ترنم الليل بشجون أرددها فهام الخيال بحثاً عن مسراتي
دائماً عندما تصل لمرحلة الإنفجار من كل شيء
تجد حتى اليراع يصل لذروة ألمه مما يجعله يزرف بقعاً من الحبر
بدلاً من صف حروف تثلج الصدر وتنثر بعضاً من همومه عبر الأثير.
كل ليلة كان لها بضعٌ من الزمن تقضيه مع شجونها ,
تمضي نهارها متقلبة بين مجاملة ومسامرة
بين بث الفرح وجمع التفاؤل بين مداعبة هذه وملاطفة تلك
تزيف وتأقلم وتلون كل شي حولها لتجعل الأيام أجمل
والذكريات أعبق والأمنيات أسعد....
لكنها كانت حزينة ترسم الإبتسامة رسماً
لم تكن تخرجها من الصميم ,
تبهرج الأنين كقيثارة يضحك لسامعها الجاهل
وعندما يصادفها أي عائق أو أية عاصفة كانت ببساطة تتجاوزها
تاركة ماخلفته من دمار لنفسها إلى موعدٍ قد اخترعته
ليكون موعد للذات للتتوارى وتبتعد عمن تخشى منه أن يراها
أو أن ينظر إليها بازدراء أولكي لاتُفهم على نحو غير الذي تقصدهُ
وكأن جبران حين قال ماقاله عن الغزال الجريح
قد أصابها قبل غيرها به فقد قال :
( إن النفس الكئيبة تجد راحة بالعزلة والإنفراد
فتهجر الناس مثلما يبتعد الغزال الجريح عن سربه
ويتوارى في كهفه حتى يبرأ أو يموت).
هو موعدها مع نفسها متجردة من كل الأقنعة أو ربما الإيحاءات
التي ترسمها على وجهها وكأنه تأجيل للألم.
تقول لن أبكي الآن ....سأبكي عند ذلك الموعد
لن أتألم الآن .... سأدعه لذلك اللقاء
لن أفكر الآن .... سأفكر في تلك الساعة
تلك الساعة كانت قبل موعد رحيلها من عالم الواقع إلى عالم الأحلام
عند مجالستها للعقل وتحليقها به
وهنا تبدأ الصراعات مع النوم هو يأتي وهي تبعده...
وهكذا حتى يتغلب عليها وتهدأ.
وتبدأ مرحلة أخرى تبحث فيها عن ضالتها ومن فقدته
تحتريه في كل شيء ....وتُوجِدُهُ في كل شيء....
آخر لقاء لهم يوم أن قرر المهاجرة وكانت ليلة عاصفة مظلمة ,
أخبرها بأنه راحل ولكن سيأتي يوماً ما ويلقاها
كان يرمقها بنظرات الراحل الراجي
وقد ظللت جبينه الوضاء سحابة سوداء من الحزن
وبدأت سطور من نور تنحدر على الخدين خدها وخده.
أراد مطاردة النجوم فخرج في ذلك الظلام
كانت عدته قليلة قدمين متعبتين ,وكسرة خبز, وحفنة أمل ...
لن تلبس طويلاً حتى تنتهي ويُنهكه الجوع والبرد والتعب
وهي تعلم أن أكثر ما سيتعبه الفقد.
مضى بدربه ومضى بروحها معه
وبقيت على الباب واقفة خائفة تتمنى أن ينزل ضبابٌ على الدنيا فيمحها
كانت تهابُ الليل وتفرح بقدومه ...
فهو إن أتى أتاها معه وإن رحل رحلت أمنياتها بلقائه .
في كل ليلة تفرش الدروب التي تودي إلى بيتها زهرٌ أبيض
كان يهواه كثيراً وتنزع الحصيات من على جنبات الطريق لكي لايتعثر بها ...
تنثرالعطور في كل الأرجاء وتنير غرفتها بمصباح التفاؤل
ولاتنسى الزي المفضل الذي كان يفضله عليها
انه لباس من النور تضيء به عتمة الليالي الفقيدة بصلاة وقرآن
يزيحا بعضاً من هم ويفتحا أبواباً من التفكر
فكلما لاح نجماً في سماء غرفتها ...
وكلما سمعت خطى على الدرب خرجت ظناً منها أنه هو..؟!
وإلى الآن تنتظره وتحدثه وهو صامت فتسمع همس فؤاده قائلاً
ولاشيء يوقظها من حلمها وترحالها به سوى
منبه هاتفها بصوت الغزاوي يصدح بأرجاء غرفتها
وهو قائل الله أكبر الله أكبر ...
فقد حان موعد الفجر والفجر سيأتي لامحالة.
كان ذلك الفقيد هو الحلم والهدف
ويوماً ما سيتحقق راجية من الله لها ذلك.