ضحوكَ السنِ يطربُ للعطايا * ويفرحُ إن تعرضَ للسؤالِ
فمايمنعنا من الإبتسامة وهى عبادة فى الدين ، وبمجرد توزيع الإبتسامة نجنى الحسنات، فلنعبد الله عزوجل بها ، ولنجعلها قربى لنا من الله سبحانه ؛ وإحذروا العبوسَ.
قال : الليالي جرعتني علقمَا * قلت :ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنما * طرح الكآبة جانبا وترنما
أتراك تغنم بالتبرد درهما * أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما
ياصاح لاخطر على شفتيك أن * تتثلما والوجه أن يتحطما
فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى * متلاطم ولذا نحب الأنجما
وقد قرأتُ أن إبتسامةً من القلبِ لمده دقيقة واحدة تساوى ساعة رياضة
السهمُ الثاني : البدء بالسلام
قال رسولُ الله " ... خيرهم الذى يبدأُ بالسلامِ "
فمن أروع وأجمل الوسائل لنشر المحبة بين الناس هى نشر السلام ، فهو أول أسباب الوئام والمودة .
والسلام سهم يصيب سويداء القلب ليقع فريسة بين يدي المصوب و لكن إذا أحسن التصويب ببساطة الوجه وبشاشتة،والسلام هو عهد منا أمام الله عزوجل لتعظيم حرمات الناس ؛ وليس هو مجرد تحية ، ولكنه حصن المسلمِ .
قال صلى الله عليه وسلم
: ( تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء )
وقال أيضاًصلى الله عليه وسلم:
( لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ).
وقال عمر الندي :
(خرجت مع ابن عمر فما لقي صغيراً ولا كبيراً إلا سلم عليه)
وقال الحسن البصري
(المصافحة تزيد في المودة)
وقال إبراهيم بن محمد الزهرى :
السهمُ الثالثِ : الهدية
والهدية سهمٌ غريبٌ لها تأثيرٌ عجيبٌ فهي تذهب بالسمع والبصر والقلب.
إن الهدية من أقوى المؤثرات فى النفوس وأفضل الوسائل لجذب القلوب وتآلفها ، وللهدية قيمةٌ وأهمية كبرى فى جذب غير المسلم إلى الإسلام ..كما فعل رسول الله مع صفوان بن أميةَ..فقد أعطاه صلى الله عليه وسلم واديان من إبل وغنم ..، وبعدها سخر صفوان كل مايملك لخدمة الدين والإسلام .
وقد كان النبى يقبلُ الهدية ويثيبُ عليها وقال صلى الله عليه وسلم" تهادوا تحابوا "
حسنه الألبانى .
وما يفعله الناس من تبادل الهدايا في المناسبات وغيرها أمر محمود بل ومندوب إليه على أن لا يكلف نفسه إلا وسعها،
قال إبراهيم الزهري
(خرّجت لأبي جائزته فأمرني أن أكتب خاصته وأهل بيته ففعلت، فقال لي تذكّر هل بقي أحد أغفلناه ؟ قلت لا قال بلى رجل لقيني فسلم علي سلاماً جميلاً صفته كذا وكذا، اكتب له عشرة دنانير)
انظروا أثّر فيه السلام الجميل فأراد أن يرد عليه بهدية ويكافئه على ذلك.
السهمُ الرابعُ : الصمت وقلة الكلام إلا فيما ينفع
هناك ظاهرة سيئة من إرتفاع الصوت فى مجالس العلم وإياكم وارتفاع الصوت وكثرة الكلام في المجالس،
وإياكم وتسيد المجالس وعليكم بطيب الكلام ورقة العبارات
قال النبى صلى الله عليه وسلم:
(فالكلمة الطيبة صدقة)
كما في الصحيحين
وأيضاً الكلمة الطيبة لها تأثير عجيب في كسب القلوب والتأثير عليها حتى مع الأعداء فمابالكم بالإخوة فى الله وأبناء الدين.
فهذه عائشة رضي الله عنها قالت لليهود ( وعليكم السام واللعنة)
فقال لها رسول الله :
( مهلاً يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله) متفق عليه
وعن أنس رضي الله عنه قال،
قال رسول صلى الله عليه وسلم :
( عليك بحسن الخلق وطول الصمت فو الذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما )
أخرجه أبو يعلى والبزار وغيرهما.
قد يخزنُ الورعُ التقي لسانه ** حذر الكلام وإنه لمفوه
السهمُ الخامسِ : حسنُ الاستماعِ وأدبُ الإنصاتِ
وهو سهمٌ نفاذ ليس له مثيل ينفُذ ويؤثر فى الغير ويجذب القلوبِ وعلينا بعدم مقاطعة المتحدث ... فقد كان رسول الله لا يقطع الحديث حتى يكون المتكلم هو الذي يقطعه،
ومن جاهد نفسه على هذا أحبه الناس وأعجبوا به بعكس الآخر كثير الثرثرة والمقاطعة،
واسمع لهذا الخلق العجيب عن عطاء قال :
( إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه وقد سمعته قبل أن يولد).
