أسدل الليل أستاره وأرخى سدوله
واكتست صفحة الكون الفسيح بالسواد معلنة وقت الهدوء والراحة
نعم الليل وقت هدوء لعامة الناس
أما أصحاب الاقلام والافكار والروئ والفلسفات فإنه وقت التأمل والالهام
غرقت فى التفكير ليس معى غير قرطاسى ويراعى
فلا زلت أغازل قلمى وأناجيه أن يستجيب لفكرة خطرت فى ذهنى
حتى استجاب بعد إلحاح طويل وكأنه يتدلل علينا
فأنا لا أملك غيره
ولا أستطيع التعدد
ولا أطيق أن آتى له بشريك
فأنا لا أملك غيره فى هذه الدنيا
لكن أشهد الله أنى ما استخدمته أبدا فيما يغضبه
و لا استعملته يوما فى نشر الدعارة الفكرية والفلسفية
تأملت فى أصابع يدى
وحاولت أن أصنع حوارا بينهم
فألقيت عليهم سؤالا؟
أيتها الاصابع الصامته؟
أيكم الاعظم والافضل والانفع ؟
فتعجبت الاصابع من هذا السؤال المفاجئ ؟
فتهامست الاصابع فيما بينهم وكان من المفترض أن يقوم ممثل عنهم جميعا
ويعلن أنهم أصابع يد واحدة ولا فرق بين أحد منهم
لكن جاءتهم الحالقة ودب بينهم الشجار
واجتمعوا على أن يتفرقوا
كما هى عادة جامعتنا العربية بل أمتنا الاسلامية -للأسف -
فوقف الإبهام ليعلن :
إن الأمر لا يحتاج إلى طول بحث ونقاش
، فإني أكاد أن أكون منفصلا عنكم ، وكأنكم جميعا تمثلون كفة ،
وأنا بمفردي أمثل كفة أخرى ، إنكم عبيد لا تقدرون أن تقتربوا إلي .. أنا سيدكم ، إني أضخم الأصابع وأعظمها ..
وفي سخرية .. انبرى السبابة يقول :
لو أن الرئاسة بالحجم لتسلط الفيل على بني آدم
، إني أنا السبابة ، الأصبع الذي ينهى ويأمر ، عندما يشير الرئيس إلى شيء أو يعلن أمراً ،
يستخدمني ، فأنا أولى بالرئاسة ..
ضحك أصبع الوسطى وهو يقول :
كيف تتشاحنان على الرئاسة في حضرتي ؟
، وأنا أطول الكل ، تقفون بجواري كالأقزام ،
فإنه لا حاجة لي أن أطلب منكم الخضوع لزعامتي ، فإن هذا لا يحتاج إلى طول جدال
تحمس البنصر قائلا :
أين مكاني يا إخوة ؟
انظروا !
فإن بريق الخاتم يلمع في أصبعى، إني ملك الأصابع وسيدهم بلا منازع ..
أخيرا بدأ الخنصر يتكلم .. صمت الكل وفي دهشة ..
ماذا يقول هذا الإصبع الصغير الخنصر !؟
لقد قال :
اسمعوني يا إخوتي ،
إني لست ضخما مثل الإبهام بل أرفعكم ..
ولست أعطي أمراً أو نهيا مثل السبابة ..
ولست طويلا مثل أصبع الوسطى بل أقصركم ..
ولم أنل شرف خاتم الزواج مثل البنصر ..
أنا أصغركم جميعا،
متى اجتمعتم في خدمة نافعة تستندون علي ،
فأحملكم جميعا ..
عند ذلك أدرك الجميع أن من يساعد الغير ويقف معهم ،
هو من يستحق الاحترام والتبجيل
وأولى أ ن يُرفع ويقود ويسوس