آلام الظهر والعمود الفقري
يعاني الكثير من الناس آلاما مبرحة في الظهر والعمود الفقري والمفاصل، ولا يعرفون سببا لآلامهم خاصة مع تفسير الكثير منهم لما يحدث باعتباره بردا في العظام أو تأثير التكييف أو غيرها من المبررات الجاهزة التي تريح من يسمعها دون ان تكشف الأسباب الحقيقة لهذه الآلام ودون ان تضع نهاية لأوجاع الظهر، بخاصة أوجاع العمود الفقري التي نتناولها في الأسطر التالية.
الدراسات تؤكد ان هناك أسبابا عديدة وراء الاصابة بالقصور في عمل الجهاز الحركي بشكل طبيعي، وكلها مرتبطة بنمط الحياة الذي يمارسه الانسان بدءا من طريقة الجلوس مرورا بحركته اليومية وحمل الأشياء وانتهاء بطريقة النوم. ومن هذه الاسباب الجلوس على الارض، قلة الحركة، الوزن الزائد، الجلوس لفترات طويلة سواء في مكان العمل أو الجلوس أمام الكمبيوتر، عدم ممارسة الرياضة، رحلات السفاري وتحديدا قيادة السيارات فوق الأماكن الوعرة وفوق الكثبان الرملية بسرعة زائدة، حيث الاهتزازات الناتجة تكون قوية جدا وتحدث انزلاقات غضروفية في العمود الفقري هناك ايضا اصابات الحوادث واصابات الملاعب.
اما أبرز ما يسمى بأمراض الجهاز الحركي فهي التهاب المفاصل والخشونة الديسك أو الانزلاق الغضروفي وهشاشة العظام والاختناق في الحبل الشوكي،وما ينتج منه من أمراض عصبية وآلام حادة في أسفل الظهر والتهابات في الأعصاب المحيطة وتصيب بشكل عام كبار السن، الروماتيد و الذئبة الحمراء و تيبس العمود الفقري.
اعوجاج العمود الفقري
الدكتور سمير السيد منتصر استشاري جراحة العظام أكد لنا أن قوة العمود الفقري بشكل عام تقوم على أساس عاملين أساسيين هما البنية السليمة للعظام والبنية السليمة للعضلات الموجودة حول الفقرات وجدير بالذكر أن الوزن الزائد يشكل خطورة كبيرة على العمود الفقري وهذا في ما يتعلق بما نستطيع القيام به تجاه الأمراض المكتسبة والتي يعد من أشهرها اعوجاج العمود الفقري الذي تكون نسبته أعلى في البنات حيث يظهر في سن البلوغ ومع الوقت تزيد نسبة الاعوجاج ما يتسبب في حدوث مشاكل ومضاعفات في العمود الفقري وفي أجهزة الجسم الداخلية كالصدر والمعدة كما أنه قد يحدث تشوهات في منطقة الظهر خاصة إذا كان موجودا في الفقرات الصدرية وأبرز هذه التشوهات اختلال التوازن أو وجود كتف أعلى من الآخر أو تحدب الظهر .
ومن أمراض العمود الفقري الشائعة أيضا الانزلاق الغضروفي والذي تظهر أعراضه في حدوث آلام في الساق اليمنى أو اليسرى وفقا لمكان الالتهاب في حالة وجود التهاب في العصب أو ضغط على العصب وهذه الحالة عادة ما تكون استجابتها للعلاج عالية أما الحالات التي لا تستجيب للعلاج فتجرى عليها العديد من الأبحاث لفحص الغضروف والتي تنتهي بعمليات استئصال الغضروف التي تكون غالبا ناجحة.
يضيف الدكتور منتصر أما في ما يتعلق بالأمراض الوراثية فالإنسان قد يرث تشوهات عديدة في العمود الفقري تتمثل في نقص إحدى الفقرات أو وجود فقرة غير مكتملة ما يؤدي إلى حدوث اعوجاج في العمود الفقري كما أن نقص الجزء الخلفي من إحدى الفقرات قد يؤدي إلى حدوث مضاعفات في العمود الفقري أو في إحدى الأجهزة الداخلية الأخرى ومن الأمراض الوراثية أيضا مرض انزلاق الفقرات وهو ما يختلف عن الانزلاق الغضروفي حيث تكون هناك فقرة منزلقة على أخرى .
