"..بداية هم تجي وتظم وتجرحني وتتعبني
غريب أوطان أعيش أحزان فقدت أشياء تسعدني.."
"الإغتراب عن الوطن"
موضوع الإغتراب موضوع كبير ,
وهام , وواسع , إنه مأساة العصر ..
وأزمة هذا الزمن الردئ .. وظاهرة تتّسع يوما بعد اّخر
فمنذ خمسينات القرن الماضي ,
حتى هذه اللحظة , اّخذة بالإتساع وإرتفاع وتيرتها ,
نظرا للظروف والتطوّرات السريعة
والمتغيّرات الداخليّة المحليّة .. والأقليميّة .. والدوليّة .
"؛
"تعريف الإغتراب"
هو إقتلاع المرء من جذوره ومحيطه ,
إلى بيئة أخرى , بعيدة .. أو قريبة .
والإغتراب .. إما إغترابا قسريّا .. أو إختياريّا ,
بعيدا عن مكان ولادته .. وملعب طفولته .. وذكرياته ..
وتفاصيل الحياة اليوميّة , الجغرافيّة , والإجتماعيّة , والعاطفيّة
إنها عمليّة , وتجربة , وامتحان صعب وقاس ..
ينتج عنها أبعاد مباشرة وغير مباشرة ,
بما لها من إنعكاسات وتأثيرات عميقة على الروح .. والجسد , والفكر.
فالإنسان كتلة من لحم ودمّ .. مشاعر وأحاسيس ..
وعواطف يتأثر سلبا أو إيجابا بمجريات حياته .
"؛
جميل على المرء أن يعيش كل هذه القائمة من الإمتحانات اليوميّة
.. لكي يتعرّف جيّدا على أبعادها .. وتأثيراتها المتعدّدة ,
ولكي يشعر ويتعاطف الإنسان مع الذين عاشوها .. واختبروها –
!
" الغربة مضيّعة الأصول " ..
طال نهارك .. أيّها الغريب ...
الحلم ساخن .. لكنّه يخرج مكسورا من الشرفات "
"انعدام القدرة أو السلطة"
و يكون هذا بمعنى العجز عن عن الفعل و التفعيل
حيث يستدعي هذا المنظور تأكيد الظروف الموضوعية للأفراد
باعتبارها مسؤولة عن تحديد درجة ما يمكن من واقعية
في استجاباتهم إلى تلك الظروف
إذا تصفّحنا التاريخ .. نرى معظم الأنبياء ..
والرسل .. والدعاة .. وقادة الثورات ,
والأحزاب , والإصلاح , والتغيير , تاريخيّا ,
حتى هذه اللحظة ..
عاشوا تجربة الإبعاد , والنفي , والتهجير .. أو الإغتراب ..
إبتداء من السيّد المسيح .. والنبي محمّد .. وووووو
إلى لينين – ماركس – هوشي منه - وو
من عبد القادر الجزائري , إلى سعد زغلول
إبراهيم هنانو , والمطران كبّوتشي ,
و.مناضلي وقادة الأحزاب العربية و الكرديّة
( في سوريّة والعراق , تركيا وإيران )
وقادة المنظّمات الفلسطينيّة –
وأصحاب المواقف والتيّارات الوطنيّة والرأي ,
وأكثر المعارضات العربيّة -
هربا من الطغاة والظلم والأنظمة الديكتاتوريّة
أو الرجعية والشوفينية المستبدّة .. الحاقدة .
هناك أسباب عديدة وكثيرة"
للإغتراب كما نعلم ..
لأسباب الإقتصاديّة –السياسيّة - الدينية - الثقافية والعلميّة وغيرها –
ولا ننسى الحروب المستمرّة
والمجازر الفرديّة والجماعيّة في المدن والسجون ..
