هي مجرد كتابة على جدار عتيق
وعد
أسألك الله أن تعاهدني على:
إن أخبروك يوما أني أختنق.. و أن صوتك أنفاسي.. فلا تلب
أو أخبروك أني أغرق.. و أن وجهك قشتي.. فلا تلب
و إن أخبروك أني أرتجف.. و أن صدرك غطائي.. فلا تلب
و إن أخبروك أني أفتضح.. و أن وجودك ستري.. فلا تلب
و إن أخبروك أني أذبل.. و أن طيفك نضارتي.. فلا تلب
و إن أخبروك أني أشيخ.. و أن قربك شبابي.. فلا تلب
و إن أخبروك أني أغيب عن الوعي.. و أن حضورك حواسي.. فلا تلب
و إن أخبروك أني أتساقط.. و أن ذراعيك أجنحتي.. فلا تلب
و إن أخبروك أني أنكسر.. و أن يديك إلتصاقاتي.. فلا تلب
و إن أخبروك أني أتضور جوعا.. و أن رؤيتك لقمتي.. فلا تلب
و إن أخبروك أني أهستر بخرف.. و أن عطرك اتزاني.. فلا تلب
و إن أخبروك أني أضيع.. و أن صورتك عنواني.. فلا تلب
و إن أخبروك أني أنازع الروح بعسر.. و أنك يسر روحي.. فلا تلب
و إن أخبروك أني أحتضر.. و أن رؤيتك اشتهائي.. فلا تلب
و إن أخبروك أني تحولت إلى رفات.. و أن وصيتي صلاتك على جثماني.. فلا تلب
و إن أخبروك أني سكنت قبري.. و أن جلوسك على تربتي روضتي.. فلا تلب.. فقط امنحني فرصة الموت بهدوء.. و بلا وهم قد يأتي بك
نقطة الاكتفاء (1)
غادرك في هذا المساء قلب
لن تجد له بديلا.. إلا في صدر أمك
فها أنذا أرحل عنك كافية مكتفية من أصناف الحب و الحنين و الألم فقبل جبين ظروفك.. و بلغ قلبك مني السلام
و اعلم أني.. كنت المدللة في أهلي.. العزيزة في قومي
لكن ابتلاء الله العظيم.. كان بك
ابتلاء الله العظيم.. جاء بك
فأصبت بك كالمرض الخبيث
لكن المرض الخبيث لا يبقى.. و لا يبقي طويلا
و أنت بقيت فيً.. أكثر من اللازم
أنت نخرت عظامي أكثر من اللازم
أنت أحرقت صحتي.. أكثر من اللازم
أنت أدميت قلبي.. أكثر من اللازم
أنت تضخمت في رأسي.. أكثر من اللازم
أنت شوهت ملامحي.. أكثر من اللازم
أنت عبثت بكرامتي.. أكثر من اللازم
أنت مزًقت أوردتي أكثر من اللازم
أنت كسرت فرحتي.. أكثر من اللازم
أنت طرقت على ظهري.. أكثر من اللازم
أنت تماديت في صمتك.. أكثر من اللازم
أنت خسرتني.. أكثر من اللازم
نقطة الاكتفاء (2)
كنت الطائر الوحيد الذي أخفيته تحت جناحي.. و أرفرف فرحا تحت جناحيه
لكنك تماديت في إيذائي.. تماديت في إيذائي حد الجبروت
و بعض الأرواح نحبها.. و نتنفسها بشده.. و نتعلق بها جدا
لكننا نصل معها إلى درجة الاكتفاء.. فنكتفي
نكتفي من العذاب.. نكتفي من المهانة.. نكتفي من المعاناة
نكتفي من الخيال.. نكتفي من الأحزان.. نكتفي من الأوهام.. نكتفي من الاحتمال، فنضطر حين نجد أنفسنا عند نقطة الاكتفاء المريرة إلى أن نشرع لهم أبواب الرحيل
و نفتح أمامهم نوافذ قلوبنا على مصاريعها
و نطلق سراحهم من عالمنا و منا، نطلقهم كالطيور الجميلة..
نلوح لهم مودعين بألم، و تحجب دموعنا رؤيتهم بوضوح و هم يرحلون عنا.. و يبتعدون
لم تكن غطائي
افترقنا.. و مازلت أتنفس.. إذن لم تكن أنفاسي
افترقنا.. و مازلت أسير على قدمي.. إذن لم تكن صحتي
افترقنا.. و مازلت أرى الدنيا بوضوح.. إذن لم تكن عيني
افترقنا.. و مازلت أتحدث بطلاقة.. إذن لم تكن لساني
افترقنا.. و مازلت أنصت للأصوات باهتمام.. إذن لم تكن سمعي
افترقنا.. و مازلت أغني للمساء بإحساس.. إذن لم تكن صوتي
افترقنا.. و مازلت أنام بعمق.. إذن لم تكن أماني
افترقنا.. و مازلت أتدثر بدفء.. إذن لم تكن غطائي
افترقنا.. و مازلت أقف بشموخ.. إذن لم تكن قامتي
افترقنا.. و مازلت أحيا.. إذن لم تكن روحي
فأخبرني! إذا لم تكن أنت في حياتي كل ما سبق ذكره
إذن.. ماذا كنت أنت؟
احتراق
كأعواد الثقاب تماما
نحرق مئة.. و يحرقنا واحد
ألف يحب باء.. باء يحب تاء.. تاء يحب ثاء
ثاء يحب جيم.. جيم يحب حاء.. حاء يحب خاء
خاء يحب دال.. دال يحب ذال.. ذال يحب راء
راء يحب زين.. زين يحب سين.. سين يحب شين
شين يحب صاد.. صاد يحب ضاد.. إلخ
و حكاية تشتت لا نهاية لها
و بعد أن أرعبنا المساء
لم تكن عديل الروح لديً
كنت لديً أغلى من الروح و أكبر
نقلته لرووعته