قـمـرٌ جـنـوبيٌّ ,,
رائعةُ للرائع ,, أحمد بَخيت
هوّن عليك فـ لا هنـاك ولا هنــا
وجهًا لوجهٍ، قُـل لموتـك هـا أنـا
ضع عنك عبئك، والق خصمك باسما
فعلـى جسـارتـه يهـاب لقـاءنـا
إن لـم يكـن فالعمـر إلا ساعـة
علّـم حياتـك كيـف نُكرم موتنـا
لا تنتظـر خصمـًا أقـل شجاعـةً
وارفـع جبينـك مثلمـا عودتـنــا
تتبـرج الدنيـا ونكسـر كِبـرَهـا
ونقـول يـا حمقـاء غُـرّى غيرنـا
لا نستجيـر مـن الجـراح و إنمـا
من فـرط نخـوتنـا نجيـر جـراحنـا
لـم يرتفـع جبـل أمـام عيوننـا
إلا لنـرفـع فـوقـه أكتـافـنـا
إنّا - وقـد نهـب الظـلامُ نجومنـا -
نهـدي الصـباح لمن سيأتـى بعدنـا
فى ظفره الفـرس الأخيـرة قبلمـا
يأتى اعتذارُ الموت عن مـوت المُـنى
سنقـول للرحمـن جـلّ جـلالـه
فـ لتعطنـا مـوتًا يلـيـق بمثلـنـا
ياطائر الغربـات عشُّـك موحـشٌ
فاهـدأ لعلّـك ياغـريـب، لعلّـنـا
سيقـول طفـل مـا لدمعـة أمّـه
ساعى البريد غـدًا سيطـرق بـابنـا
سأنام كى يأتـى الصبـاح مبكـرًا
وسـ نشتـرى لعبـًا ونخبـز كعكنـا
نمْ يـا ضناى، الطفل أصبح شاعـرًا
وأبـًا، وظـلّ الحلـم غضـًا ليّنـا
عشرون عامًا فى إنتظـار المُلتقـى
ثـمّ التقينـا كـى نتـمّ وداعـنـا
هون عليك وأعط موتـك فرصـةَ
و اشكره أن وهب اغترابـك موطنـا
يانائيـا عـنـى بمـتـر واحــد
الآن وسّعْـتَ المسـافـة بينـنـا
نحن حولك يا أبـى نلتـف حولـك
فابسط عبـاءات الحنـان وضمّنـا
قل مرحبـًا قـل أى شـىءٍ طيـبٍ
لا تترك الكابـوس يفسـد حلمنـا
كنا نرى الأبـاء حـول صغارهـم
نشتاق أن تأتـى وأن تحكـى لنـا
ياما انتظرتك وانتظرتك يـا أبـى
الآن بادلنـى الحـديـث مُكفـنـا
زرنا ولـو فـى كـل عـام مـرة
واجلس قليـلا كـى تدبـر حالنـا
جىء ضاحكًا أو ساخرًا أو غاضبـًا
دلـل طفولتنـا وعاتـب طيشـنـا
سمـر شتائـى وشـاى سـاخـن
وسُعَالُـك الحنّـان يؤنـس بيتنـا
أخشى من النسيان قـد يأتـى غـدا
وتصير وحدك فى الغياب ووحدنـا
إنـّا قصائـدُك الجميلـة يـا أبـى
الله أبدعـنـا وأنــت رويتـنـا
نثـر هـى الأيـام نثـر بـاهـت
وتصير شعـرا كلمـا إتقـدت بنـا
يبقى معى منـك الحيـاة قصيـدة
والمـوت شعـرا والخلـود مؤذنـا
أتأمـل الـحـدّاد فــى ستّيـنـه
قمـرًا جنوبيـًا يـرنـق حولـنا
ويقول يا ولدى تعبـتُ فخُـذ يـدىَّ
ثِقُلَ الحديد علـىّ والظهـر انحنـى
أنصت لصوتى فيك صدقا جارحـا
فالموت يعجـز أن يبـدل صوتنـا
لا تحمل اسمى فوق صدرك صخرة
أسمائنـا وطــنٌ يعمّـره السنـا
كن ما أحبك..كـم أحبـك فارسـا
لا ينحنى فقـرًا ولا يطغـى غنـى
لا يشبـه الشعـراءَ، يشبـه شعـرَه
إن البنـاء الفـذ يشبـه مـن بنـى
لا دمـعَ يبقـى، كـلُّ دمـع زائـلٌ
إلاّ الذى بالحـب يغسـلُ صدرنـا
دمـعُ المناحـة دائـمـًا متـأخـرٌ
فى نطفـة الميـلاد نحمـل حتفنـا