الّلون الأخضر بين الدّين والحياة
الحمد لله رب العالمين والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين، أمّا بعد:
بينما كنت أجوب صفحات منتدانا وقعت على حوار دار بين بعض الإخوة يخصّ الّلون الأخضر فانتابتني فكرة الحديث عنه، ورأيت من الأولى أن أفتتح الموضوع بعلاقة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بهذا الّلون، وكالعادة ومن هنا وهناك جمعت بعض المعلومات نقلا بنيّة التّبيان ابتداء، وتشريك الإخوة الأعضاء انتهاء، بحيث كلّ من وجد إضافة لم أذكرها في طرحي هذا فليضفها، وبذلك إن شاء الله نأتي على أكثر كمّ من المعلومات في الخصوص، وتحصل الفائدة بإذن الله وتوفيقه
الّلون الأخضر بين الدّين والحياة
سإل الدّكتور محمّد بن عبد الله القنّاص عضو هيئة التّدريس بجامعة القصيم
هل صحيح أن النبيّ – صلى الله عليه وسلم- كان يفضّل أو يحبّ الّلون الأخضر؟ - وجزاكم الله خيراً
الجــواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد
يُستحبّ لبس الثّياب الخضر، فقد ورد أن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يلبس الأخضر من الثّياب، ففي حديث أبي رمثة -رضي الله عنه- قال: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ– صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ" أخرجه أحمد (7117 ) بإسناد صحيح، وأخرجه أبو داود، 3674، والتّرمذيّ (2737)، وقال: هذا حديث حسن غريب، والنسائيّ ( 1554)، وفي حديث يعلى بن أميّة -رضي الله عنه-: " أنّ رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- طاف بالبيت مضطبعاً ببرد أخضر " أخرجه أحمد والأربعة إلّا النّسائي ، وقال الترمذيّ: حديث حسن صحيح، لكن يظهر أنّ هذه الثّياب ليست خضراً خالصاً، وإنّما مخطوطة بخطوط خضر؛ لأنّ البرود تكون ذوات خطوط، قال ابن القيّم: "والبرد الأخضر هو الذي يكون فيه خطوط خضر"، وبوّب البخاري في الصحيح بقوله: باب :الثّياب الخضر، وذكر حديثاً فيه: أنّ عائشة- رضي الله عنها- عليها خمار أخضر
وقال ابن بطّال: " الثّياب الخضر من لباس أهل الجنّة "وكفى بذلك شرفاً لها. يشير بذلك إلى قوله –تعالى-: " وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً "
وقال الشوكاني: "يستحبّ لبس الأخضر؛ لأنّه لباس أهل الجنّة وهو أيضاً من أنفع
الألوان للأبصار، ومن أجملها في أعين النّاظرين"
هذا والله الموفّق والهادي إلى سواء السّبيل
الّلون الأخضر بين العلم والإيمان
ما أكثر ما يرد لفظ الخضرة في آيات القرآن الكريم والتي تصف حال أهل الجنة أو ما يحيط بهم من النعيم في جو رفيع من البهجة و المتعة و الاطمئنان النفسي
فنجد في سورة الرحمن : (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) (الرحمن:76) و قال تعالى عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌوَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْشَرَاباً طَهُوراً) (الإنسان:21) . . (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ( (الرحمن54.)
يقول أحد علماء النفس و هو أردتشام : " إنّ تأثير الّلون في الإنسان بعيد الغور و قد أجريت تجارب متعدّدة بيّنت أنّ الّلون يؤثّر في إقدامنا و إحجامنا ويشعر بالحرارة أو البرودة، وبالسرور أو الكآبة، بل يؤثّر في شخصيّة الرّجل وفي نظرته إلى الحياة .
ويسبّب تأثير الّلون في أعماق النّفس الإنسانيّة فقد أصبحت المستشفيات تستدعي الأخصائيّين لاقتراح لون الجدران الذّي يساعد أكثر في شفاء المرضى و كذلك الملابس ذات الألوان المناسبة و قد بينت التجارب أنّ الّلون الأصفر يبعث النّشاط في الجهاز العصبي، أمّا الّلون الأرجواني فيدعو إلى الإستقرار والّلون الأزرق يشعر الإنسان بالبرودة عكس الأحمر الذي يشعره بالدّفء ووصل العلماء إلى أنّ الّلون الذي يبعث السّرور والبهجة وحب الحياة هو الّلون الأخضر
لذلك أصبح الّلون المفضّل في غرف العمليّات الجراحية لثياب الجراحين والممرّضات