يشغل كثير من الناس أنفسهم في نقد الآخرين أو تقييمهم
ويذكرون آراءهم في أساليب الآخرين وقراراتهم، فإذا جاءت الفرصة
وأصبح هؤلاء في محل المسؤولية وجدتهم من أفشل الناس
وأكثرهم أخطاء، وذلك لأنهم بدل التعلم والاستفادة من أخطاء الآخرين
كانوا يستهزئون بغيرهم، وفي أحسن الحالات كانوا يتذمرون،
يقول روجرز “كل شيء يكون مضحكاً مادام يحدث لشخص آخر”
نحن بحاجة إلى من يوجهنا ويذكرنا بأخطائنا، ولكننا في الوقت نفسه
نحتاج إلى كل شخص أن يتعلم من غيره ويكون أفضل حالاً ممن كان ينتقده،
تخبرنا الأيام أن شديد اللهجة وكثير النقد هو أسوأ الناس قيادة وإدارة
لأنه في نهاية المطاف لا يترك لنفسه صديقاً ولا يترك لنفسه زميلاً،
يقول داندميس” لا تشجب حكماً صادراً من أحد لمجرد أنه يخالف حكمك.. ف
قد تكونان أنتما الاثنين مخطئين“.
نحن بحاجة ضرورية إلى ثقافة الاستعداد.. وهي أن نهيئ أنفسنا
ونجهزها للتعايش مع ظروف المستقبل، فمن الخطأ أن أنتظر حتى أرى قرار
التعيين لأتعلم الإدارة وأتقن القيادة، بل من المهم أن أتهيأ وأثقف نفسي
وأدربها قبل وصولي إلى القمة، وهناك كثير من الناس
من يردد (لن تتعلم السباحة إلا في الماء) وهذا صحيح لكن موقعها هنا خطأ
لأن من المهم أن أتعلم الإدارة والقيادة وفن تحقيق الأهداف قبل أن أصل إلى أعلى المناصب.
ولا نكون كما يقول جورج برنارد شو
“غداً أو بعد غد.. يمارس الناس سيئاتك التي كانوا ينهونك عنها”
بذل الجهد من الأمور المهمة التي تجعلنا نستطيع تحقيق أهدافنا،
فكثير من الناس من ينتظر الفرصة لكي تطرق بابه وهو لم يبن لها باباً
ولم يفكر في بنائه، نحن بحاجة إلى التعلم والتدريب والانضمام إلى برامج صناعة الذات،
لكي نكون جاهزين لتحقيق احلامنا، فمن الخطأ أن نحلم ونتمنى
ولم نخطُ خطوة نحو تحقيق الهدف، ومن المؤسف أن لا نفعل شيئاً
لكي نتميز ونكون الأفضل دائماً،
وهذا ما يقوله وليم سومرست
“الشيء المحزن في هذا العالم أن العادات الطيبة أسهل في الاستغناء عنها عن العادات السيئة”.
أحد الأشخاص كنا نخبره بأهمية الثقافة الإدارية،
وكنا دائماً نتناقش حول القيادة وفنونها، وكان يتضايق كثيراً من هذه المواضيع
، ويخبرنا أنه لا يحبها ولا يهتم بها، وكان هذا الشخص موظفاً متميزاً،
لكنه يرفض مجرد التفكير بأن يكون مديراً أو قائداً، وبين عشية جاء القرار
ليضع هذا الشخص على قمة الهرم الإداري في مؤسسته
وأصبح يشغل منصب المدير، وهنا فقط عرف هذا الشخص قيمة
ما كنا نتحدث عنه، وأعتقد أنه قد ندم على عدم مشاركته،
وكما يقول ليسينج “الأشياء الصغيرة تسلي العقول الصغيرة”.
عند زيارة بعض المؤسسات والتعرف إليها، تكتشف من خلال أسلوب
العمل والإدارة شخصية القائد فيها، فالقائد الفعال من الصعب أن يترك مؤسسته
في تشتت وتنظيم تقشعر منه الأبدان، والقائد المستعد الذي تعلم فنون القيادة والإدارة
هو أفضل الناس في ترتيب وتنظيم مؤسسته، والقائد الذي أصبح في هذا المنصب
من خلال قرار غير مسؤول ستكتشفه من الوهلة الأولى في مؤسسته وشركته.
من أكبر المصائب التي تمر علينا في حياتنا اليومية
هي مصيبة القادة والمديرين غير الفاعلين، الذين يثبتون للعالم ولأنفسهم -في كل يوم-
أنهم غير مستعدين لشغْلِ مناصب أو مسؤوليات، وتجد العميل دائماً هو الضحية،
وهو من يدفع الثمن، ولسان حالهم هو تلك المقولة
“وجود نظام فوضوي أفضل من عدم وجود نظام بالمرة”.
يمكن أن نستعد من خلال التعلم والثقافة والتدريب والبحث
، وهناك كثير من الطرق والوسائل التي تجعلنا مؤهلين لإدارة أعظم المؤسسات
، ولكن يحتاج إلى قرار داخلي يجعلنا مختلفين في التفكير،
متميزين عن غيرنا في النظر إلى الأحداث.