قلوبنا ....}}...
* سَلامٌ عليكُم و رحمةُ اللهِ و بركاتهُ .. }
°
" قلوبنا .. تلكـ المضخَّة من لحمـٍ و عروقٍ و أعصابْ ، مستودع المشاعرْ و مستوقد الهممـ و الضَّمائرْ ،
إذا صلحت صلح الجسد كلُّه و إذا فسدت فسد الجسد كلُّهْ ، أو كما قال رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله و سلَّمـ ) .
تحيى بالإيمانْ و التَّقوى و الأعمال الصالحةِ حياةً روحيَّةً بهيجهْ ،
فتظهر بوادر السَّعادة على كلِّ جارحةٍ من جوارح البدنْ : فينشرح الصدرْ و تقوى العضلاتْ و تزداد الهمَّة و يتوقَّد الذِّهنْ و تبتعد الكروبْ .. (( أّلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبْ )) ..
أمَّا ما يجعلُ أفئدتنا سوداءَ قاتمهْ ، ذاتِ بلاءٍ و شرورٍ ، هي : المعاصي و الذُّنوبْ . و بِتِكرارِ ارتكابها تكون شدَّة الظُّلمة في القلوب عظيمهْ ،
و إذا أُضيف إلى ذلكـ عدمـ اشتغفارٍ أو توبهْ فإنَّ المسألة تزداد حِدَّةً و تعقيــداَ .
إذ كلَّما يُذنبُ الإنسان ذنباً و لو صغيراً تُنْكَتُ له نقطةٌ حالكةٌ في فؤادهْ ،
و لا تُمحى إلاَّ بإنابةٍ و استغفارْ . أمَّا إذا لمـ يُحْدِثْ صاحب ذلكـ الذَّنب موجباتِ إزالتهِ ،
فإنَّ النكتة تبقى و إذا أضاف للذنب ذنوباً أخرى
فحجمـ السوادِ يعظمـ و ينتشر في الجَنَانْ [ قال - سبحانه و تعالى - : (( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمـْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونْ )) - من سورة المطفِّفينْ ]
حَتَّى تلفَّهُ و تُغلِّفهْ فيكونَ ذلكـ الغساء الأسودْ ( الرَّانْ ) حائلاً بين دعواتهِ و سعادتهِ
و رؤيتهِ الشَّفَّافة و الفَرِحَةِ للحياةْ
، فتُظلمـ أيَّامهُ و يشقى في معاملاتهِ و يضيقُ صدرهُ و يُبغضهُ عباد الله الصَّالحونْ ، و من قبلهمـ قد مقتهُ ربُّ العالمينْ .
فالمؤمن التَّقيُّ الوَرِعْ ، يرى ذنوبه الصغيرة كالجبالِ الرَّاسيَّاتْ ،
يستغفر الله ليلاً و نهاراً تائباً منها مُشفقاَ ، فيرجو رحمتهُ و يخافُ عذابهْ [ قال أحد الصَّالحينْ / لا تنظر إلى صغر ذنبكـ و لكن أنظر إلى عظيمـ من عصيتْ ] .
و المنافقُ الفاجرُ يُبصرُ ذنوبهُ الكبائرَ و الموبقاتْ ، كأنَّها ذبابةٌ و قعت على أنفه فقال لها : هكذا بيدهْ . إحتقرها فاحتقرهُ الله و أبغضه و أعظَمـَ لهُ العقوبةَ
و العذابْ ، قال الفُضَيْلُ بن عِياضْ ( رحمة الله عليهْ ) : بقدر ما يصغر الذنب عندكـ يعظُمـُ عند الله ، و بقدر ما يعظُمـُ الذنب عندكـ يصغُرُ عند الله .
فمن هذا كلِّهِ ، أوصيكمـ إخوتي و أخواتي و نَفْسِيَ المقصِّرَةَ بتقوى الله في السِّرِّ و العلانيهْ ،
و أن نُحْدِثَ توبةً نصوحاً في الحياةِ قبل المماةِ و حلولِ الأَجَلْ و حُصولِ النَّدَمـْ .
فاللَّهُمـَّ اغفر ذنوبنا و استر عيوبنا و نوِّر بالقرآن قلوبنا و اختمـ بالباقياتِ الصَّالحاتِ آجالنا و افسح لنا في قبورنا ،
إنَّكـ ولِيُّ ذلكـ و القادرُ عليهْ ، و آخر دعواتنا أَنِ الحمدُ للهِ ربَِ العالميــنْ ."
تحياتي