لطائف بعض الآيات القرآنية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما بعد :
فهذه بعض اللمسات البيانية من كتاب
الأسئلة والأجوبة المفيدة
في
لطائف بعض الآيات القرآنية
للدكتور / فاضل صالح السامرائي
أستاذ النحو في جامعة الشارقة
ولعلي أقسمها على حلقات وأنتقي أجملها ليسهل قرآتها...
ما الفرق بين البأساء والضرّاء من حيث المعنى في القرآن الكريم؟
البأساء هي الشدّة عموماً ولكن أكثر ما تُستعمل في الأموال والأنفس. أما الضرّاء فتكون في الأبدان.
ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (هذا بلاغ للناس) سورة إبراهيم آية 52 و(بلاغ) سورة الأحقاف آية 35؟
كلمة (بلاغ) في سورة الأحقاف هي خبر لمبتدأ محذوف وتقديره : هذا بلاغ. ففي سورة الأحقاف سياق الآيات التي قبلها والمقام هو مقام إيجاز لذا اقتضى حذف المبتدأ فجاءت كلمة بلاغ ولم يخبرنا الله تعالى هنا الغرض من البلاغ ، أما في سورة إبراهيم فإن الآيات التي سبقت الآية (هذا بلاغ للناس) فصّلت البلاغ والغرض منه من الآية (ولا تحسبن الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون) آية 42.
ما الفرق بين كلمتي (عباد) و(عبيد) في القرآن؟
كلمة عباد تضاف إلى لفظ الجلالة فالذين يعبدون الله يضافون للفظ الجلالة فيزدادون تشريفاً فيقال عباد الله كما ورد في سورة الفرقان (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً {63})، أما كلمة عبيد فهي تُطلق على عبيد الناس والله معاً وعادة تضاف إلى الناس ، والعبيد تشمل الكل محسنهم ومسيئهم كما ورد في سورة ق (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ {29}). العبد يُجمع على عباد وتاعبد يُجمع على عبيد.
لماذا ذكر ( شعيب) في سورة الشعراء بينما ذكر (أخوهم شعيب) في سورة هود؟
شعيب أُرسل إلى قومين هما قوم مدين وهو منهم فعندما ذهب إليهم قال تعالى (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ {84}) وأصحاب الأيكة ولم يكن منهم وليسوا من أهله فلم يذكر معهم أخوهم شعيب لأنه ليس أخوهم (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ {176} إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ {177}). وكذلك في القرآن الكريم لم يذكر في قصة عيسى - عليه السلام - أنه خاطب قومه بـ (يا قوم) وإنما كان يخاطبهم بـ (بني إسرائيل) لأنه ليس له نسب فيهم أما في قصة موسى فالخطاب على لسان موسى جاء بـ (يا قوم) لأنه منهم
ما اللمسة البيانية في استخدام (لا أقسم) في القسم في القرآن الكريم؟ (لا أقسم بيوم القيامة) (لا أقسم بهذا البلد) ؟
لم يرد في القرآن كله كلمة (أقسم) أبداً وإنما استخدم لفظ (لا أقسم) بمعنى أقسم و(لا) لتأكيد القسم. فقد يكون الشيء من الوضوح بمكان بحيث لا يحتاج لقسم وهذا تعظيم للشيء نفسه. وقد تعني (لا أقسم) أحياناً أكثر من القسم (زيادة في القسم).
ما الفرق البياني بين قوله تعالى (ما منعك أن تسجد) سورة ص و(ما منعك ألا تسجد) سورة الأعراف؟
هناك قاعدة(لا) يمكن أن تُزاد إذا أُمن اللبس، وسُمّيت حرف صلة وغرضها التوكيد وليس النفي. ونلاحظ أن سياق الآيات مختلف في السورتين ففي سورة الأعراف الآيات التي سبقت هذه الآية كانت توبيخية لإبليس ومبنية على الشدة والغضب والمحاسبة الشديدة وجو السورة عموماً فيه سجود كثير.
ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (ليس البِرَّ أن تولوا وجوهكم) سورة البقرة وقوله تعالى (ليس البرُّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها) سورة البقرة؟
البرَّ بالفتحة في الآية الأولى هي خبر ليس و" أن تولوا " هو الاسم ، أما في الآية الثانية فكلمة (البرُّ) بالضم هي اسم ليس.
ما الفرق بين كلمة (المخلَصين) بفتح اللام وكلمة (المخلِصين) بكسر اللام؟
المخلَصين بفتح اللام تعني من أخلصه الله لعبادته وطاعته، أما المخلِصين بكسر اللام فتعني من أخلص نفسه لعبادة الله وطاعته.
ما معنى قوله تعالى (وأُمرت أن أكون أول المسلمين) عن سيدنا محمد مع العلم أن الأنبياء قبله كانوا مسلمين؟
الإسلام هو دين الله وهو الدين من أول الأنبياء إلى يوم الدين وقد سبق في القرآن الكريم ذكر نوح وإبراهيم ولوط ومن اتبعهم بأنهم من المسلمين لكن دين الإسلام كإسلام أُطلق على ديننا وسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - هو أول من أسلم
ما اللمسة البيانية في استعمال صيغة المضارع مرة وصيغة الماضي مرة أخرى في قوله تعالى (من كان يريد الآخرة) و (من أراد الآخرة)؟
استعمال فعل المضارع مع الشرط يكون إذا كان مضمون أن يتكرر. أما استعمال فعل الماضي فالمضمون أن لا يتكرر أو لا ينبغي أن يتكرر. كما نلاحظ أيضاً في قوله تعالى (ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد) ينبغي تكرار الشكر لذا جاء بصيغة الفعل المضارع (يشكر) أما الكفر فيكون مرة واحدة وهو لا ينبغي أن يتكرر فجاء بصيغة الماضي في قوله (كفر). كذلك في قوله تعالى (من قتل مؤمناً خطأ) المفروض أن القتل وقع خطأ والمفروض أن لا يتكرر أما في قوله تعالى (من يقتل مؤمناً متعمداً) هنا تكرار للفعل لأنه قتل عمد.
ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) في سورة الإسراء وقوله تعالى (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) في سورة الأنعام ؟
في الآية الأولى في سورة الإسراء الأهل ليسوا فقراء أصلاً وعندهم ما يكفيهم ولا يخشون الفقر ولكنهم يخشون الفقر في المستقبل إذا أنجبوا بأن يأخذ المولود جزءاً من رزقهم ويصبح الرزق لا يكفيهم هم وأولادهم ويصبحوا فقراء فخاطبهم الله تعالى بقوله (نحن نرزقهم وإياكم) ليطمئنهم على رزقهم أولاً ثم رزق أولادهم ولهذا قدّم الله تعالى رزقهم على (إياكم) لأنه تعالى يرزق المولود غير رزق الأهل ولا يأخذ أحد من رزق الآخر. أما في الآية الثانية فهم فقراء في الأصل وهمّهم أن يبحثوا عن طعامهم أولاً ثم طعام من سيأتيهم من أولاد فالله تعالى يطمئن الأهل أنه سيرزقهم هم أولاً ثم يرزق أولادهم لأن الأهل لهم رزقهم والأولاد لهم رزقهم أيضاً
لماذا جاءت كلمة سيّد في القرآن الكريم في سورة يوسف (وألفيا سيدها لدا الباب)؟
أهل مصر كانوا يسمون الزوج سيداً وقد وردت هذه الكلمة مرة واحدة في سورة يوسف وفي القرآن كله لأنها كانت معروفة في لغتهم آنذاك.