون بدورهم القلق و الخوف في نفس المصاب وهذا ليس في صالحه .
فعلى سبيل المثال أمهات الأطفال المصابين إما أنهن يفرطن في حماية أطفالهن أو ينبذنهم بسبب الخجل المرتبط بالنوبة و بأعراضها .
كلمة أخيرة:
إن هذا المرض يضع ضغطاً كبيراًعلى المصاب ينتج عنه عجز لفترة مؤقتة بسبب القلق و الخوف و السخرية مما يستدعي الإنزواء و العزلة وفقدان الثقة بالنفس وفي حالات أخرى عدم السعادة و عدم القدرة على ضبط العواطف و بالتالي إلى العدوانية التي يمكن فهمها على أنها نوع من سوء التكيف.
إن المعرفة و الوعي هي من الوسائل المهمة في التعامل الصحيح مع مرض و مرضى الصرع .
إن هذا المرض غير معدي و أصحابه يمتلكون ذكاء طبيعياً عادة ، بحيث يمكنهم الانخراط في المدارس و الجامعات و متابعة مهنهم كغيرهم من الأشخاص لكن مع مراعاة إعلام من حوله من أصدقاء و زملاء عن حالته حتى إذا حدثت النوبة أمامهم أن يحسنوا التصرف.
كما يجب عدم قفل الأبواب حتى باب الحمام تحسباً لحدوث النوبة و عدم ملئ حوض الاستحمام بالماء و التمدد به ، كما ينصح بتجنب الأعمال الحرفية التي تتطلب التواجد بالأماكن العالية وغير المحمية والأعمال الخطرة والعسكرية وقيادة السيارات والمركبات.
إن العلاج الطبي أصبح متوفراً ومفيداً ويبقى الطبيب المعالج أساساً في خطة العلاج .. كما يمكن للمرشد النفسي والاجتماعي أن يقدم خبرته وعونه في كثير من الحالات .
الأستاذة لينا فارس