أسرته تمنت له الموت للرأفة.. فأراد هو الحياة
أصيب بالشلل والعمى.. فاستعان بالله ليصبح أستاذا جامعيا
زكى عثمان.. كان طفلا مثل باقي أقرانه نشأ في أسرة تنتمي لصعيد مصر، لكن في عامه الثاني أصابته حمى روماتيزمية تسببت في إصابته بضمور في العضلات، وتوقف نمو القدمين، وفقدان البصر تماما.
وفى ليلة وضحاها، أصبح الطفل قصة تترد على لسان الأهل والأقارب.. تلوكها الألسن، وتتبعها الحسرات والدعوات الملحة بأن يموت الطفل رحمة بوالديه، حيث أصبح عبئا على الأسرة.
لكن الطفل الذي تمنى الأهل والأقارب موته استفزته هذه النظرة؛ لما بدأ يعقل ما يدور حوله، فقرر أن يتحول من شخص غير مرغوب إلى مصدر فخر لأسرته، وبالفعل وجد زكي ضالته في التعلم، حيث لم يجد وسيلة يذهب بها للمدرسة، إلا الحبو على قدميه ويديه، حتى أصبح أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر.
ويروي الدكتور زكي قصته في حديث لقناة "دريم" الفضائية، قائلا ولدت سويا تماما، إلا أنني أصبت بالحمى الروماتيزمية وعمري عامين، وفقدت البصر وتوقف نمو قدمي، إلا أنني لم أشعر أبدا بأنني معاق أو محروم من نعمة الإبصار، فتعلمت السير على يدي وقدمي معا كأنني أحبو تماما، وفي الوقت الذي انهالت الدعوات على والدي بأن يرحمهما الله من عبئي عليهما ويتوفاني، شاءت إرادة الله -على رغم أمنياتهم- أن تجعلهم بإذن منه يحملونني للكتاب لحفظ القرآن، وكانت تلك مهمة والدتي الشاقة واليومية في نفس الوقت".
ويواصل قائلا "حين التحقت بالأزهر، وكنت لا أزال أسير على قدمي ويدي، نصح الناس أبي بأن يقعدني، وأن يلقي لي كل أخ من إخوتي بلقمة تقيني الجوع وكفى".
وشاءت إرادة الله أن تنتصر على كل ما رسمه الأهل لزكي من مستقبل؛ ليجعلهم يستمرون في تعليمه، على رغم أنه يتوجه لمدرسته حبوا على أسفلت الطريق صيفا وشتاء، شاعرا بلذة طلب العلم، على رغم العناء، ومحولا كل آلامه إلى آمال عريضة.
ويتابع أنه ربما بعض الناس قد تجنبوني، وبعضهم ساندني، وبعضهم أشفق علي، ولكن في النهاية مشاعري أكدت لي -عبر مراحل حياتي المختلفة- أن الله لن يضيعني، فأحيانا كنت أجد عميدا للشرطة يوقف الأتوبيس العام ويحملني على ذراعيه ليجلسني فيه".
باب صغير
وبعد التخرج من الجامعة شعر زكي عثمان بأنه فتح بابا صغيرا من العلم استطاع عبره الدخول إلى باب أوسع، ثم بعد ذلك تحمل مسؤولية الدعوة، فقرر الحصول على الماجستير.
ومن الماجستير بلغ الشاب المصري حلمه في الدكتوراه، التي وجد في طريقه إليها تعنتا من بعض أساتذته المقتنعين بأن حالته لا يناسبها إلا الاكتفاء بالدعوة في المساجد.
وينبه الدكتور عثمان زكي كل فاقدي البصر إلى مبدأ هام يجب أن يؤمنوا به جميعا، قائلا إن الله سبحانه وتعالى اختارك، واختار لك،
فكن تحت اختيار ربك بإرادة ربك تنجح بإرادتك".