المــرأة الـوطـــن ..
الـعــذاب الحــقـيـقـي هــو أنـ أعـلــــم أنــكِ نــصــفـــي الآخـــر ، الــذي لا أعــيــش إلا بــه ..
وأنـتي تــعــلــمي أنني نـصـفــكِ الآخــر، الــذي لا تــكــتــمــلي إلا بـــه ..
ثــم نــفــتــرقـ ويـمـضـي كـل مــنـا فــيـ طـــريــقــه ..
قـــد تـتـكــرر حــالات الـحــب فيـ حــيــاة الــمـــرأة
وقــد تــحــب أكــثــر مــن رجـــل
وتــحــلــم بــأكــثــر مـــن رجـــل
لـكـــن ..
وبــالــرغـــم مــن صــدقــهــا فــي كـــل الـحــالات
يــبــقــى هــنــاك رجــل واحــد
يــخــتــبــئ فــي الأعــمـــاق
وتـتـمــســك بــه ذاكــرة الــقــلـــب بــشـــدة
وذلــكـ هـــو الــرجـــل الـــوطـــن..
(1)
فــالــرجـــل الـــوطــن..
هـــو نــقـــطـــة الــضــعــف فــي حــيــاة الــمـــرأة
فــهـــو يــســري ســـريـــان الـــدم فـــي الــجــســد
ولا يـنــال الــزمـــن مـــن عـــرشــه فــي الــقــلــب
ولا يــتــذوقــه النــســيــان أبــداً.
وتـــبــوء كــل مـحــاولات نــســيــانــه بــالــفــشــل
فــهــو رجـــل لا يـــمـــوت فـــي الــذاكــرة أبـــداً ..
(2)
و المــرأة الـــوطــــن ..
هــــو ذلــكـ الإحــســاس الـصــادقـ
الــذي تــضــخــمــنــا بـــه ذات يــوم
وذلـكـ الــحــلــم الــجــمــيـــل
الــذي أدخــلــنــا فـــي حــالــة مـــن الــنــشــوة والــفـــرح
وهـــي حــكــأيــة الـــعـــمـــر الــتــي عـــشــنــا تــفــاصــيــلــهــا بــكــل جــوارحــنــا
والتـــي احــتــســيــنــا مـــرارتـــهــا حـــيـــن انـــتـــهـت..
وعـــانــيــنــا بــعـــدهـــا مــا عـــانــيــنــا من عذاب و ألم الفراق
(3)
وحـيـن تـفـقــد الــمـــرأة الــرجــل الــوطـــن
تــدخـــل فــي حـــالــة مـــن الــذهــول
وحــالــة مـــن الـضــيــاع
وحــالــة مــن الألـــم
وحــالــة مـــن الــغـــربــة الــداخــلــيــة
لا يـــدرك عــمـــقــهــا إلا هــي ..
(4)
فــحــيــن يــرحــل الــرجــل الــوطـــن
تــبــقــى الــفـــراغـــات خــلــفــه
بــاتــســـاع مــخـيـــف
لا يــمــلــؤه كــل رجــال الأرض
وقــد تــتــخــبــطــ الـــمــرأة كــالــمــذبــوحــة
فــي مــحــاولات فــاشــلــة لــمــلء الــفــراغ خــلــفــه
فــتــعــيــش أكــثــر مــن حــكــأيــة حــــب
لـــكــنــهــا تــعـــود إلـــى نــفــســهـــا بــعـــد كـــل مـــحـــاولــة فــاشـلــة
فــتــتــذكــره وتــبــكـــي خــلــفــه بــكـــــاء الأطـــفــــال ..
(5)
ولــلـــرجـــل الـــوطـــــن فــقـــط
تــشــــد الــمــــرأة رحــــال خــيـــالـــهـــا
فــي لـــحــظــات الـحـنــيــــن
ولـــحــظـــات الـيـــأس
ولـــحـــظــــات الانــكــســـــار
لأنـــه يـــمـــثــل بـــالنــســبــة إلــيـــهــا .. ذلــكـ الــــوطـــــن الـــذي غـــادرتــه مـــرغــمــة
لــكـــن أشـــواقـــهــا تـــأخــذهـــا دائــمـــاً إلــيــه..
(6)
ومــع مـــرور الـــوقــت
يــســتــســلـــم مــعــظــمــنــا للـــواقـــع
فــنــفــــتــــح صـــنــــاديـــق الـــذاكـــرة
ونـــخــبــئ فــيــهــا كـــل الأحـــاســيــس الــجــمــيـــلــة
الــتـــي تـــربـــطــنــا بالمـرأة الـــوطـــن
ونــنـــغـــمـــس فـــي تــفـــاصــيــل الــحـــيــاة
ونــمــــارس أدوارنــا بــشـــكـــل طـــبــيــعــي
ونــتــنــاســـى
وقــد نــنــجــح يــومــاً .. فــنــنــســى
لــكـــن .. ومــضـــة مـــا فــي ســمــاء الــذاكـــرة
تـــضــئ لــنـــا الــمــكـــان والـــزمـــان والأشــيــاء
وتــعــيــدنــــا إلــى الــنــقـــطـــة ذاتــهــا..
(7)
و يبقى الرجل الوطن و المرأة الوطن هي نقاط الضعف القوية في حياتنا
و مدينة الحب الصادق التي نشد اليها الرحال كلما ضاق بنا المكان و شعرت الروح بالاختناق
و تبقى المرأة الوطن هي حكاية العمر التي عشنا تفاصيلها بكل جوارحنا
والتي احتسينا مرارتها حين انتهت بالفشل..
** وبــعــد أنـ أدركــنــا الـــمـــســـاء ..
لــيــقـــف كـــل مـــنـــكــــم أمــــــام الـــمـــــرآة هـــذا الـــمــســاء
ولــيــســـأل نــــفــســـه بـــصـــدق مــــؤلـــم
تُـــــرى .. مــــن هـــي الــمــرأة الـــوطـــن فــي حــيــاتــه
ومَــن هــو الــرجــل الــوطــن فــي حــيــاتــهــا ..؟؟