نجابه الأيام ونسمع صدى صرخات السنين ، ونحاول أن نحفر مكانا لذاتنا ، لعل وعسى أن نعرف ذاتنا لو يوم ، فما أن نرى تلك الذات حتى تهب رياح الألم مخلفة عقلا لا يعرف إلا الذكريات عنوان .
بلا عنوان ..
نهيم في الحياة على أمل أن نجد قلبا يدواي جراحنا ، أو صدرا حنونا نلقي عليه أنفسنا وهمومنا ، فما يلبث حلمنا إلا وقد أحرقه الواقع ، كي نعيش على سراب مؤلم ، وأمل كاذب ، تظلله سحابة هم قاسية ، لا تعرف الحب ولا تعترف بالعطف ، مميزة بقسوتها ، ومتميزة بعذابها .
بلا عنوان ..
نتدارك حماقة الأنذال ، ونرى بأعيننا جناية الأشرار ، فنعجب لقسوة قلوبهم ، وكيف هم يعيشون ، ولم نعجب أو ننظر ولو لمرة واحدة لقسوة الأيام علينا ، وحرارة لهيب السنين على جوانحنا ، فلمن نذهب ! ولمن نلقي أجنحتنا ، فقد أتعبتنا الحياة .. ومع ذلك لم نجد صدرا يضمنا ، وحنانا يدفئنا ، من برد المحن ، وشدة الألم .
بلا عنوان ..
نعيش عمرنا بلا شباب ، وكأننا حياة بلا ربيع ، أو زهرة في صحراء قاحلة ، فلا احد ينشد عنها ، ولا من سبيل لإقتلاعها من صحرائها ، كم تحلم تلك الزهرة بالعيش في الحديقة الجميلة ، ولكن هيهات .. فلا أمل يسليها ، وإنما ألم يجرحها كلما تذكرت أزهار الحدائق البعيدة عنها .. فلا تعرف إلا الصبر عنوان ، والموت أمنية ، لتدفن في صحراءها تحت الرمال .
بلا عنوان ..
نفكر في الأيام ، فيقتل أحلامنا الدهر ، ونفكر في علاج الأسباب ، فنعلم أنها جاءت من كيد السنين ، فلا نستمع بقراءة أيامنا ، ولكننا نخشى ليلنا أن يمطر علينا نهارنا بأمطار المصائب ، وباقات من النوائب ، بلا أسباب ، وبلا مناسبات .
بلا عنوان ..
نشغل أنفسنا لأجل أن نعيش حياتنا كما نريدها ، فيتدخل الزمن .. ليرمي بأمنياتنا بعيدا في أقصى الحدود ، لنغرق في همنا ، فقد ضاعت هويتنا ، ولن نجدها إلا هناك ، بعد كل الحدود ، وأي حدود نصل ، وأي طريق مسلك ، فما نحن إلا نفوس مشرقة ، سقطت على هذه الحياة بلا إسم ولا عنوان .
بلا عنوان..
هانحن نبحث عن قوت لقلوبنا ، وعن زاد لسفرنا ، نرحل من قلب مزيف إلى عقل محتال ، ومن حضن كاذب إلى صدر حنون مليء بالعذاب ، نحاول أن نبهر البشر بهمتنا فيتفاجئون أن من امامهم إنسان بلا هوية ، فهويتنا نبحث عنها في قلوب العطف ، وروعة الحنان ، ودفء المشاعر ، بلغة الأحساس النادر .
بلا عنوان ..
نرسم الكلمة بأبهى ريشة رسام ، لنصوغ الحروف سحرا ، ومن الجمل نهرا ، لنهدي الزمن باقات من الكلمات الثائرة ، لعلها أن تحرك لنا القلوب الخامدة ، فما نملك إلا موائد من المعاني الآسرة ، فلا نعرف الذلة في كياننا ، ولكننا نتوق إلى اللذة في إنسانيتنا ، ونشتاق إلى شمس تظللنا .
بلا عنوان ..
نسافر مع الكلمة الشادرة ، لتكون فريدة في قلوبنا ، فنسكنها عقول البشر ، بجملة ناصعة ، مشرقة في قولها ، علها أن تجتاح هويتنا ، وتترجم عما تخفيه قلوبنا من حب مفقود ، وحنان بعيد ، نتمناه في كل وقت ، وننشده في أي زمان ، ولكن .. تبقى الأمنية .. ملاذها السقوط المر .
بلا عنوان ..
لم نظلم أحدا في حياتنا ، ولن نهضم حق إنسان في ذاتنا ، نحب ولا نكره ، لأننا خلقنا من الحب ، وأي حب .. إنه الحب الخالد الساكن هناك في سماء الصدور ، وداخل القلوب ، لا نعرف الحقد على احد ، ولكن ما أكثر حساد النجاح ، وقتلة الأمنيات ، ومجرموا الأحلام .
بلا عنوان ..
رسمنا لتاريخنا عنوان ، بعيدا عن سلة أفكار التاريخ ، فنحن لا نعترف بالتاريخ ، والتاريخ لا يعترف بنا ، فما نراه إلا كتابا مشوها ، ولا يرانا إلا مجرموا فكر مزيف ، لما أملته الأيام عليه من سوابق لنا ، ترجمها الزمن إلى الأيام على أمل .. أن يدوسنا التاريخ بأقدامه .. فلم يستطع التاريخ أن يدوسنا لأننا أصحاب مبادئ لا نتنازل عنها ، ولا أستطعنا أن ندوس التاريخ ، لأن من خلدهم في مقبرته هم من يدافعون عنه .
بلا عنوان ..
باقة ورد نهديها إلى كل قلب حنون ، وصدر عطوف ، نأمل منه أن يلتفت إلينا ، بمنظار الشفقة وليس الإعجاب ، نريده أن يضمنا إليه ، لأنه من الصعب أن تجد ذاك القلب إلا على صفحات الدفاتر ، ومجلدات الأيام ، أما في قاموس الحياة .. فالسراب هو الجواب .
بلا عنوان ..
نعم كتبت الألم عنوان لحياتي ومكانا لمأساتي ، فأنا ساكن هناك على ضفاف الخيال ، عند واقع الأحلام ، وبالتحديد وراء تلك الحدود، تحت سماء الآلام ، فلا ظل ولا ظلال ، وإنما قسوة تحرق كل الأحلام ، مع باقة متوجة بلهيب الحرمان ، ولكن .. هل سيأتي يوم ويتغير ذلك العنوان ! أم سأرتحل هناك حاملا حقيبة الأحزان لأسكن هناك في معاقل الذكريات ، فأحمل بطاقة هويتي في هذا الزمن .. مرسوم عليها بلا عنوان .
أمنياتي
راقنى