سلامة العظام
كما يشير د.سمير إلى دور الأطعمة التي يتناولها الشخص في الحفاظ على العمود الفقري وضرورة احتوائها على الكالسيوم الذي يساعد في بناء وقوة العظام والفقرات كما تعمل الدهون التي تتراكم بين عضلات العمود الفقري على الحفاظ على شكله وتوازنه ويكتمل برنامج العناية بالعمود الفقري في ممارسة الرياضة ما يؤدي إلى تقوية عضلات الظهر والفقرات كما يوضح الدكتور أن مؤشرات حدوث أمراض في العمود الفقري تبدأ من آلام الظهر والتي تعد مؤشرا للإصابة في الحبل الشوكي وأعراض أخرى مثل تحديد حركة العمود الفقري والظهر وحركة الإنسان نفسه بالإضافة إلى التقلص الذي يعد من أخطر مؤشرات الإصابة والذي يليه تغير الإحساس بالجسم وضمور في العضلات مثل عضلة السمانة الموجودة في الساق أو عضلات الفخذ وفقا لمكان وجود الغضروف فإذا كان الغضروف موجودا في مكان الفقرات القطنية العليا فهذا يؤدي إلى حدوث تنميل في الساق أو دمور في العضلات ويصاحب ذلك ألما لا يستجيب للأدوية ولكن عادة ما توصف أدوية الروماتيزم والمسكنات والأدوية الباسطة للعضلات والتي تحد من الألم ولكن لا تزيله والواقع أن العلاقة بين حدوث المشكلة وظهور المؤشرات ما هي إلا نظام حدده الخالق للتنبيه والحث على سرعة الاستجابة
أمراض الرياضيين
ويتطرق الدكتور إلى آلام العمود الفقري بالنسبة إلى الرياضيين حيث يوضح أن الانزلاق الغضروفي خاصة يحدث للرياضي عند ممارسة الرياضة بشكل خاطئ فرياضات مثل رفع الأثقال وتمارين مثل تمارين كمال الأجسام تحتاج إلى خطوات معينة من التدريب فمن يتجاوز هذه الخطوات ويعتقد أنه يستطيع أن يصل إلى أعلى المراحل في خطوة واحدة يقع في شباك الانزلاق الغضروفي كما يجب على الرياضي أن يتحرى الدقة في تطبيق إرشادات المدربين
ويلقي الدكتور الضوء على مشكلة كسور العمود الفقري ويبشر بأنه حدث اثنان من الإنجازات المهمة في هذا المجال الأول يتمثل في تطور وسائل تثبيت العمود الفقري في قوتها وسهولتها ما يتيح الفرصة إلى عودة العمود الفقري إلى مكانه مرة أخرى بعد الكسر وما يعزز الفرصة في ذلك هو سرعة الاستجابة للعلاج قبل أن تصل إلى الحبل الشوكي ما يقلل من احتمالية الاستجابة للعلاج حيث إن هذه الحالة مازالت في طور التجربة ولم تجن بعد النتائج المرجوة أما الإنجاز الثاني فيخص الحالات التي تعاني هشاشة في العظام حيث إن كسر الفقرة في هذه الحالة يكون على هيئة انضغاط للفقرة ما يؤدي إلى حدوث تشوه تتعذر عنده الاستجابة للعلاج والجديد في هذه الحالة أنه أمكن إزالة هذا الانضغاط وإعادة الفقرة إلى ما كانت عليه بحقن مادة تقوم بهذه الوظيفة ما يزيل التشوه ويعيد الشخص إلى حالته الطبيعية وقدرته على الحركة بشكل طبيعي بالإضافة إلى إمكانية علاج الألم بالحقن الموضعي وهي من الحالات التي تؤدي سرعة الاستجابة فيها إلى عدم الوصول إلى الحالة التي تكون عندها الجراحة ضرورة لابد منها الأمر الذي يؤكد أهمية سرعة الاستجابة لعلاج أمراض العمود الفقري أما في ما يخص خشونة الركبة والتي تعد نتيجة لتآكل الغضاريف فهي تنقسم إلى نوعين نوع ابتدائي وآخر ثانوي. النوع الابتدائي يحدث للشخص بعد بلوغ سن الخامسة والخمسين كنتيجة طبيعية لاستهلاك المفصل بالإضافة إلى أسباب أخرى مثل زيادة الوزن والتهاون في علاج مرض النقرص وأسباب أخرى وراثية.
