فعلاج مرض القلوب أهم من علاج مرض الأبدان، ولا ينجو إلا من أتى الله بقلب سليم. وله دواءان:
أحدهما: ملازمة ذكر الموت وطول التأمل فيه، مع الاعتبار بخاتمة الملوك وأرباب الدنيا، وكيف أنهم جمعوا كثيرا وبنوا قصورا وفرحوا بالدنيا بطرا وغرورا، فصارت قصورهم قبورا وأصبح جمعهم هباء منثورا، {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (37)} الأحزاب.
{أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (26)} السجدة، فقصورهم وأملاكهم ومساكنهم صوامت ناطقة، تشهد بلسان حالها على غرور عمّالها. فانظر الآن في جميعهم{هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (98)} مريم،* والمعنى هنا هل ترى منهم أحدا أو تسمع لهم صوتا، فقد ماتوا وصاروا الى أعمالهم.*
الدواء الثاني: تدبّر كتاب الله تعالى ففيه شفاء ورحمة للعالمين. وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بملازمة هذين الواعظين، فقال:" تركت فيكم واعظين صامتا وناطقا، الصامت الموت، والناطق القرآن". * أورده المؤلف في الإحياء [1\274] ا.
ومن مسند عبد الله بن عمرو) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد، قيل فما جلاؤها يا رسول الله قال: كثرة تلاوة كتاب الله تعالى وكثرة الذكر لله عز وجل. "...
فاحذر ممن يكون:
بُكماً عن كتاب الله، وإن كانوا يتلونه بألسنتهم.
وصُماً عن سماعه، وإن كانوا يسمعونه بآذانهم.
وعميا عن عجائبه، وإن كانوا ينظرون إليه في صحائفهم ومصاحفهم.
وأميّين عن أسراره معانيه، وإن كانوا يشرحونه في تفاسيرهم. * في الطبقات وإتحاف السادة "نائمين".*
فاحذر أن تكون منهم، وتدبّر أمرك وأمر من لم يتدبر أمر نفسه كيف ندم وتحسر! * وفي الطيقات وإتحاف السادة " كيف يقوم ويحشر"* وانظر في أمرك وأمر من لم ينظر في أمر نفسه كيف خاب عند الموت وخسر.