الحمد الله وحد نحمده ونشكره ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادية له
أشهد ان لا إلاه الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بالإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:........
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَلَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ )
صحيح البخاري
قوله ( أن رجلاً اطلع في جحر في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرى يحك به رأسه , فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو أعلم أنك تنظرني لطعنت به في عينك وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الإذن من أجل البصر ) وفي رواية : ( مدرى يرجل به رأسه ) .
أما المدرى
فبكسر الميم وإسكان الدال المهملة وبالقصر , وهي حديدة يسوى بها شعر الرأس , وقيل هو شبه المشط , وقيل : هي أعواد تحدد تجعل شبه المشط , وقيل : هو عود تسوي به المرأة شعرها , وجمعه ( مدارى ) ويقال في الواحد ( مدراة ) أيضا , ( ومدراية ) أيضا , ويقال : تدريت بالمدرى .
وأما قوله ( يحك به )
فلا ينافي هذا , فكان يحك به , ويرجل به . وترجيل الشعر تسريحه ومشطه . وفيه استحباب الترجيل , وجواز استعمال المدرى . قال العلماء : فالترجيل مستحب للنساء مطلقا , وللرجل بشرط ألا يفعله كل يوم أو كل يومين ونحو ذلك , بل بحيث يخف الأول .
أما قوله صلى الله عليه وسلم ( لو علمت أنك تنتظرني )
فهكذا هو في أكثر النسخ , أو كثير منها , وفي بعضها ( تنظرني ) بحذف التاء الثانية . قال القاضي : الأول رواية الجمهور . قال : والصواب الثاني , ويحمل الأول عليه .
وقوله ( في جحر )
هو بضم الجيم وإسكان الحاء وهو الخرق .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما جعل الإذن من أجل البصر )
معناه أن الاستئذان مشروع ومأمور به , وإنما جعل لئلا يقع البصر على الحرام , فلا يحل لأحد أن ينظر في جحر باب ولا غيره مما هو متعرض فيه لوقوع بصره على امرأة أجنبية . وفي هذا الحديث جواز رمي عين المتطلع بشيء خفيف , فلو رماه بخفيف ففقأها فلا ضمان إذا كان قد نظر في بيت ليس فيه امرأة محرم . والله أعلم .
فتح الباري بشرح صحيح البخاري