و ............ ترحلين !!
وترحلين
فأخبريني كيف كانت ضمة القبر؟
وهل أرعبك حث التراب عليك؟
وهل ارتعشت في اللحد خوفاً؟
وكيف استقبلت ناكر ونكير؟
وهل ظلمة القبر موحشة؟
وهل لأهل القبور صوت كالأنين؟
وترحلين
فأخبريني ... كيف هي الحياة هناك؟
هل التقيت الغيَاب؟
هل صافحت روحك أرواحهم؟
وهل حدثتيهم عن أنباء الدنيا؟
وهل التقيت من بكتهم عيناك ليالي؟
ومزقتك إليهم مساءات الحنين؟
أخبريني ... كيف هي الحياة هناك؟
هل جمعك الله بفارسك؟
فوضعت يدك في يده؟
وجلست فوق الأرائك معه؟
وتجولت بصحبته
بين روح وريحان وحور عين؟
وترحلين
فأخبريني... كيف هي الحياة هناك؟
وهل تغني عن الأوطان؟
هل تغنينا عن الصحبة والأحبة؟
هل تغنينا عن الأرض؟
عن الدنيا؟
عن الأماكن؟
عن القصور؟
عن البساتين؟
وترحلين
أخبريني ... لماذا غادرتني باسمة
وأنا أبكي ؟
وأمسك يديك
وأصرخ : لا ترحلي
هل طاب لك فراقي؟
أم طاب لك لقاءه؟
فكنتِ عند الموت تبتسمين؟
وترحلين
تقولين سامحيني ... وترحلين
وينهار بعضي على بعضي
ويخذل كلي كلي
وأتساقط
أتساقط فلا أحد يبقى أمام الموت
مرفوع الجبين
وترحلين
تغمضين عينيك بهدوء
والحزن يأكل قلبي
والخوف يقرض أطراف أمني
وأصرخ بك عودي
عودي
عودي
ويدرك قلبي ألا عودة للراحلين
وترحلين
فأمسك بطرف ثوبك
بهلع طفلة تختبيء من شبح اليتم
لا ترحلي بدوني
خذيني معك
أو ابقي قليلاً
قليلاً فقط أسترجع معك
طفولتي وعطر الأمس
وأماكن الحنين
وترحلين
ويبقى الثوب في يدي
وغطاء رأسك الأسود
وحذاء أهديتك إياه ذات عيد
فأحضن آخر بقاياك
ويخيل إليَ من حزني
أن بقاياك تبكيك مع الباكين
و ترحلين
ويحيطون بك كضبابة حزن
وأفر من زحامهم إلى سريرك
أحضن وسادتك وأبكي وحدي
أنا أضعف من أن أودعك بالكفن
أنا أجبن من أن أهديك في اللحد
قبلة الجبين
وترحلين
ولا يتبقى خلفك
سوى سجادة صلاتك
ومصحفك الصغير
ومرفعك الخشبي
ومسبحة صفراء
تشهد أنك كنت في ليل القيام
من الذاكرين
وترحلين
وأعود وحدي
فأسمع صوت حكاياتك في الجدران
السندريللا
الأمير
بائعة الكبريت
بنت السلطان
والعشق والحب والطهر والسالفين
وترحلين
وفي فمك ماء السؤال عنه
تنطقين اسمه أمامي للمرة الأولى
وتوصيني به خيراً
فأصرخ بألم
لعنة الله على الوصايا
وعلى قلبي
وعلى العشق
وعلى العاشقين
وترحلين
وتحمَليني أمانة السلام إليه
ليتك تدركين
أنه أول من قتلني
وأول من خذلني
حين صرخت به باكية
أغثني
مخنوقة
فتوارى كسراب الطريق
أمام الظامئين
لامسنى