أعوامٌ وشهور قد مضت من عمرك وأنت لم تهجر الذنوب أما تستحي من علام الغيوب ؟
كأنك لم تعلم أن المهاجر الحقيقي :
من هجر ما نهى الله ورسوله عنه .
كأنك لم تعلم أن الحياة كما نظر إليها الشاعر :
نظرت إلى الحياة فلم أجدهاسوى حلم يمر ولا يعـود
ألم يقل ابن الجوزي - رحمه الله - مخاطباً إياك :
( أين لذة معصيتك ؟ وأين تعب طاعتك ؟ هيهات ! رحل كلّ بما فيه )
إلى متى ستبقى مصراً على مبارزة الله بالمعاصي ؟
إلى متى ستبقى بعيداً عن الله الذي غذاك جنيناً وطفلاً وحفظك شاباً ورجلاً ؟
إلى متى ستبقى بعيداً عن كتاب الله الذي وضعته على الرف ولا تراه إلا في رمضان ؟
إلى متى ستبقى عبداً للشهوات يغضب منك الرحمن ويرضى عنك الشيطان ؟
ها هـي الأعـوام تجري والشهـور وأنت إلى الآن ما جددت لله توبة !!
صدق القائل عندما قال :
ثم انقضت تلك السنون وأهلهافكأنهـا وكأنـهـم أحــلام
ارجع إلى الله قبل أن تقول :
( يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ )
( رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ).
( يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا )
يا هـذا كأنك ما سمعت بصراخ أهل النار:
( قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ).
وما سمعت بجواب الله:
( قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ).
كم تخطط في هذه الدنيا للمستقبل
والقدر فوق رأسك يهمس في أذنك :
هيهات هيهات وما يدريك أنك ستعيش إلى تلك الأثناء !!
إلى متى تسمع قول الله عز وجل:
( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ)
وأنت لم يخشع قلبك ولم ترجع إلى ربك ؟
يا من لعبت بك الدنيا وغرتك الأماني والآمال هل تعلم متى تنتهي الآجال ؟
يا من يسمع نصحي ارجع إلى مولاك فإنه قد ناداك :
( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ) .