ولكن يحذر الدكتور سمير عند محاولة تقليل الوزن من الإفراط من التقليل من النشويات والسكريات حيث وجد أن هذه العناصر بالإضافة إلى أنها تسكن آلام الجسم وأنها تقي من الاكتئاب أنها تقلل من نسبة حمض اليوريك في الجسم الذي تؤدي زيادته إلى الإصابة بمرض النقرص كما أشار إلى أن الجسم بحاجة إلى نسبة معينة من الدهون في أماكن مثل أماكن ما حول الكلى وما بين عضلات الظهر فالأسلوب الأمثل للوقاية من الأمراض هو اتباع نظام غذائي سليم ومتكامل.
ويشير الدكتور وديع وليم استشاري جراحة العظام إلى بعض الأوضاع الخاطئة للاسترخاء ومشاهدة التلفزيون والقراءة والمذاكرة من شأنها التسبب في آلام وأمراض العمود الفقري ويوضح أن الخطأ يكمن في عدم حرص الشخص على إراحة جميع أعضائه واستقامة ظهره واستقامة على وجه التحديد المنطقة القطنية إلى أسفل المنطقة الصدرية وهذا لتجنب آلام الرقبة والظهر والعمود الفقري كما أشار إلى بعض المهن التي تعد سببا رئيسا في أمراض العمود الفقري مثل أعمال حمل الحقائب والأعمال التي تحتاج إلى السحب والجر بصورة متكررة كما يجب على الشخص ألا يحمل نفسه فوق طاقتها وينصح بتناول القدر المناسب من الأطعمة الغنية بالكالسيوم لبناء وتقوية العضلات والفقرات والوقاية من هشاشة العظام .
تقوس الظهر
يضيف الدكتور وديع أن مواضع الألم لا تكون بالضرورة دقيقة في الدلالة على مكان الإصابة بالنسبة إلى الشخص العادي فالألم في المنطقة العنقية أو القطنية أو العجزية يدل على الإصابة في هذه المناطق ولكن في بعض حالات إصابة العمود الفقري يكون الألم في أماكن مثل الساقين أو الأرداف .
وعن تشوهات العمود الفقري يقول الدكتور وليم أن هناك تشوهات تكون بلا أسباب مثل الانحناء الفقري أو التقوس وهناك حالات تكون لها أسباب مثل بعض الأمراض كما أن الألم في بعض الأحيان قد يوحي بالتشوه عندما يحاول الشخص الانحناء بصورة معينة لتقليل الضغط على العصب .
ويوضح استشاري العظام أن العمود الفقري شأنه شأن باقي أعضاء الجسم قد يصاب بشتى أنواع الأورام إلا أن العمود الفقري لكونه جزءا مسمطا وحساسا تظهر فيه الأعراض بصورة قوية وسريعة ومنها ما يمكن علاجها ومنها ما لم يزل علاجها متعذرا .
و عن الانزلاق الغضروفي يقول الدكتور إن معظم أسبابه تكون أسباب ميكانيكية في أيدينا جميعا تجنبها فالغضروف في تكوينه أشبه بكيس يحتوي على مادة أشبه بالجيلي وكثرة الضغط على هذا الكيس هو ما يسبب الانزلاق الغضروفي .
ويقول الدكتور إن أغلب كسور العمود الفقري لا تكون مرعبة وخطرة لأن عظام العمود الفقري هي ما نسميها بالعظام الإسفنجية وأغلب كسور هذه العظام تكون كسورا انضغاطية، أغلبها يمكن علاجه دون اللجوء إلى الجراحة إلا في حالة الكسر الانشطاري يجب استعمال الجراحة لأن هذه الحالة تعد من الحالات غير المستقرة .
آلام الغضروف
يعتبر الغضروف الوهم المرعب الذي يصيب المصريين وجراحة الغضروف هي الوهم الأكثر رعبا، ولكن الجراحة ليست هي الحل الوحيد فلو علمنا أن الغضروف هو الجزء الذي يثبت كل فقرتين في العمود الفقري ببعضها البعض لعلمنا أهميته في تثبيت العمود الفقري.
