قارب الناس الوصول وأنت ما زلت واقفا تشكو.. منذ كم وأنت على هذا الحال؟!
عهدي بك تتبرم منذ زمن.. وما أرى لك جهدا في محاولة التغير والانتقال إلى حال أفضل.
أليس هذا حال كثير من شبابنا؟!
البعض منهم يشكو فعلا ما هو فيه ولكنه يكتفي بمجرد الشكوى ولا يحاول التقدم للأفضل.. فهو على هذا من سنين، ويمكن أن يبقى كذلك أيضا سنين أخر.
والبعض يشكو ما يظن أنه فيه وليس فيه حتى يقع فيه.. وهذه لا تقل خطورة عن سابقتها:
هذا يشكو من النساء والبنات.. إنهن في كل مكان.. ماذا أصنع؟!
في الشوارع، في المواصلات، في الجامعات، في العمل.. النساء البنات.. هكذا يردد حتى يصدق نفسه فيتساهل في النظرات أو السلامات أو الكلام ويقع فعلا في فتنة النساء.
وهذا يشكو من الوسوسة، وليس به شيء لكنه يخيل إليه حتى يوسوس.. بلاء.
وآخر يشكو الفقر وقلة المال وكيف نأتي به؟ ومن أين ؟ وما هي الوسيلة؟ وماذا سنفعل به؟ ثم يستيقظ ويده فارغة، ولكن قلبه قد امتلأ بحب المال. وصار المال فتنة كما قال صلى الله عليه وسلم: "لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال".
ورابع ما زال واقفا مكانه منذ بدأ الالتزام يتساءل أين الطريق؟ وكيف السبيل؟ كيف أطلب العلم. كيف أربي نفسي؟ وتمر سنوات بعد سنوات وهو ما زال في نفس المكان.
وخامسة هاجسها في الحجاب يا ترى تلبسه الآن أن تنتظر حتى يأتيها بن الحلال، ويا ترى هل سيكون حجاب السنة أم حجاب "الشوبنج سنتر" وبنات الزوات.
ويا ترى هل هي بالحجاب أجمل أو بدونه؟ حيرة تمتد لزمان.
وأخرى مشكلتها في فتى الأحلام كلما رأت شخصا على ما في مخيلتها عاشت الأحلام، وربما نصبت الشباك.. فيوما مع هذا وآخر مع ذاك. وفي النهاية.. الله أعلم بالنهاية.
كثيرة تلك الشواغل، ومتعددة تلك الأماني، ومتشعبة تلك الأهواء. لكن المشكلة أن الكل واقف في مكانه ولا أحد يبدأ العمل، ويسلك الطريق.
لا تقف مكتوف اليد، ولا تبقَ مشتت الفكر، وإياك أن تديم الشكوى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، هذه قاعدة وأصل لا يتخلف فابدأ بعلاج نفسك، ومجاهدة هواك، وسلوك سبيل الحق؛ وستجد المعونة على قدر المؤونة، وكلما جاهدت واجتهدت سترى التوفيق والتيسير، ويزول عنك الهم وتنمحي عنك الوساوس وتنجلي عنك الأحزان.
"إن الذين يشكون الواقع وفقط لن يغيروه مطلقا، ولن يتغيروا هم أيضا بل سيظلون هكذا في وحل الفتنة ومستنقع العطالة والبطالة، يقاسون المرارة والكرب طالما لم يبدءوا العلاج.
إن صلاح القلب لا يكون بضربة حظ أو بمعجزة تأتي من السماء على عبد جالس ينتظر الفرج بلا عمل، وبلا حركة وبلا بذل سبب.. هذا لا يكون. لابد من العمل كما قال صلى الله عليه وسلم: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له". والله تعالى لا يأتي العبد حتى يكون العبد هو يأتيه أولا ويمشي إليه ويسلك الدرب للوصول إليه فعند ذلك يأتي المدد والتوفيق كما في الحديث القدسي الذي في مسند أحمد يقول تعالى: "يابن آدم قم إلي أمشِ إليك، وامش إلي أهرول إليك"
وفي الحديث الآخر المتفق عليه: "من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة".
إن الوصول إلى الله يحتاج منا ألا نقف مكتوفي الأيدي أمام المشاكل والهموم، واضعين أيدينا على خدودنا نشتكي إلى كل رائح وغاد، بل لابد من التحرك للعلاج.
فعاهد نفسك من الآن ألا تشتكي مطلقا.. كف عن الشكوى وابدأ بالعلاج ليعينك الله على الوصول إليه. اللهم بلغنا مما يرضيك آمالنا.. آمين.
ـــــــــــــــــــــــ
من كتاب: "أصول الوصول": بتصرف
ملاحظة / الموضوع منقول