أكتب إليك اليوم عن بعد
بعد أن فشلت في قراءتك عن قرب
فنحن في الغالب
لا نجيد قراءة الاستياء
ولا نعرف قيمتها
طالما أنها هي قريبة منها
لا لسبب يتعلق في ثقافتنا
بقدر مايتعلق بقصر نظرنا
فنحن نعاني من قصر نظر مشاعرنا
وإحساسنا الجميل بالأشياء
وبالناس الذين نحبهم طالماهم يقتربون منّا
أو نقترب منهم
ولكننا نعرف قيمة بعضنا
كلما توغلنا في البعد
فالحب ليس أعمى كما يقال
إنه يعاني من قصر النظر فقط
فالذين يعرفون الحب الحقيقي
هم أناس .. أعطاهم الله بعد نظر
وأنت لا تستطيع أ ن تحكم على نظرك
قصيرا كان أم بعيدا
إلاّ من خلال فحص النظر
ولا يمكنك أيضا أن تحكم على مشاعرك
وإحساسك بعيدا كان أو قريبا
إلاّمن خلال فحص مشاعرك
فهل جربنا أن نفحص مشاعرنا
كما نفحص نظرنا !؟
لكي نرى بشكل أفضل
ونحب بشكل أفضل
فهناك ملايين البشر ممن لا يرون إلاّ من خلف نظارات زجاجية
لأن نظرهم ضعيف
لكن هناك ممن لا يحبون
لا يستعملون قلوبا زجاجية
تساعدهم على رؤية مشاعرهم
فقلوبهم في الغالب
قلوب حجرية
أو متحجرّةفي أفضل الأحوال!
أكتب إليك ليوم
لأنني أراك أقرب من أي وقت مضى
برغم كل هذا البعد
وأنت البعيد القريب
ياغائبا لا يغيب
وأنا أراك بقلبي لا بعيني
فالذين يحبون
يرون بقلوبهم
وهم يرون مالا يراه غيرهم
ممن لديهم عيون لايبصرون بها
فشكرا لكل هذا البعد
الذي علمني أن أعود إلى مرابع الطفولة
والعشق في مرابع الصبا
من يدري ..
فقد كان من الممكن
ألاّ نحب بعضنا إلى هذا الحد
لو لم تكن روحانا
تريان بعضهمامن كل هذا البعد