إيليا أبو ماضي
ليت الذي خلـق العيـون السـودا
خلـق القلـوب الخافقـات حـديـد
لولا نواعسهـا و لـولا سحرهـا
مـا ودّ مالـك قلبـه لـو صيـدا
عوّذ فـؤادك مـن نبـال لحاظهـا
أو مت كما شـاء الغـرام شهيـدا
إن أنت أبصرت الجمال و لـم تهـم
كنت امرءا خشن الطبـاع ، بليـدا
و إذا طلبـت مـع الصبابـة لـذّة
فلقـد طلبـت الضائـع الموجـودا
يا ويـح قلبـي إنّـه فـي جانبـي
و أظنّـه نائـي الـمـزار بعـيـدا
مستوفـز شوقـا إلـى أحبـابـه
المـرء يكـره أن يعيـش وحيـدا
بـرأ الإلـه لـه الضلـوع وقايـة
و أرتـه شقوتـه الضلـوع قيـودا
فإذ هفا بـرق المنـى و هفـا لـه
هاجـت دفائنـه عليـه رعــودا
جشّمتـه صبـرا فلمّـا لـم يطـق
جشّمتـه التصويـب و التصعـيـدا
لو أستطيع وقيتـه بطـش الهـوى
و لو استطاع سلا الهوى محمـودا
هي نظرة عرضت فصارت في الحشا
نارا و صـار لهـا الفـؤاد وقـودا
و الحبّ صوت ، فهـو أنّـه نائـح
طـورا و آونـة يكـون نشـيـدا
ما لي أكلّف مهجتـي كتـم الأسـى
إن طال عهد الجرح صـار صديـدا
و يلـذّ نفسـي أن تكـون شقيّـة
و يلـذّ قلبـي أن يكـون عمـيـدا
إن كنت تدري ما الغـرام فداونـي
أو لا فخـلّ الـعـذل و التفنـيـدا
يا هند قد أفنـى المطـال تصبّـري
و فنيت حتّـى مـا أخـاف مزيـدا
ما هـذه البيـض التـي أبصرتهـا
فـي لمّتـي إلاّ اللّيالـي الـسـودا
ما شبت من كبـر و لكـنّ الـذي
حمّلـت نفسـي حمّلتـه الـفـودا
هـذا الـذي أبلـى الشبـاب وردّه
خلقـا وجعّـد جبهـتـي تجعـيـدا
علمت عينـي أن تسـحّ دموعهـا
بالبخـل علمـت البخيـل الجـودا
و منعـت قلبـي أن يقـرّ قـراره
و لقد يكون على الخطـوب جليـدا
دلّهتني و حميـت جفنـي غمضـه
لا يستطاع مـع الهمـوم هجـودا
لا تعجبـي أنّ الكـواكـب سـهّـد
فأنـا الـذي علّنتهـا التسهـيـدا
أسمعتها وصف الصبابـه فانثنـت
و كأنّما وطـيء الحفـاة صـرودا
متعـثّـرات بالـظـلام كـأنّـمـا
حـال الظـلام أسـاودا و أسـودا
و أنّها عرفت مكانـك فـي الثـرى
صارت زواهرهـا عليـك عقـودا
أنت التي تنسـى الحوائـج أهلهـا
و أخـا البيـان بيانـه المعـهـودا
مـا شمـت حسنـك إلاّ راعـنـي
فوددت لـو رزق الجمـال خلـودا
و إذا ذكرتك هـزّ ذكـرك أضلعـي
شوقـا كمـا هـزّ انسيـم بنـودا
فحسبت سقط الطلّ ذوب محاجـري
لو كـان دمـع العاشقيـن نضيـدا
و ظننت خافقة الغصـون أضالعـا
و ثمـارهـن القانـيـات كـبـودا
و أرى خيالـك كـلّ طرفـة ناظـر
و مـن العجائـب أن أراه جـديـدا
و إذا سمعت حكايـة مـن عاشـق
عرضا حسبتني الفتـى المقصـودا
مستيقـظ و يظـنّ أنّــي نـائـم
يا هند ، قد صار الذهـول جمـودا
و لقد يكون لي السلوّ عن الهـوى
لكنّـمـا خـلـق المـحـبّ ودودا
م ن ق و ل