مُغَادِرٌ نَحْوَ مَا لاَ تَعْلَمِيْن .؛
هَا أنَا أجُرُّ النُّصُوصَ لِـ أُغْوِيْهَا بِالرَّحِيْل , وَ تَأْبَىْ !
أجْتَرُّ ذَاكِرَتَهَا المُتَهَالِكَة نَحْوَ السَّفِيْنَة لِـ تَرْحَلْ وَ لاَ تُطَاوِعُنِيْ ,
وَأنْتِ !! تَقِفِيْنَ مُتَفَرِّجَةً َكَأنَّ المَشْهَدَ رَاقَ لَكِ كَثِيْرًا .,
فَلَمْ أَلْحَظْ مِنْكِ عَزْمًا فِيْ ثَنْيِ النُّصُوْصِ عَنِ الرَّحِيْلِ ,
لَنْ تَقْتُلِيْنَ العَزْمِ فِيَّ !
فَمَا زَالَ تَأثِيْرُ الصَّدْمَةِ سَارِيَ المَفْعُولِ .
مُوْقِنٌ بأنِّيْ أعْنِيْ لِقَلْبِكِ الصَّخْرِ شَيْئًا يَسْتَحِقُّ أنْ يُذْكَر ,
لَكِن لِمَاذَا أنْتِ تَحْتَرِفِيْنَ قَتْلِيْ بِحَدِّ بُرُوْدِكْ ؟
وَ تُسْمِعيْنَ أُذُنِيْ كَلاَمًا لاَ تَحْتَمِلُهُ اللَّحْظَة ! وَلاَ تُطِيْقُهُ مَجَالِسُ الصُّوفيِّينَ !
.
.
فَأرْتَمِيْ عَلَىْ أرِيْكَةِ حُرُوفِيْ المُتَحَطِّمَة مِنْ جَرَّاءِ نَصْلِ حَدِّكْ , كَيَوْمٍ مِنْ كَلَلْ ,
أوْ نَهَارٍ اكْتَحَلَ بالمَلَلْ !
أوْ كَمسَاءٍ خَائنٍ لاَ يُحْتَمَلُ , لاَ يُحْتَمَلْ .
فَيَسْرِقُ النُّعَاسُ بَقَايَا عَزِيْمَةٍ لِلرَّحِيْل فِيْ تِلْكُمَ اللَّحْظَة !
فَأنَامُ قَرِيْرَ الحُزْنِ عَلَى قَارِعَةِ الشَّجَنْ ,
عَلَّ الحُزْنَ يَتَبدَّلُ فِيْ الأحْلاَمْ .
كَكُلِّ يَوْمٍ يَتَأخَّرُ الصَّبَاحُ فِيْ إيْقَاظِيْ ,
فَيَحْبِسُنِيْ اللَّيْلُ حَيْثُ لاَ أهْوَىْ !
فَأتضَجَّرُ مِن طُوْلِ لَيْلِيْ ,
أُطَوِّحُ بِيَدِيْ يَمْنَةً وَيَسْرَة ,
فَأُفْجَأ بِسُقُوْطٍ صَاخِبْ لِوَرَقَةٍ هَجَرْتُهَا مُنْذُ ذَلِكَ المَسَاءِ الحَزِيْنْ ! يَسْرِقُ آخِرَ مَا تَبَّقَى لَدَيَّ مِنْ غَفْلَة .
حِيْنَ يُطِلُّ عَلَيْنَا - أنَا وَ بَقَايا لِـ عَزِيْمَتِيْ - وَقْتُ السَّحَرْ أعْقُدُ هُدْنَةً مَعَ النُّعَاسْ ,
بِأنْ لا يَأتِيَنِيْ حِيْن أجَمِّعُ مَا تَنَاثَرَ مِنْ قَارِبْ عَزمِيْ ,
لَـ أرْحَلَ عَنْ هَذَا القَلْبِ المَمْلُوءِ بِالسُّكَانِ , الذيْنَ حَازُوْا امْتِيَازَاتِ الدُّخُوْل إلَىْ هَذَهِ الظُّلْمَة !
.
.
.
هَاهِيَ السَّمَاءْ تُقَطِّرُ عَليْنَا دَمِيْ ,
لَتَحطَّ عَلَى القَلْبِ غَيْمَةٌ ,
لَمْ تَرْتَحْ مُنْذُ خَمْسَةَ عَشَرَ رَأسِ سَنَةْ ,
فَتَهْتَزُّ دَهَالِيْزُ الفَرَاغِ بِمُكْثِهَا ,
وَتَتَوْهُ أعْيُنُ المُسْتَجِدِّيْنَ هُنَا ,
غَيْرَ أنِّيْ أحْفَظُ المَكَانَ عَنْ ظَهْرِ ألَمْ !