فهذا الغضروف لو تحرك من مكانه وانزلق إلى مكان آخر يحدث ما يسمى بالانزلاق الغضروفي، ويكون هذا بسبب إما ضعف العضلات الظهرية المغلفة للعمود الفقري في منطقة الفقرات القطنية أو العنقية، وإما بسبب حمل الأشياء الثقيلة في وجود ضعف هذه العضلات أو زيادة الوزن، فلو تحرك هذا الغضروف وظهر في الأشعة أنه انزلق من دون شكوى لمريض فإن هذا المريض في النهاية سليم ولا يحتاج إلى علاج، أما لو انزلق هذا الغضروف وضغط على الأعصاب فإنها إما أعصاب حسية تسبب الألم والتنميل في الأقدام أو الذراع وعلاجها يكون بحقن مضادات الالتهاب حول العصب ولا نلجأ إلى الجراحة وهذا في 90% من المرضى، أما لو ضغط الغضروف على الأعصاب الحركية فإنه يسبب شللا وضمورا في العضلات أو عدم التحكم في البول وفي هذه الحالة يكون مشرط الجراح هو الحل، فلا نقول وداعاً للجراحة ولكن مهلا وليكن المشرط للمريض الذي يحتاجه وهم يمثلون حوالى 10% فقط من المرضى.
تيبس العمود الفقري
كما قد يحدث فتق للغضاريف وتيبس في العمود الفقري وهو من الأمراض المزمنة، ويشخص خطأ على أنه انزلاق غضروفى، ما يدخل المريض في دوامة إجراء جراحة لا فائدة من ورائها، بل إنها تسبب له الكثير من الأضرار.
الدكتور خالد الحديدي أستاذ الأمراض الروماتيزمية في جامعة القاهرة اشار إلى أن الروماتيزم التيبسي يعد أحد أمراض مجموعة من الأمراض تسمى الروماتيزم السلبي، وتضم أيضاً (الروماتيزم الصدفي، الروماتيزم التفاعلي، الذي يحدث بعد إصابة ميكروبية في الجهاز التناسلي أو الهضمي، والروماتيزم المصاحب لتقرحات القولون).
ومرض تيبس العمود الفقري تشكل نسبة الإصابة به 50 إلى 51% من مجموع أمراض الروماتيزم، وعلاجه حتى اليوم يتم بالتمرينات والمسكنات ومضادات الالتهاب.
وهذا المرض كما يوضح المتخصصون، يصيب المفاصل الطرفية، خاصة المفاصل العلوية منها، كالكتف والحوض، إلا أن تركيزه الأساسي على المفاصل المركزية كالعمود الفقري أسفل الظهر والرقبة، كما يصيب أماكن ارتباط الأوتار والأربطة بالعظام، وله الكثير من الأعراض غير المفصلية، وأحياناً يسبب التهاباً حاداً في القزحية وأحياناً أخرى بعض المشاكل في القلب مثل اتساع الصمام الأورطي أو عدم انتظام ضربات القلب وقد يسبب بعض التليفات في الأجزاء العلوية من الرئة، كما أن استخدام المسكنات لفترات طويلة في علاجه تؤثر في الكلى.
المحطة الأخيرة
وبحسب الاطباء فإن أفضل طرق للوقاية من الاصابة بأمراض العمود الفقري هي المشي ويفضل في حالة الشعور بأي آلام في منطقة الظهر مراجعة الطبيب المختص.
ولعلاج آلام الظهر ينصح بعدم ملازمة الفراش لأن المطلوب تقوية عضلات الظهر وهي العضلات الموجودة خلف العمود الفقري وهذا مطلوب والألم في بدايته، بل من الضروري في هذه المرحلة أن تستمر حياة المريض بصورة طبيعية، فهذا أفضل سلاح للخروج من دوامة الألم، وهذا لا يعني أن ألم الظهر مرض نفسي، ولو أن بعض أعراض هذا الألم تشير إلى ارتباطه بالتوتر أو الإجهاد، ولكنها من الحالات النادرة، وإن كان البعد النفسي يقوم بدوره في الحالات المزمنة.
ويؤكد الاطباء أن كلمة جراحة يجب ان تحذف ولو جزئيا من قاموس المريض والطبيب حين التعامل مع العمود الفقري محددة للغاية، وإذا فكر الطبيب المعالج في الجراحة فهذا يعني أن كل طرق العلاج قد استنفدت ومن الواضح أن المريض نفسه هو الذي يصر على العملية الجراحية أكثر من الطبيب ليتخلص من الألم بصفة نهائية. ومتى سمع كلمة "عملية جراحية" فهو يعتقد خطأ بأنها ستحدث له معجزة الشفاء ويبدأ في رفض تناول الأدوية مهما تكن قوية ومهما تكن فاعليتها.
منقول
__________________