بابلــو بيكاســـو
بدايــــاته
ولد "بابلو رويز بلاسكو" الملقب باسم بابلو بيكاسو عام 1881 بمالقة (الأندلس) وتلقى تكوينه الفني بيرشلونة، حيث كانت تختلط التأثيرات الفوضوية بتأثير الفن الحديث، وبالمدرسة ما قبل الرمزية وبالتعبيرية الاسكندنافية التي كان يقودها الفنان النرويجي "إدوارد مانش، وبفن الرسم الفرنسي الذي تأثر به بيكاسو (خصوصا بباريس) لمدة ثلاث سنوات أي بين عامي 1900 و 1903.
مراحــــل تدرجـــه الفنــــي
الدارسون والمحللون لمسيرة بيكاسو الفنية يجمعون على كونه، قبل ولوجه عالم التكعيبية، مر من مراحل متعددة وغنية من حيث المواضيع والتقنيات التعبيرية وهكذا نجد أن أعماله الأولى، التي تمثل مشاهد اجتماعية وواقعية (الراقصات، العاهرات، مدمني الخمر..)، أخذها بيكاسو من صميم دروس ما قبل التعبيرية (نموذج لوحة نانا الموجودة في متحف بيكاسو ببرشلونة) قبل أن يتأثر بانطباعية بول غوغان وتولوز لو تريك (لوحة المهرج الموجودة بمتحف الميتروبوليتان بنيويورك كنموذج).
بعد ذلك، اتخذ بيكاسو من "رمزية الاستلهام" مصدرا مرجعيا ميز مرحلته الزرقاء التي أنجز خلالها مجموعة من اللوحات شبه أحادية اللون (monochrome). منها لوحة (الحياة) ولوحة (السماوية).
وفي مرحلته الوردية، استطاع بيكاسو (انطلاقا من 1906) أن يرسم العديد من اللوحات العاطفية (المهرج، الفارسات، المرأة حاملة الوردة، البهلوان..) بعد ذلك، قرر بيكاسو الاستقرار الرسمي بباريس، حيث شغل محترفا في ( الباتولافو) في مونمارتر.. واستطاع بفضل اجتماعية التي يتميز بها أن يربط علاقات سريعة مع الشاعر (أبو لينير) والرسام (هنري ماتيس).
أما عن علاقة بيكاسو مع التعبير التكعيبي فإنها تعود بالأساس إلى تأثره بعاملين اثنين: أفكار الرسام بول سيزان (الذي اهتم كثيرا بالحجم الطبيعي) وخصوصيات النحت الزنجي
وتعتبر لوحة (نساء عاريات) الموجودة في متحف الفن الحديث بنيويورك) وبدرجة أقل لوحة (آنسات أفنيون / Les demoiselles d’Avignon. نفس المتحف)، من أشهر الأعمال التي أظهرت النزعة البدائية التي ستفرض وجودها في جل إبداعاات بيكاسو، والتي رسمت له طريقا عريضا لولوج التكعيبية .. ومن هنا انقطع بيكاسو كليا عن التصوير الأكاديمي والكلاسيكي.. ومعلنا في الآن نفسه، عن ميلاد نمط تعبيري جديد اسمه: التكعيبية / Cubisme التي لم تدم، في تاريخ الفن المعاصر سوى ستة أعوام (وهي أقصر مرحلة من مراحل التصوير الحديث) قضاها بيكاسو بمغامرة فريدة خصوصا مع صديقه جورج براك سبيلا في إعطاء وتقديم الأشياء في صورة مبسطة وإعادتها إلى مجسمات هندسية بغية منحها وجودها الفيزيائي الملموس.. بعيدا عن أساليب وتقنيات المنظور التقليدي..
وفي عام 1917، أرغم بيكاسو على السفر إلى "إيطاليا بسبب الحرب التي أبعدته عن صديقه براك، وعن رسامي (مونمارتر).. وبروما التقى مع الشاعر والكاتب المسرحي جان كوكتو / J.Cocteau الذي لعب دورا كبيرا في تأثر بيكاسو بعالم المسرح والرقص (الباليه).
بعد ذلك انطلق بيكاسو في دراسة النحت القديم وتحليل كلاسيكية النهضة (الحنين إلى التراث التقليدي). وقد أنجز خلال تلك الفترة: نقل بعض رسوم الفنان "انغر" وتشكيل مجموعة من المنحوتات الفخمة (أجساد عارية).
كما تأثر بيكاسو بنظريات فرويد في علم النفس، حيث رسم خلال تسع سنوات. وسط نتاج جد متنوع، مجموعة من اللوحات التي تثبت صورا قاسية وفظة من الكوابيس والوساوس المجونية (لوحة نساء عاريات) المرسومة عام 1927 والموجودة في متحف الفن الحديث بالولايات المتحدة، ولوحة (المرأة حاملة البالون). ولوحة (مستحمات/ مجموعة ف.و. كاتر نيويورك) المرسومتين عام 1930 .
وبدءا من سنة 1931، أنجز بيكاسو بمحترف قصر بواجولو (في النورماندي) مجموعة من المنحوتات على شكل إنشاءات مصنوعة من المعادن المقطعة والنفايات والأدوات المهملة.. والتي تعرف اليوم باسم فن التجميع.. (راجع: الواقعية الجديدة خصوصا مع بيير ريستاني وارمان وكلاين..). ومن بين هذه الإبداعات (المرأة في الحديقة) و(المينوتور) رمز الدعارة والإجرام الجنسي.
وفي عام 1935، قام بيكاسو بطباعة لوحة (المينوتور السائر) الموجودة في (متحف الفن الحديث بنيويورك)، والتي تعتبر أهم أعمال الحفر، وتلخص أفضل إنجازات بيكاسو الإبداعية حتى يومنا هذا