المعاق في وقت الفراغ
كتبنا كثيراً بهذه الصفحة عن ضرورة إنشاء ناد للفئات الذهنية، كما تكلمنا كثيرا بوسائل الإعلام وندوات خاصة عن ذلك أيضا، فكما استفاد شباب المجتمع الأصحاء من وجود أندية تحتويهم كلهم، وكما استفاد معاقو الحركة من وجود ناد يحتويهم كلهم ويمثلون أنفسهم به، كذلك يجب وجود ناد يحتوي كل معاقي الذهن لينطبق عليهم ما لغيرهم•
وهذه المقالة التي زود الصفحة بها السيد عادل ناصر السليطي تشير بوضوح لهذا المطلب:
يعد الشعور بقيمة الوقت مطلباً إنسانياً لما يترتب عليه من استثمار حقيقي للدقائق التي تمضي من عمر الإنسان فيما ينفع ويفيد، ولعل الأمر المتشابه عند بني البشر هو الوقت المتاح لهم في هذه الحياة قل أو قصر، ولكن الشيء المختلف هو كيفية قضائه واستثماره•
يقضي الإنسان جزءاً من وقته في العمل أو الدراسة أو النوم أو ممارسة ببعض الأعمال الحياتية اليومية، إلا أنه يبقى هناك وقت متبق لا يتمكن من تصريفه وتوجيهه فيما هو سليم ونافع حيث يختلف طول هذا الوقت وكيفية قضائه بإختلاف جنس الإنسان والمرحلة العمرية التي يمر بها، والمجتمع الذي يعيش فيه من حيث توافر المرافق التي تشجع على استثمار وقت الفراغ وطبيعة الميول والإهتمامات الخاصة بالفرد•
وحتى لو اختلفت الأنشطة التي يمارسها الإنسان العادي عن المعاق كوسيلة لقضاء وقت فراغه فهذا لا يمنع من الاتفاق على أن هذا الوقت هو جزء قيم بالنسبة للاثنين، فالمعاق الذي وجد الدعم التربوي والاجتماعي من المحيطين أفراداً ومؤسسات لابد أنه بحاجة إلى كل ساعة من حياته ليقضيها فيما هو جميل ونافع وكل ما يسهم في تطوير مهاراته التربوية والاجتماعية والصحية المختلفة، لكي لا يكون عنصر الزمن بالنسبة له مجرد آلة تتحكم فيه وتفرض عليه قوانينها إلى أن تمر الأيام ويجد نفسه عالة على الآخرين لا عنصراً فاعلاً ومشاركاً في مجتمعه•
إن كيفية قضاء المعاق لأوقات فراغه تتطور بتطور النظرة المجتمعية نحوه فقد مر عليه وقت كان يجد نفسه فيه معزولاً بين الجدران الأربعة ولا يجد من يشاركه ومن يؤنس وحدته وفي ظل ذهاب الأب إلى عمله وعودته متعبا وانهماك الأم بالأعمال المنزلية، ومغادرة إخوته إلى مدارسهم وحتى عند عودتهم فلا يجدون متسعا من الوقت سوى لواجباتهم المدرسية أو أنشطتهم الترفيهية الخاصة مع أصحابهم والتي لا تلتفت إلى أخيهم الأحوج إلى من يشركه قضاء وقته ويوجهه لنشاط نافع ومثمر فينعكس ذلك سلباً على حياته النفسية والانفعالية ويؤثر على مدى دمجه في المجتمع وثقته بالآخرين ويكرس من عزلته•
إلا أنه وبتطور المفاهيم الاجتماعية والثقافية نحو المعاقين واتساع دائرة الدمج الاجتماعي والتربوي وخروجه من عزلته وإشراكه في مجالات التربية والتعليم والعمل والفنون كل ذلك فتح المجال أمام أنشطة جديدة تدخل إلى حياته لسد وقت فراغه وتعدد خيارات قضاء هذا الوقت الذي يشاركه فيه أقرانه وإخوته والمحيطون به•
إن خروج المعاق من بيته إلى مدرسته زاد من إحساسه بثقته ورفع مستوى مفهوم الذات لديه، إذ أصبح لديه حقيبته وكتبه وأقلامه التي يرسم بها أحلامه وذلك قلل من شعوره بالنقص عندما ينظر إلى إخوته المتوجهين إلى مدارسهم وإن الأسرة المتفهمة هي التي تتيح له القدر الأكبر من المشاركة في الأنشطة الترفيهية كالنوادي والبرامج الثقافية والرياضية والتربوية الأخرى، وترافقه يداً بيد في زياراتها الاجتماعية والرحلات والتسوق، وحتى في البيت عند مشاهدة التلفاز وإعداد الطعام والثقة به حسب قدراته في الأعمال والعناية بالحديقة، وغيرها من أنشطة مفيدة تستثمر وقت فراغه وتنمي اهتماماته وتصقل شخصيته•