السهمُ السادس : حسن السمت والمظهر
وحسن السمتِ والشكلِ سهمٌ له تأثير فى الآخرين وجمال الشكل واللباس وطيب الرائحة،
فالرسول يقول :
( إن الله جميل يحب الجمال )
كما في مسلم.
وعمر ابن الخطاب يقول :
( إنه ليعجبني الشاب الناسك نظيف الثوب طيب الريح )
وكان أحمدُ بن حنبل " رحمه الله " يجلس فى المجلسِ وبين يديه ( 5000 ) طالب علم ...وقال عبد الله ابن أحمد ابن حنبل :
( إني ما رأيت أحداً أنظف ثوبا و لا أشد تعهدا لنفسه وشاربه وشعر رأسه وشعر بدنه، ولا أنقى ثوبا وأشده بياضا من أحمد ابن حنبل).
وقدوتنا فى ذلك رسول الله
وقد أصبح الشباب الآن يتنافس مع الفتيات فى التجميل ، ولكن إذا مااستقام وأتبع سنته
والدين يأمرنا أيضاً بذلك .
الهمُ السابع : قضاء المعروف وقضاء الحوائج
أحب الناسِ إلى الله عزوجل أنفعهم إلى الناس .....وسهم حب الناسِ والإحسان إليهم سهمٌ تملك به القلوب وله تأثير عجيب صوره الشاعر بقوله:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ** فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
وقضاء حوائجِ الناسُ سهمٌ تملك به محبة الله عز وجل كما قال صلى الله عليه وسلم
: ( أحبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس )
والله عز وجل يقول
{ وأحسنوا إن الله يحب المحسنين }
إذا أنت صاحبت الرجال فكن فتى ** مملوك لكل رفيق
وكن مثل طعم الماء عذبا وباردا **على الكبد الحرى لكل صديق
الآن فى زمننا هذا نجد الموال الطائلة ..أرقام سبحان الله ، وأيضاً نجد المجاعات ، وبحوث تقول إن كل طفلٍ يموت كل 5 ثوانى من الجوع ..؛ وإنسان يصاب بالعمى كل 4 ثوانى نتيجة للجوع ...؛ و 100000 إنسان يموت يومياً بسبب الجوع ..؛ وهذا كله راجعٌ إلى الناس وتفشى الرأسمالية فى المجتمع ...أصبح الناس يعيشون طبقات ..؛ وأيضاً من الإحصائيات أن 3 مليارات شخص يعيشون بأقل من 2 دولار يومياً ...و 33 مليار بيت يعيشون فى الدول العربية تحت خط الفقر ....
لاحول ولا قوة إلا بالله
فما أحوجنا إلى أن نتحرك بقضاء حوائج الناس بخاصة المسلمون .
عجباً لمن يشتري المماليك بماله كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه، ومن انتشر إحسانه كثر أعوانه.
السهمُ الثامنِ : بذلُ المالِ
وبذلُ المالِ سهمٌ يعجز الكثير عن تسديده وذلك نتيجة الشُحِ والبخلِ .
وقال رسول :
( إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلى منه خشية أن يكبه الله في النار )
وإن لكل قلب مفتاح، والمال مفتاح لكثير من القلوب خاصة في مثل هذا الزمان
صحيح البخاري.
صفوان ابن أمية فر يوم فتح مكة خوفا من المسلمين بعد أن استنفذ كل جهوده في الصد عن الإسلام والكيد والتآمر لقتل رسول الله ،
فيعطيه الرسول الأمان ويرجع إلى النبي ويطلب منه أن يمهله شهرين للدخول في الإسلام،
فقال له رسول الله بل لك تسير أربعة أشهر، وخرج مع رسول الله إلى حنين والطائف كافراً،
وبعد حصار الطائف وبينما رسول الله ينظر في الغنائم يرى صفوان يطيل النظر إلى وادٍ قد امتلأ نعماً وشاء ورعاء.
فجعل صلى الله عليه وسلم يرمقه ثم قال له يعجبك هذا يا أبا وهب؟
قال نعم، قال له النبي هو لك وما فيه.
فقال صفوان عندها :
ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
لقد استطاع الحبيب صلوات ربى وسلامه عليه بهذه اللمسات وبهذا التعامل العجيب أن يصل لهذا القلب بعد أن عرف مفتاحه.
فلماذا هذا الشح والبخل؟
ولماذا هذا الإمساك العجيب عند البعض من الناس؟
حتى كأنه يرى الفقر بين عينيه كلما هم بالجود والكرم والإنفاق.