فَلَنْ أغْتَالَ المَلِكَةْ لِأجْلِ أنِّيْ وَجَدْتُ الفُرْصَةَ المُنَاسِبَة .
سَأخْتَارُ لحُبِّيْ قَبْرًا نَائِيًا أهَدْهِدُهُ فِيْهِ حَتَّى ..
يَنَامْ .., وحِيْن يَنَامُ سَأكْتُبُ عَلَيْهِ " هُنَا مَاتَ , هُنَا تَعَذَّبْ , هُنَا قَلْبِيْ أيْضًا انْتَهَتْ
صَلاحِيَّةُ حَيَاتِهْ "
حِيْنَهَا سَألْتَفِتُ إلَى مَكْتَبَتِيْ العَامِرَةُ بِالحُزْنِ المُتَرَاكِمْ
وأبْدَأ بِالقِرَاءَة فِيْ أبْجَدِيَّاتْ الحُزْنِ , حَتَّىْ تَخْرُجَ صَلاةُ الفَجْرِ !
هَاهِيْ أشِعَّةُ الصَّبَاحِ تُحَاوِلُ - يَئْسًا - أنْ تَتَسَلَّلَ إلَىْ رُدْهَتِيْ المُعْتِمَة !
لَكِنَّ الحُزْنَ أجَادَ التَّعتِيْمَ عَلَىْ القَضِيَّةْ ,
وَ خَرَجْتُ فِيْ النِّهَايَةِ بِتُهْمَةِ هَجْرٍ وصُدُوْد ! وشَيْخُوْخَةٍ لِـ حُزْنْ !
أرَىْ السَّلاسِلُ تَضِجُّ فِيْ قَدَمَيْ ,
وَكَأنَّهَا تُحْدِثُ طَرَبًا بِإلْقَاءِ القَبْضِ عَلَىْ مُدَانٍ مُتَلَبِّسٍ بِالحُزْنِ ,
قَدْ ثَبُتَتْ التُّهْمَةُ عَلَيْهِ عُنْوَة !
.
.
.
.
يََبْدُو أنَّ مَرَآيَا الحُزْنِ أحْسَنَتْ فِيْ عَكْسِ الشُّعَاعِ عَلَى الشَّمْسْ !
فَأعْمَتْ الشَّمْسَ عَنْ نَافِذَةِ غُرْفَتِيْ المُشْرَعَةْ .
هَا أنَا أئِنُّ لأَنِّيْ عُدْتُ بَعْدَ سِجْنٍ لِخَمسَةَ عَشَرَ صَقِيْع ,
فَأجِدَ هَذِهِ الحُرُوْفَ كَمَا تَرَكْتُهَا ! أوْ كَمَا تَرَكَتْنِي هِيَ !
سَأمُنُّ عَلَى دَفَّتَيِّ الكِتَابِ بِاللِّقَاءِ وَ لَوْ أنِّيْ تأخَّرْتُ ,
وسَأكْتُبُ أسْفَلَ الصَّفْحةِ قَبْلَ الإطْبَاقْ : " مُغَادِرٌ نَحْوَ مَا لاَ تَعْلَمِيْن .؛ هَاهِيَ قِصَّتُنَا تَنْعِيْ فَصْلَهَا الأخِيْر "
وِفِيْ النِّهَايَةْ خَرَجْتُ بِبَاقَةِ حُزْنٍ وذِكْرَيَاتٍ لاَ تَسْتحِقُّ النِّسْيَانَ , كَعَدَمِ أَحَقِّيَّتِهَا بِالتَّذكُّرِ !
فِمْنَ الغَبَاءِ أنْ نَنْسَى يَوْمًا شَخْصًا تَتَقَاطَعُ ذِكْرَيَاتُنَا مَعَه ُ ,
لَنْ أطْلُبَ تَعْوِيضًا , فَـ نَامِيْ قَرِيْرَةَ العَيْنِ يا " ذَاكِرَتِيْ "
وَأقْطَعٌ الأجْيَالَ إلَى قَبْرِ قَلْبِيْ وحُبٍّ تَبَرَّأتُ مِنْهُ , لأُسلِّمَ عَلَيْهِ ,
وَلَوْلاَ قَدَاسَةٌ المَوْتَىْ , لَنبَشْتُ القَبْرَ لِأرَىْ قَلْبِيْ لِلمرَّةِ الأخِيْرَة
لأنك تعلم!
م.ن