رسالة إلى صلاح الدين ،،،
عفوًا صلاحَ الدّين ..
ليلُ التّيهِ يحملُنا إليك ..
على جناح الشوق ..
مقهورين
تصفعُنا أعاصير الهَزيمة
نشكو .. نئنُّ
وأنتَ ترقُد في الضَّريح ..
كأنّنا نرجوكَ أنْ تهتزَّ من غَضَبٍ ..
ونحنُ العاجزين ..
نغطُّ في أوهامِ غفلتِنا العَقيمة
بالأمس كنتَ هناكَ إذْ دَوّى نداءُ القدسِ:
"وا أقصاهُ !! .."
والأفعى على أعناقِنا تلتَفُّ
كان البحرُ يقذفُ بالعلوج..
وأنذرت صفارةُ التاريخ ..
والأخطار مُحْدِقةٌ وخيمة ..
ووقفت كالعملاق في وجه الرِّياح الهوجِ ..
تنفخُ في الضمير الوعيَ ..
تنسجُ من خيوطِ النورِ آفاقًا ..
تؤجِّج نخوةَ الإيمانِ .. والتوحيدِ ..
.. والمُثُلِ القَويمةْ
ناديتَ : باسم اللهِ ..
فارتجّتْ مُفزَّعةً قلاعُ الكفرِ ..
وامتشقت صواعِقَها السُّيوفُ ..
توحَّدت في كَفِّك الراياتُ ..
واندفعت بروقُ الخيل في الميدان
تمضغ من تغيّظها الشكيمة ..
"الله أكبرُ " في فم الأهوالِ .. تقصفُهمْ ..
وتشهدُ كيفَ يندحرُ الصليبُ ..
تهبُّ أرياحُ الجِنان ..
وتنتشي أرضُ الفتوحِ ..
تُذيقُهم "حطّينُ " مِنْ بركانها العاتي جَحيمه ..
تتدحرج التّيجانُ ..
هاماتُ الملوكِ مُطأْطِئاتٌ في يدَيْكَ ..
وهانَ كلُّ ذي هَنَةٍ زنيمة ..
وقف الزمانُ يزفُّ بُشراها ..
ويرفعُ منبرُ الأقصى عقيرتَهُ
وتنطلق الأهازيجُ الرَّخيمة ..
وترسَّخت كلُّ الجُذورِ ..
أقمتَ صرحَ المجْدِ ..
لا ترجو سوى الرحمنِ ..
لا يُغريك بعدَ رضاهُ مالٌ أو غَنيمة
ورحلت مرضيًّا .. خفيف الظّهرِ ..
لم تحمل سوى صِدْق اليقينِ ..
وعِفَّةَ النفس التي أغْنَتك عنْ دُنياكَ ..
تفترشُ الثّرى .. والصبرُ شيمة
لكنهم عادوا ..
وهمْ قُطّاع هذا العصر
سمَّوهم صهاينةً
تنزَّه عنهم الشيطانُ ..
يغتالون نبضِ الرّوحِ ..
يقتسمون لحم الجائعين
وكل ضحيةٍ سقطت وليمة ! ..
( ها نحنُ عُدنا يا صلاحَ الدينِ )
مُذْ قيلتْ ونحنُ نضجُّ ..
"واغوثاهُ " ! ..
والطغيانُ
يضرِبُنا ..
ويا للعارِ ! ..
كلُّ خليَّةٍ فينا مُدَجَّنَةٌ سَقيمة ..
وعجبتُ ..
كمْ يستنْجدُ الأحياءُ بالموْتى ..
.. وأنتَ الحيُّ والموتى غُثاءُ السَّيْلِ ..
والأسوارُ تسقُطُ
واللَّظى
لم تُبْقِ من غرسِ المُنى
إلا هَشيمه
وحذارِ ! ..
لو غامَرْتَ ..
سوف تبيتُ ضيفًا في زنازين العَذابِ
بصحبةٍ الأطهارِ ..
تنهشهم كلابُ القَهْرِ ..
يُلْهبُ ظهرهُمْ سوطُ الجَرِيمةْ .
أتقولُ : جئتُ أُحرِّرُ الأقْصى ..
أُطهِّرُهُ من الأرْجاسِ ..
أُعْتِقُهُ مِنَ العُصَبِ الأثيمة ؟!
من أنت ؟
كيفَ أَتَيْتَ ؟
ما هذا الهُراءُ ؟
ومنْ تُراكَ ؟
وهلْ هي الفَوْضى ؟
خُذوه .. فإنّهُ مِنْ زُمْرَةِ الإرْهابِ ..
يَجْهلُ أنَّ غلطَتَهُ جَسيمة
هي ذي الحقيقةُ يا صلاحَ الدّينِ ..
باتَ الحرُّ مقصوصَ الجناحِ ..
يُذادُ عن أشواقِهِ العُليا ..
يُرادُ لهُ الهَوانُ ..
يظلُّ مغلولَ العَزيمة
أواّهُ ! . كمْ تَتَردَّدُ الآهاتُ ..
يبعثُها شتاتُ الأمنياتِ ..
كأنها ريشُ الطريدةِ قدْ تبعثَرَ ..
وهي تجترُّ العذاباتِ الأليمةْ
والقادمون على خُطاك .. تعثَّروا فوق الحِرابِ ..
تعاهدوا في الله ِ .. رغم القَيْدِ ..
ثمَّ توضّأوا بالنّورِ ..
وابتاعوا جِنانَ الخُلْدِ بالأرواحِ ..
طيِّبةً .. نسائمُها الكريمة
..
حِطّينُ .. عَبْر جراحِنا ..
مِنْ غُرْبةِ الأحزانِ .. مِن رَحِمٍ الفِداءِ الحُرِّ ..
سوف تَعُودُ .. شامخةَ اللواءِ .. تُحطِّم الأصْنامَ ..
تَكْسِرُ شوكةُ الظّلْمِ اللَّئيمةْ
وهناكَ جُندُ اللهِ ..
والأيامُ حُبْلَى ..
والغَدُ الموعودُ يُؤذنُ بالطّلوعِ ..
وفي يَدَيْهِ وثيقةُ النّصرِ القديمةْ
فإلى هناكَ
إلى هناكَ
تَعَجلي باللهِ .. يا أجيالَ أُمَّتِنا العَظيمة
مهْما تمادَى الليلُ .. فالآمالُ دانيةٌ ..
نداءُ الفجرِ يحفِزُنا وآياتُ الهُدى ..
وتُثيرُنا أضواءُ طلْعَتِهِ الوَسِيمة ..
شعر : أحمد محمد الصديق