متعايش مع الايدز يزف الى عروسه نهاية الشهر الحالي
بسم الله الرحمن الرحيم
الاردن -عمان ـ الدستور ـ كوثر صوالحة
رغم تغول التفكير المادي على عقول الكثيرين ورغم تغير انماط السلوك الانساني الذي بتنا جميعا نلمسه في كثرة المحاسبة وتنصيب الانسان نفسه حكما وجلاد على اخيه الانسان متناسيا ان هذا الحق للخالق وحده كون ابن ادم خلقه الرحمن وهويعلم انه كثير الخطأ وفتح له باب التوبة والاستغفار ولم يغلقه في وجه الا اننا نتناسى هذه المقولة ونعمل على ان تكون لنا هيئات ملائكية نظهر بها والقصد خداع انفسنا اولا وخداع الاخرين.
ولا احد يستطيع ان ينكر هذا المستوى من تغير الانماط السلوكية للانسان وقد يجد الكثيرون لها عذرا فتغيرت الصداقة وتغيرت الاخوة وتغيرت اعظم مشاعر الانسانية وهوالحب بكل مكنوناته الا اننا احيانا نجد ان هناك مازال فسحة من امل لوجود اناس مازالوا يؤمنون بان الانسان له كرامته ووجوده سواء كان مريضا اوعليلا اوضحية لعارض.
استوقفتني قصة حب جمعت بين قلبين احدهما لشاب مصاب بمرض نقص المناعة المكتسب الايدز هذا الاسم الذي يرهب الكثيرين والذي يجعلنا نكيل الاتهامات لاصحابه قبل ان نعلم ما حقيقة الامر فقط نستخدم السوط من اجل الجلد وبالطبع هواللسان لجرح المشاعر والاحاسيس دون رادع من ضمير متناسين ان الانسان يجهل قدره وقد يكون في يوم من الايام عرضة لان يكون ضحية ويكثر جلادوه لحظتها.
هذا الشاب متعايش مع مرض الايدز التقيته في وزارة الصحة وعرف نفسه على انه مريض متعايش مع الايدز وفي نهاية الشهر الحالي سيزف الى عروسته.. فتاة في مقتبل العمر متعلمة ومقتنعة بالاقتران به زوجا ولا ينقصها شيء وبامكانها الزواج من اخر دون خوف ودون مخاطر ودون تعب ولكنها احبته فاختارته زوجا.
نشوة الحب في قلبه جعلته يجمع بيني وبين فتاته وبينه في مكالمة ثلاثية قالت لي: التقيته صدفة واحببته لمدة عام كامل ولم اكن اعلم انه مصاب بالايدز ولم يخطر في بالي فهو شاب في كامل صحته وعافيته ويتعامل معي بكل الاحترام والتقدير فاحببته واحببت ان يكون زوجا لي وابا لاولادي الا انني فوجئت به ولمدة اسبوع كامل وهويقول لي اريد ان اخبرك شيئا مهما لي ولك تحديدا دون اي انسان ويتردد حتى نطق وقال قصته لي بانه مريض بالايدز.
وعند سؤالي لها ما ردت فعلك على الموضوع؟ قالت لا شيئ، قلت له انت انسان واحببتك لانسانيتك ولن افكر في الابتعاد عنك لمجرد هذا الموضوع فالعلم يتقدم والطب يتقدم وهناك علاج ولا بد ان هناك اساليب معينة لكي نحيا حياة طبيعية.
فيتدخل الشاب ليقول: هنا احسست بنوع من الارتياح رغم قناعتي السابقة واحساسي ان موقفها سيكون كما رايته امامي فطلبت منها ان ترافقني الى الاطباء المشرفين على علاجي في وزارة الصحة وفي مركز اوعيادة المشورة حيث استمعت اليهم عن المرض وتعريفه ومخاطره وعلاجه حتى ان الاطباء قالوا لها فكري في الامر فامامك مجال لان يكون زوجك انسان لا توجد لديه اي امراض لماذا تقترنين بمريض ايدز.
وتضيف لا احد يعلم ما الذي يخبئه له القدر ومن منا غير معرض لان يكون ضحية في يوم من الايام ، انا مقتنعة به وساتزوجه وسيكون شريك حياتي. فسالتها الا تريدين الانجاب؟ قالت بلى انا احب الاطفال وكذلك هووهناك طرق علمية وطبية تجعلنا ننجب طفلا صحيحا فما المشكلة.
وحول علاقته مع زوجته في المستقبل قال لقد وضعني الاطباء في كافة تفاصيل حياتي واخبروني انني استطيع ممارسة حياتي طبيعي في حال التزامي بالطرق الطبية الصحيحة.
وسالته: كيف اتى لك الايدز؟ لا من باب المحاسبة ، ولكن من باب المعرفة ، فقال وهوما تثبته التقارير والاطباء انني ضحية عملية نقل دم في احدى الدول الاسيوية التي كنت اعمل بها بعد تعرضي لحادث ولم اشعر بشيء الا ان ما لفت نظري هونزول وزني بشكل حاد جدا حيث خسرت 44 كغ في 40 يوما وعندما اخبرت الاطباء انه قد تم نقل دم لي في احد المستشفيات واجروا لي فحص الايدز تبين ان لدي المرض فكانت الكارثة حيث طردت من عملي وذقت الكثير من العذاب النفسي الاقسى في حياتي والذي دفعني الى محاولة الانتحار 3 مرات الى ان تبنى قصتي مكتب للامم المتحدة هناك وقاموا بعلاجي وتامين سفري الى بلدي الاردن حيث فتحت لي ابواب الحياة مجددا من خلال ما وجدته من اهتمام ورعاية بي حيث ان وضعي جيد جدا والحمد لله.
يقول الشاب: معاناة مريض الايدز دائما حاضرة ومن كل الفئات ولا احد يعلم بمرضي الا اهلي المقربين جدا لاني لواخبرت كل الناس او كل العائلة لما عشت يوما واحدا ، وصمة العار تلاحق مرضى الايدز ولكنني ضحية لنقل دم لا ذنب لي فيه ولكن لا يوجد من يسمع.
وتحث الشاب عن معاناته مع اسنانه حيث انتظر سنة وسبعة شهور ليجد طبيب اسنان ينقذه من معاناته لا لشيء الا لانه مريض ايدز ولان معظم الاطباء رفضوا معالجته.
الشاب والفتاة يؤثثون عشهم الصغير الذي سيجمع بينهم وفي نهاية الشهر سيكون الاحتفال بزفافهم قصة قد تعيد لنا الثقة بوجود مشاعر انسانية راقية تتخطى احيانا حدود المعقول ، اذ سألت الفتاة الا تخافين من الندم؟ فقالت لست بصغيرة واذا كنت ساشعر في يوم من الايام بالندم فلما اقدم على الخطوة اساسا.