امنحي طفلك الثقة
أظهر علماء، ولأول مرة، كيفية نشوء ما أسموه بهرمون "الثقة" في أدمغة الأمهات المرضعات عند إرضاع صغارهن. وقال العلماء إن الرضيع عندما يبدأ في مص الحليب من ثديي أمه، تنطلق سلسلة متصلة من العمليات في دماغ الأم تؤدي إلى نشوء هرمون الثقة. وقال العلماء إن هذا الكشف يشكل دليلا إضافيا على أن الرضاعة الطبيعية تعزز الرابطة بين الأم المرضعة ورضيعها من خلال عمليات كيميائية حيوية.
وقال فريق العمل في جامعة ورويك الذي أنجز البحث إن الهرمون المسمى "أوكسيتوسين" كان معروفا أنه عند إطلاقه في الدم يسبب في انسكاب الحليب من الغدة الثديية. لكن ما لم يكن معروفا أنه عند إطلاق الهرمون "أوكسيتوسين" في الدماغ، فإنه يساعد على تعزيز الرابطة بين الأم والرضيع من خلال الثقة التي تنشأ بين الطرفين. ويؤدي هرمون "أوكسيتوسين" أيضا إلى حدوث انقباضات خلال أوجاع المخاض ويسبب في "انسكاب" الحليب من الغدد الثديية.
وينشأ الهرمون في جزء الدماغ المسؤول عن التحكم في حرارة الجسم والعطش والجوع والغضب والتعب. وخلص فريق البحث إلى أن الهرمون المذكور يفرز مشاعر ثقة الرضيع في أمه واتكاله عليها، إضافة إلى تقليص خوفه من العالم الجديد الذي وفد إليه.
وهنا نتذكر موضوع حرمة الرضاعة عندما قال النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسَب) [متفق عليه]. ففي كل يوم تثبت الدراسات أن المرضعة تؤثر على الطفل الذي ترضعه وتتأثر به أيضاً. ولا ننسى أن علماء الغرب يؤكدون حتى هذه اللحظة أنهم يجهلون التركيب الدقيق لحليب الأم. ولكن الدكتور سيرغان يقول في بحث جديد: إننا وللمرة الأولى ندرك أن حليب الأم يحوي خلايا جذعية (جنينية)، وهذه الخلايا معقدة لدرجة كبيرة لا نزال نجهلها. وهي تؤثر على الطفل الذي يرضع حليب أمه بشكل كبير. إن الخلايا الجذعية الموجودة في حليب الأم تشبه بل تطابق تماماً خلايا الجنين الذي تحمله في بطنها! أي أن الطفل الذي يرضع من ثدي امرأة غير أمه يكتسب خصائص تشبه خصائص إخوته.
ويقول الدكتور Mark Cregan وبالحرف الواحد: إن الخلايا الجنينية الموجودة في حليب الأم تحوي برنامجاً يؤثر على من يتناول هذا الحليب، وتساهم في بناء الأنسجة في جسده، بل وتؤثر على سلوك هذا الطفل في المستقبل ويستمر تأثيرها إلى ما بعد مرحلة البلوغ! ولذلك فإن الله حرم علينا الأمهات اللاتي أرضعننا، يقول تعالى: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) [النساء: 23]. وهذا من إعجاز القرآن الكريم.
الجنين منذ أن يكون في بطن أمه يعود نفسه على مص أصابعه استعداداً ليرضع من ثدي أمه بعد الولادة مباشرة! وتؤكد الدراسة المنشورة في مجلة PLoS Computational Biology إلى أن الرضيع عندما يرضع من ثديي أمه، فإن خلايا عصبية خاصة في دماغ الأم المرضعة تبدأ في إطلاق هرمون الثقة. لكن فريق البحث فوجئ بأن هرمون "أوكسيتوسين" يُطلق أيضا من جزء الخلية المسماة الزوائد المتشجرة والتي عادة ما تكون هي نفسها جزء الخلية العصبية الذي يتلقى المعلومات وليس الذي يرسلها. واعتمد العلماء على عمليات حسابية دقيقة من أجل التوصل إلى أن إطلاق الزوائد المتشجرة لهرمون "أوكسيتوسين" يتيح زيادة التواصل بين الخلايا العصبية.