والإنتفاضات .. والأنفال , والإغتيالات بكل أنواعها ومراكزها وووو ... ,
وأخطر وأقسى هذه الأسباب هي الأسباب السياسية ,
تحت ظلّ أنظمة القمع والرعب والخوف واللصوصيّة
في الدول ذات الحزب الواحد الفردي أو الأميّ أو العسكري
أو الأنظمة العنصريّة الشوفينية ( قوميّا – ودينيا )
التي تلغي وتحتقر الاّخر , وتلغي العقل وتنتهك ,
أبسط حقوق الإنسان وتضع جميع الأحرار في بلدانها ,
من حملة الرأي والفكر .. في المجتمع و الأحزاب
والنقابات وغيرها أمام خيارين :
إمّا الإعتقال الكيفي .. والتعذيب والموت في السجون
, دون محاكمة , أو بعد محاكمات صوريّة .
أو .. بالنفي إلى الخارج
لذلك..
يبقى المغترب واللاجئ السياسي صاحب القضيّة
أكثر ألما وعذابا وعناء من اللاجئين العادييّن الذين لا يحملون قضيّة ,
حيث اغتربوا لتحسين ظروفهم المعيشيّة هربا من الفقر والبطالة
, أو التسريح والجوع , وانعدام العدالة –
وهم بإمكانهم زيارة الوطن , والعائلة في أي وقت ,
والإتصال بالجميع دون حرج أو خوف أو ضغوط ,
بعكس المغترب أو المغرّب " المبعد السياسي .
والذي يزيد ويضاعف من معاناة اللاجئين السياسيّين ,
هو خوفهم على أهلهم بالداخل
, وحرمانهم من الإتصال الطبيعي معهم ومع أصدقائهم
, نتيجة ظروف الرقابة والتجسّس التي تحيطهم بها أنظمة القمع ,
ومراقبة كل حركة من حركاتهم .
ومن الأغتراب
الاغتراب للتعلم: إن التعلم هو أول سبب من أسباب الإغتراب،
وقد حثت بعض الروايات على السعي وراء العلم حتى لو كان بلاد بعيدة
واستلزم المشقة والتعب والهجرة ومن هذه الروايات
ما ورد عن النبي الأكرم (ص) :
ؤاطلبوا العلم ولو بالصين فان طلب العلم فريضة على كل مسلم».
بين العصبية وحبّ الأوطان
قد يتخيّل البعض هنا أنّ الإنسان المحب للوطن يندرج في إطار الأناس المتعصبين
، والذين ذمتهم الروايات الكثيرة، وقالت أنهم لن يدخلوا الجنة،
إلا أنّه شتّان ما بين الأمرين إذ العصبية شيء وحب الأوطان شيء اخر،
فالعصبية المنهي عنها هي الدفاع عن الوطن في الأمور السلبية،
بحيث ترى المساوى فيه محاسن،
وحبّ الوطن ليس كذلك، لأن حب الوطن المزروع في فطرة الإنسان يدعوه،
عندما يرى أمرا مشينا فيه، أن يسعى لإصلاحه، ففي الرواية عن أمير المؤمنين (ع):
«عمرت البلدان بحب الأوطان»،
وقد كان الرسول الأكرم (ص) محبّاً لوطنه
حيث تنقل الروايات لنا حالة عاطفية مؤثرة لرسول اللَّه (ص)،
عندما التقى بأبان وهو قد وصل من وطنه مكة حديثا فقال له:
«يا أبان! كيف تركت أهل مكة؟ فقال: تركتهم وقد جيدوا،
وتركت الإِذْخِر وقد أعذق، وتركت الثُمام وقد خاص،
فاغرورقت عينا رسول اللَّه (ص)».
«لا مانع من البقاء والعيش في نفسه في بلد تتوفر فيه أسباب المعاصي
لا سيما إذا كان مضطراً إليه، ولكن يجب عليه التجنب عما يحرم عليه شرعاً،
ولا فرق في وجوب الالتزام بالتكاليف الشرعية من أداء الواجبات
وترك المحرمات بين المكلف البالغ حديثا وبين سائر المكلفين».
غريب صاح بعد ما راح محد يدري و يسمعني.."
"..أنا يا ليل أعيش الويل نداء الخلان يتبعني