خرج العبد الصالح سليمان بن يسار (رحمة الله) من بلدته مسافرا ومعه رفيق له فانطلقا حتى نزلوا بمدينه الابواء ,فقام رفيقه فأخذ السفرة ، وانطلق إلى السوق ليشتري لهم طعاما ,وقعد سليمان ينتظره ، وكان سليمان بن يسار وسيما قسيما من أجمل الناس وجها وأورعهم .
فبصرت به أعرابية من أهل الجبل فنزلت إليه ، فلما رأت حسنه وجماله ، انحدرت إليه ، وعليها البرقع ، فجاءت ووقفت بين يديه وأسفرت عن وجه لها كأنه فلقة قمر ليلة التمام ثم قالت : هبني
فغض بصره عنها وظن أنها فقيرة محتاجة تريد طعاما فقام إليها ليعطيها من بعض الطعام الموجود لديه فلما رأت ذلك قالت له: لا أريد طعاما إنما أريد ما يكون بين الرجل وزوجته . فتغير وجهه سليمان وتمعّر وصاح فيها قائلا: لقد جهزك إلي إبليس ثم غطى وجهه بكفيه ودس رأسه بين ركبتيه واخذ في البكاء والنحيب ،فلما رأت المرأة الحسناء انه لا ينظر إليها سدلت البرقع على وجهها وانصرفت ورجعت إلى خيمتها .
وبعد فتره جاء رفيقه وقد اشترى لهم طعاماً فلما رأى سليمان وقد انتفخت عيناه من شده البكاء وانقطع صوته قال له : ماذا يبكيك؟ قال سليمان :خير ذكرت صبيتي وأطفالي
فقال رفيقه :لا إن لك قصة إنما عهدك بأطفالك منذ ثلاث أو نحوها .
فلم يزل به رفيقه حتى اخبره بقصة المرأة معه فوضع رفيقه السفرة وجعل يبكي بكاءً شديداً . فقال له سليمان :و أنت ماذا يبكيك؟
فقال رفيقه: أنا أحق بالبكاء منك
قال سليمان: ولم ؟ قال: لأنني أخشى أن لو كنت مكانك لما صبرت عنها
فأخذ سليمان ورفيقه يبكيان
ولما انتهى سليمان إلى مكة وطاف وسعى ،أتى الحجر واحتبى بثوبه فنعس ونام
نومه خفيفة فرأى في منامه رجلاً وسيماً جميلاً طوالاً له هيئة حسنة ورائحة طيبة
فقال له سليمان: من أنت يرحمك الله
فقال الرجل: أنا (يوسف)النبي الصديق ابن يعقوب
فقال سليمان :إن في خبرك وامرأة العزيز لشأنا عجيباً
فقال له يوسف عليه السلام: بل شأنك مع الأعرابية أعجب
من كتاب (حلية الأولياء لأبي نعيم 2/191)