طارق النجومى يكتب: مبروك جالك متحرش!
أخيرا حصلت بلدنا الحبيبة على المركز الأول فى مجال من المجالات..!! حصلنا على بطولة العالم والميدالية الذهبية فى التحرش بالنساء.. ما شاء الله.. مبروك علينا جميعا حكومة وشعبا..!! لم نحصل على هذا الإنجاز فقط على المستوى الفردى ولكننا وبلا فخر حصلنا عليه أيضا فى بطولة الفرق .. التحرش الجماعى..!!
لو حصلت أى دولة على هذا الإنجاز اللا مشرف لقامت أجهزة الدولة ولم تقعد لدراسة هذه الظاهرة الخطيرة وتأثيرها المدمر.. إن مجتمعنا يعيش منذ زمن بعيد فى حالة تصدع وانهيار ونحن فى مقاعد المتفرجين كعادتنا فى جميع شئوننا..!! فلا غرابة أن يصل بنا الحال لما نحن فيه..!!
حاربوا الدين والتدين بكل الوسائل قبل قيام الثورة وبعدها.. سيطر الشيوعيون على وسائل الإعلام لعهد طويل وعندما انتهت صرعة الشيوعية وفقدت بريقها تلون معظمهم كما الحرباء وخرجوا علينا بثوب العلمانية والليبرالية، وفعلوا فينا كل فعل لسنوات طويلة ومع التطور وسطوة الإعلام تضاعف حجم التأثير أضعافا مضاعفة فتم إفساد الأخلاق والأذواق بسيل من العرى والخلاعة والفحش من الأقوال والأفعال..!!
وبعيدا عن تشدق المتشدقون إن الأخلاق ليس لها علاقة بالتدين وهذه العبارات البراقة الخادعة التى نصبوا بها على هذا الشعب المسكين..!! لايكلون ولايملون من تقديم شخصيات العاهرة الفاضلة وعاقر الخمر وزئر النساء من أصحاب المبادئ والقيم..!!
أما المتدين والملتحى والمحجبة والمنتقبة فهم الأدعياء النصابون الأفاقون لا يتورعون عن القيام بكل شاذ وقبيح..!! بدلا من تشجيع الدين والتدين فصاحب الدين الصحيح بعيدا عن التطرف والتنطع صاحب فضيلة حتى لو حدثت منه تجاوزات وزلات وهفوات فهم ليسوا بملائكة..!! وحتى لو كان مدعيا فله مرجعا يحاج به فيستحى من الإتيان بالقبيح من القول والفعل.. والله علام بالنفوس والقلوب.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. هل من قالها كان ملتحيا هل كان من الإخوان المسلمين هل كان أصوليا هل كان سلفيا هل كان وهابيا..!!؟ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى.. تفكروا لعلكم تتقون.. إن الجهر بالمعاصى هى مصيبة المصائب و تؤدى إلى هلاك الأمم ولو بعد حين.
فقدت السيطرة.. لايوجد ظابط ولارابط..!! تخلت الأسر عن مسئولية تنشئة أبنائها على التدين والسلوك القويم.. الآباء مشغولون بتأمين متطلبات الحياة الأساسية ونسوا أنه ليس بالخبز وحده يحيا أبناؤهم وعلى الجانب الآخر نسى صفوة القوم وهم فى صراع الوحوش وجرى الضوارى لقنص المغانم أنه ليس بالمال وحده يحيا أبناؤهم و يكونون فعلا صفوة القوم بعلمهم و أخلاقهم فوجدنا قول الرحمن يعلو.. ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُترَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ).
تخلت أجهزة الدولة عن ضبط سلوك المواطنين وأصبح الاهتمام الأوحد هو الأمن السياسى ولاصوت يعلو فوق صوت تلك المعركة..!! ورحم الله التواجد الأمنى فى الشوارع لأمن وأمان المواطنين ورحم الله بوليس الآداب رحمة واسعة فقد أصبح من المندثرات التى يروى الآباء عنها لأبنائهم..!!
هل استئصل رحم بلادى فعجزت عن الإتيان بالفرسان.. هل جف ضرعك يا بلدى فعجزت عن رعاية الإنسان.. أين يقظتك.. أين روحك.. ماذا جرى لنا.. لماذا تركنا أنفسنا لنصل إلى هذا الحد من الهوان..!!؟
العهود المزهرة لها رجالها والعهود المظلمة لها أشباه الرجال وإذا كان كبار القوم وصفوتهم من الوجوه الدائمة وأعلام لصفحة الحوادث..!! فماذا نتوقع من رعاع وحرافيش القوم..!!؟ إن فساد النفوس ينتشر فى كل المجالات مثل انتشار النار فى الهشيم..!!
يا شرفاء مصر أنتم الأكثرون.. أنتم الأعلون.. ولكن أوهنت إرادتكم وأضعفت قواكم.. إن بلادنا ماردا مقيدا بالأغلال يعلوه الغبار.. مغمض العينين.. عضلاته فى حالة أسترخاء.. ينتظر من يزيل أغلاله وينفض عنه الغبار.. يفتح عينيه و ينفخ فى روحه ليعيده للحياة.. لن نعيش كرامتنا ضائعة ومهانين.. لن نعيش نرى راية الحق فى الطين.. لن نعيش عيوننا ترى وساكتين.. لن نعيش شياطين خرساء مرجومين..؟؟
إنما الأمم الأخلاق مابقيت.. و يعيش المرء ما استحيا بخير.. ويبقى الجذع مابقى اللحاء.