شعر د. محمود السيد داود
الأستاذ المشارك بجامعة الأزهر
قصيدة نشارك بها فى ثورة التحرير التى تمر بها مصر هذه الأيام، على لسان كل واحد من الثوار الأحرار أبطال القاهرة فى ميدان التحرير وعلى لسان كل واحد من شعب مصر من الشباب الأطهار فى سائر الميادين الأخرى من أرض الكنانة، الذين جعلوا مصر تنفس الصعداء، وتمر بمرحلة مخاض جديدة، تلبس البلاد من خلالها لباس الشورى، والديمقراطية، والحرية، والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، " وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " يوسف من الآية رقم 21 .
أنا قَاهِرِىٌّ والكنانةُ دارى = وإزاحةُ الطاغوت بات قرارى
أنا قَاهِرِىٌّ فى دمائى ثورة = تَغْلِى، وفى قِدْرِ الزمان شرارى
أنا قَاهِرِىٌّ للطغاة وهَبَّتِى = فى هَدِّهم أقوى من الإعصار
أنا قَاهِرِىٌّ فى سمائى عزةٌ = تكوى ظهور عروشهم بالنار
تأتى على الفرعون وقت هياجه = فتحيله حجراً من الأحجار
وتحول الكرسى بعد بريقه = خشباً إلى التابوت والمسمار
أنا قَاهِرِىٌّ للطغاة وعُدَّتِى = سيلُ الشباب منابع الأنهار
أجناد مصر وهو بكل بسيطةٍ = أطهارُها وطلائعُ الأخيار
أنا قَاهِرِىٌّ للسماء تَطَلُّعى = وعلى ميادين الشرى أخبارى
وأجول فى كل المدائن شامخا = لكنْ بقاهرة المعز قرارى
*******
أ "مبارك" ولأنت شرُّ بلية = نزلت بمصر على مدى الأعمار
نزلت بمصر وإن بعض بلائها = يكفى لكل الأرض والأمصار
جعلت جموع الشعب بعد غنائهم = يتقاسمون الفقر بالقنطار
جعلت شباب النيل شيئا عاطلاً = صدأوا وهم فى نضرة الأزهار
جعلت بيوت الموت بعد مهابة = للكادحين مساكنا وحوارى
جعلت شيوخ العلم أسفل منزلاً = ممن بجهل الجاهلين يجارى
جعلت كرام الناس سقطا ضائعاً = أما اللئام فهم رؤوس الدار
جعلت من الأحرار شر عصابةٍ = ومن الحرائر فى البلاد جوارى
جعلت من الأعيان سربا تابعاً = لمن ارتقى سطح السفاح يمارى
جعلت من الشعب العظيم جحافلاً = تجرى أمام الذل والإعسار
جعلت من الشعب العظيم جحافلاً = رضخت لقهر العيش والأسعار
رضخت وماء النيل يجرى بينهم = والأرض حبلى من هوى الأشجار
أ "مبارك" هذى البلية بوركت = واسم الرئيس له من الأسرار
*******
كانت لنا بلد تجود على الورى = أُمُّ البلادِ وشامخِ الأقطار
أمٌّ تَؤُمّ الأرضَ فى محرابها = وتقودها نحو العلا بفخار
وتوزع القبلات فى أطرافها = وتمد كل الناس بالأنوار
وتضم بالأحضان وهى سعيدة = أبناءها والجارَ بعد الجار
واليوم باتت يا " مبارك " مصرُنا = ثكلى، وكانت للأنام تدارى
وإذا بها لما رأت خيراتها = تُهدى إلى الفساق والفجار
والغاز من بئر الكنانة عنوةً = يُهدى إلى الأعداء باستكبار
والضيق والتنكيل شب لهيبه = والسجن ضاق بزمرة الأطهار
قامت تصيح ورُبًّ صيحة واحد = جاءت على عرشٍ بكل دمار
فى ثورة التحرير كان صياحها = أقوى بها ما حل ّ من أقدار
فى ثورة التحرير هزت أرضها = لتُقدِّم الأثقال للثوار
وعلى الثرى سالت دماء شبابها = والدمع من عينها فى الأنهار
و"مبارك" ما زال ينكر صوتها = شُلًّت لديه مسامع الأبصار
و "مبارك" ما زال ينكر صوتها = وأنينها ، والويل للإنكار
بلدٌ تصيح وقلب قلب رئيسها = طبعت عليه مذلة بالعار
وكذاك يطبع فى البرية دائما = ربى بقلب الحاكم الجبار
*******
أ "مبارك" فى مصر مات نظامكم = قد شيعته مواكب الأحرار
دفنت معالمه وغيب جسمه = من غير رأس فى البرية عارى
أ "مبارك" ماذا دهاك بعصرنا = أتلوذ من حكم السما بفرار
أ "مبارك" ماذا دهاك وعندنا = أن الفناء على الخلائق سارى
والحكم فينا " كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ " = لن يبق غير الواحد القهار
أ"مبارك" لا شك أنك راحل = فارحل وعندك مهنة الطيار