تجنّبي السرطان
يقول العلماء إن الأمهات يمكن أن يتجنبن مضاعفات ومشاكل سرطان الثدي إن هن حرصن على إطالة أمد إرضاع أطفالهن بدل تقصيرها أو تحديدها، كما هو شائع حاليا. فقد اظهر بحث جديد أن كل سنة إرضاع تمر بها الأم تقلص من نسب تعرضها لسرطان الثدي بنحو 4,3 في المئة. وهذه النسبة تضاف إلى معدل تراجع تعرضها للمرض بنسبة سبعة في المئة لكل طفل تنجبه. ومعروف بين الأوساط العلمية، ومنذ زمن طويل، أن سرطان الثدي شائع في الحالات التي تنجب فيها المرأة عدداً أقل من الأطفال، وترضعهم لفترات قصيرة.
علماء الغرب يطالبون بزيادة فترة الإرضاع لأطول مدة ممكنة
إلا أن الباحثين يقولون إن عدد الأمهات اللواتي يرضعن أطفالهن قليل في بلدان مثل بريطانيا، والسبب جزيئاً يتمثل في عدم تلقيهن المساعدة اللازمة للبدء في فترة الإرضاع. وتشير بليندا فيبس رئيسة صندوق الإنجاب والطفولة البريطاني إلى أن واحد فقط من كل خمس أمهات بريطانيات يحرصن على إرضاع أطفالهن بعد الشهر السادس ونحن ندرك أن هناك الكثير منهن يوقفن الرضاعة قبل انتهاء هذه الفترة.
ودعت هذه المسؤولة إلى ضرورة التراجع عن النزعة السائدة في إرضاع الأطفال من الرضاعات الاصطناعية، وطالبت بالعودة إلى طريقة الرضاعة الطبيعية لأطول فترة ممكنة. وتوضح الدراسة الإحصائية التحليلية، التي أجراها صندوق بحوث السرطان البريطاني ونشرت مقتطفات منها في مجلة لانسيت الطبية، أن اختلاف العادات بين البلدان المتطورة والنامية هو الذي يفسر انخفاض الإصابة بسرطان الثدي في البلدان النامية. إذ تكثر في البلدان النامية عادات الإنجاب الكثير، وكذلك الرضاعة الطبيعية للطفل ولفترات أطول بكثير من تلك في البلدان المتطورة.
صورة لخلية سرطانية في منطقة الثدي، وتؤكد الدراسات أنه يبلغ المعدل العام لفترة رضاعة الطفل في البلدان النامية نحو عامين، وبمعدل ستة إلى سبعة أطفال للام الواحدة، مقابل شهرين وطفلين أو ثلاثة للأم في بلدان متطورة مثل بريطانيا. ويقول الأخصائي البروفيسور فاليري بيرال: معروف بين الأوساط العلمية، ومنذ زمن طويل، أن سرطان الثدي شائع في الحالات التي تنجب فيها المرأة عدداً أقل من الأطفال، وترضعهم لفترات قصيرة. ويؤكد أن الأبحاث تظهر أن هذه العوامل وحدها هي التي تقف وراء ارتفاع معدلات الإصابة بهذا النوع من الأمراض السرطانية، وهو من أكثر السرطانات شيوعا بين نساء الغرب.
وأقول يا أحبتي انظروا معي إلى روعة الإسلام عندما أمرنا النبي الأعظم بالحرص على الزواج وإنجاب الأولاد وإرضاعهن حولين كاملين، يقول تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) [البقرة: 233]، انظروا إلى من يبتعد عن الفطرة الإلهية، فالغرب وعلى الرغم من تطوره الطبي المذهل إلا أنه يعود لمبادئ الإسلام، فبعد الدعاية الكبيرة التي تغنى بها الغرب لسنوات طويلة وهو يشجع الإرضاع الاصطناعي أو الحليب المجفف ولفترة قصيرة، نجده اليوم يصرخ ويطالب بالعودة للإرضاع الطبيعي ويؤكد حرصه على ضرورة الاستمرار في الرضاعة الطبيعية لمدة سنتين كاملتين!