متحف التحنيط بالأقصر..
رحلة السبعين يوم والجنة عند المصري القديم
إعتقاد دائماً ما أمنوا به, وكان المحرك الرئيسي لإنشاء علم مازالت أسراره إلي اليوم تحير العالم, إنه علم "التحنيط" والذي إشتهر به القدماء المصريون وكانت مومياواتهم أفضل مثال عليه, ذلك لإعتقادهم وإيمانهم بفكرة البحث والخلود, وأنهم بعد ما يموتون سيبعثونوبعدها إلي حياة خالدة, ومن وجهة نظرهم تطلبت هذه الحياة أن يبقي جسدهم كما هو دون أن يتحلل, لذا أبدعوا في فن حفظ هذا الجسد.
وللتحنيط متحفاً بالأقصر, يحكي قصة التحنيط, يعد الأول من نوعه في العالم, يعرض الأدوات التى كان يستخدمها الطبيب المصرى القديم في التحنيط, وأدوات تمثل الطقوس الدينية الجنائزية, بالإضافة إلي عدد هائل من المومياوات والتوابيت.
الغموض يلفه
يقع متحف التحنيط في الأقصر, والذي يضم 150 قطعة ما بين مومياوات وتوابيت وأدوات التحنيط, أسفل مستوى شارع الكورنيش على ضفاف النيل.
ولعل الغموض الذي أحاط علم التحنيط, هو نفسه ما أحاط متحفه, حيث أنه عبارة عن قاعة تشبه حجرة الدفن لدى المصري القديم من أضواء خافتة تتدرج من أعلى في مدخل القاعة حتى الظلام الدامس عند المومياء الوحيدة بالقاعة ما سهرتي ابن الملك با ـ نجم الأول، والذي كان يعمل كبيرا لكهنة آمون وقائدا للجيش.
أنشئ هذا المتحف عام 1995، وإفتتح في مايو عام 1997، وتبلغ مساحته 2035 متر مربع, ويهدف هذا المتحف إلى إبراز تقنيات فن التحنيط الفرعوني القديم التي طبقها قدماء المصريين على العديد من المخلوقات وليس على البشر فقط.
وبالمتحف صالة عرض القطع الأثرية وتبلغ مساحتها 300 م، وتضم 19 فاترينة عرض،
ويبلغ عدد القطع الأثرية في تلك الصالة 66 قطعة، تؤرخ بعصور مختلفة من التاريخ المصري القديم عدا قطعتين.
الحزم الضوئية
يقول أحمد صالح مدير متحف التحنيط بالأقصر سابقا أن هذا المتحف هو الوحيد في مصر الذي يعتمد على حزم ضوئية تنزل مباشرة على القطع الأثرية في فاترينتها ويتم قياس درجة الإضاءة يوميا حتى تتم المحافظة على المواد العضوية.
والمتحف يضم حوالي 65 قطعة أثرية تم اختيارها من المتحف المصري بالقاهرة فيما عدا قطعة واحدة وهي التمساح المحنط الذي كان موجودا في معبد كوم أمبو بمحافظة أسوان جنوبا وكل القطع ترجع إلى عصور متنوعة من الحضارة المصرية القديمة فيما عدا قطعتين من العصر الحديث.
وأوضح صالح أنهما عينة حديثة من ملح النطرون تعرض ضمن فاترينة مواد التحنيط وهي أهم مادة استخدامها المحنط المصري القديم وجلبت هذه العينة من نفس المكان الذي كان القدماء يجلبون منه وهو وادي النطرون غرب الدلتا، أما ثاني القطع الحديثة هي بطة حنطها المصري زكي إسكندر في محاولة للتوصل إلى بعض المعلومات حول طريقة تجفيف الجسد.
رحلة السبعين يوم
والقاعة تنقسم إلى جزأين الأول يعرض مشاهد مرسومة من برديتين مصريتين بالمتحف البريطاني، وهما توضحان خطوات التحنيط وترجعان لعصر الدولة الحديثة «1200 ق. م» وتفسران رحلة السبعين يوما التي يأخذها المتوفى منذ تاريخ وفاته وحتى يوم دفنه، فتبين ورشة التحنيط وشكلها والكهنة المحنطين وآخر طقوس عملية التحنيط «تلاوة كبير المحنطين على الجسد» كما تبين نقل الأثاث الجنائزي في موكب الدفن ومرافقة الزوجة لجسد زوجها بعد الانتهاء من خطوات التحنيط والندابات يبكين المتوفى.
ذلك بالإضافة إلى طقس فتح الفم ويمثل إعادة حواس المتوفى ليكون على دراية بما سيحدث له في العالم الآخر، كما أنهما توضحان شكل محاكمة المتوفى في قاعة الصدق والعدالة وفلسفة التحنيط وثنائية الروح والجسد.
الجنة عند المصري القديم
وهناك منظر حقول الأيار "الجنة عند المصري القديم", ووفقاً لصالح فإن الجزء الثاني من القاعة يبدأ من حيث انتهى الأول وفيه توجد المعروضات الأثرية في تسع عشرة فاترينة الأولى منها تعرض مومياء وتابوت «ما ساهرتي» كبير كهنة آمون وهي تمثل إجراءات التحنيط في القرن «11 ق. م» أما الثانية فهي تعرض كانوبية من المرمر تخص شخصا يدعي «واح ـ اب رع ـ من نقر» ابن أحد النبلاء الذي يسمي «سبماتيك» وترجع لأواخر العصور الفرعونية كما تعرض باقي الفاترينات حتى رقم 19 مجموعة من الأدوات المستخدمة في التحنيط وكبشا محنطا ومجموعة من الحيوانات والطيور والأسماك المحنطة.
ذلك بالإضافة إلى بعض التمائم وعلى الرغم من أهمية هذا المتحف من حيث تفرده بكونه المتحف الوحيد في العالم الذي يدور حول الحفاظ على الأجساد إلا أن دوره كمتحف لعرض القطع الأثرية يضعه في حجم محدود جدا.