السهمُ التاسعِ : إحسان الظن بالآخرين والاعتذار لهم
حسن الظن للآخرين ، وغلإعتذار لهم هو سهمٌ سريع وفعال فليس هناك طريقا أيسر وأفضل للوصول إلى القلوب منه،
فأحسنوا الظن بمن حولكم وإياكم وسوء الظن بهم وإياكم وجعل أعينكم مرصداً لحركاتهم وسكناتهم،
ويذهب بكم الظنُ كل مذهب .
وكونوا كالنحل لا يقع إلا على الطيبِ من الأزهارِ وبعض الناسِ يقع على الجروحِ والسلبياتِ للآخرين ؛ وللأسف فهذا مايفشل المجتمع ولكن الخير وحسن الظنِ أفضل .
واسمعوا لقول المتنبي:
إذا ساء فعل المرءِ ساءت ظنونه ** وصدق ما يعتاده من توهم
و قال ابن المبارك
( المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم ).
السهمُ العاشرِ : أعلن المحبة والمودة للآخرين
ماذا نختار لمجتمعنا الإسلامى أن يكون مجتمعاً ملئ بالحب والإخاء أم مجتمعٌ ملئ بالفرقة والتناحر ...فإذا أحببت أحداً أو كانت له منزلة خاصة عنك فأخبره بأنك تحبه فإن ذلك يكون سهماً يصيب القلب ويأسر النفس ولذلك
قال صلى الله عليه وسلم
( إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه )
كما في صحيح الجامع، و في رواية أخرى
( فإنه أبقى في الألفة وأثبت في المودة)،
لكن بشرط أن تكون المحبة لله عزوجل وحده ،
وليس لغرض من أغراض الدنيا كالمنصب والمال،
والشهرة والمركز والجمال،
فكل أخوة لغير الله هباء،
وهي يوم القيامة عداء
(الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)
والمرء مع من أحب كما قال
يعني يوم القيامة
إذا فإعلان المحبة والمودة من أعظم الطرقِ للتأثير على القلوب.
فإما مجتمع مليء بالحب والإخاء والائتلاف، أو مجتمع مليء بالفرقة والتناحر والاختلاف،
لذلك حرص
على تكوين مجتمع متحاب فآخى بين المهاجرين والأنصار، حتى عرف أن فلانا صاحب فلان،
وبلغ ذلك الحب أن يوضع المتآخيين في قبر واحد بعد استشهادهما في إحدى الغزوات.،
بل أكد
على وسائل نشر هذه المحبة
ومن ذلك قوله
(لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)
كما في مسلم.
وللأسف، فالمشاعر والعواطف والأحاسيس الناس منها على طرفي نقيض ،
فهناك من يتعامل مع إخوانه بأسلوب جامد جاف مجرد من المشاعر والعواطف،
وهناك من يتعامل معهم بأسلوب عاطفي حساس رقيق ربما وصل لدرجة العشق والإعجاب والتعلق بالأشخاص.
والموازنة بين العقل والعاطفة يختلف بحسب الأحوال والأشخاص، وهو مطلب لا يستطيعه كل أحد لكنه فضل الله يؤتيه من يشاء.
السهمُ الحادى عشر : المداراة
سهمُ المدارة سهمٌ دوار يحتاج إلى مُتقِن يسدده وإحتراف فى التصويب للهدف ..؛ وهناك فرقٌ بين المدارة والماهنة .
فهل تحسن فن المداراة؟
وهل تعرف الفرق بين المداراة والمداهنة؟
روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت :
( أن رجلا استأذن على النبي
، فلما راءه قال بئس أخو العشيرة، فلما جلس تطلق النبي
في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل، قالت له عائشة يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه، فقال رسول الله
، يا عائشة متى عهدتني فاحشاً؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس لقاء فحشه)
قال ابن حجر في الفتح
(
وهذا الحديث أصل في المداراة)
ونقل قول القرطبي
(
والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا، وهي مباحة وربما استحبت، والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا ).
إذا فالمداراة لين الكلام والبشاشة للفساق وأهل الفحش والبذاءة،
أولاً اتقاء لفحشهم، وثانيا لعل في مداراتهم كسباً لهدايتهم بشرط عدم المجاملة في الدين،
وإنما في أمور الدنيا فقط، وإلا انتقلت من المداراة إلى المداهنة فهل تحسن فن المداراة بعد ذلك؟
كالتلطف والاعتذار والبشاشة والثناء على الرجل بما هو فيه لمصلحة شرعية،
وقد روي عن النبي
أنه قال
(
مداراة الناس صدقة )
أخرجه الطبراني وابن السني،
وقال ابن بطال
المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس، وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الأُلفةِ.