السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مفتاح الجنة
الحمد لله الذي رضي الإسلام لعباده دينا .. ونصب الأدلة على على ألوهيته وبينها تبييناً .. وكفى بربك هادياً ومعيناً .. لم يتخذ ولدا .. ولم يكن له شريك في الملك .. وكبره تكبيراً ..
يعطي ويمنع .. ويخفض ويرفع .. ويصل ويقطع .. ولا يسأل عما يقضي ويصنع .. لا شريك له في ملكه .. ولا ندّ له في حكمه .. ولا ظهير له ولا وزير .. ولا شبيه له ولا نظير .. ذلت الجبابرة لعزته .. وانكسرت النفوس لهيبته .. وخشعت القلوب لعظمته ..
فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ..
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .. وصفيه وخليله ..
أما الأول : فجلس إليَّ مهموماً وقال : يا شيخ .. مللت من الغربة ..
فقلت : عسى الله أن يعجل رجوعك إلى أهلك ..
فبكى .. وقال : ولله لو عرفت شوقهم إليَّ .. هل تصدق أن أمي سافرت أربعمائة ميل لتدعو لي عند ضريح قبر الشيخ فلان .. وتسأله أن يردني إليها ..!! ثم قال : هو رجل مبارك تقبل منه الدعوات .. ويسمع دعاء الداعين .. حتى بعد موته ..!!
أما الثاني : فقد حدثني بعض المشايخ أنه كان على صعيد عرفات .. والناس في بكاء ودعوات .. قد لفوا أجسادهم بالإحرام .. ورفعوا أكفهم إلى الملك العلام .. قال : وبينما نحن في خشوعنا لفت نظري شيخ كبير .. قد انحنى ظهره .. وهو يردد : يا شيخ فلان .. أسألك أن تكشف كربتي .. اشفع لي .. وارحمني .. ويبكي وينتحب ..
فانتفض جسدي .. وصحت به : اتق الله .. كيف تدعو غير الله !! هذا الولي عبدٌ مملوكٌ .. لا يسمعك ولا يجيبك .. ادعُ الله وحده لا شريك له ..
فالتفت إليَّ ثم قال : إليك عني يا عجوز .. أنت ما تعرف قدر الشيخ عند الله !!.. أنا أؤمن يقيناً أنه ما تنزل قطرة من السماء .. ولا تنبت حبة من الأرض إلا بإذن هذا الشيخ ..
فسبحان الله .. أين هؤلاء اللاجئين إلى غير مولاهم .. الطالبين حاجاتهم من موتاهم .. المتجهين بكرباتهم إلى عظام باليات .. وأجساد جامدات .. أينهم عن الله ..!! الذي يرى حركات الجنين .. ويسمع دعاء المكروبين ..
~,~,~,~,~~,~,~,~~,~,~,~
البحر المتلاطم ..
كانت الدنيا مليئة بالمشركين .. هذا يدعو صنماً .. وذاك يرجو قبراً ..
وكان من بينهم سيد من السادات .. هو عمرو بن الجموح ..
كان له صنم اسمه مناف .. يتقرب إليه .. ويسجد بين يديه ..
صنم صنعه من خشب .. لكنه أحب إليه من أهله وماله ..
وكان هذا دأبه مذ عرف الدنيا .. حتى جاوز عمره الستين سنة ..
فلما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة .. وأرسل مصعب بن عمير رضي الله عنه .. داعيةً ومعلماً لأهل المدينة .. أسلم أولاد عمرو بن الجموح دون أن يعلم ..
فقالوا : يا أبانا قد اتبعه الناس فما ترى في اتباعه ؟ فقال : لا أفعل حتى أشاور مناف !!
ثم قام عمرو إلى مناف .. فوقف بين يديه .. وقال :
يا مناف .. قد علمت بخبر هذا القادم .. وإنما ينهانا عن عبادتك .. فأشِرْ عليّ يا مناف .. فلم يردَّ الصنم شيئاً .. فأعاد عليه فلم يجب .. فقال عمرو : لعلك غضبت .. وإني ساكت عنك أياماً حتى يزول غضبك ..
ثم تركه وخرج .. فلما أظلم الليل .. أقبل أبناؤه إلى مناف .. فحملوه وألقوه في حفرة فيها أقذار وجيف ..
فلما أصبح عمرو دخل إلى صنمه فلم يجده ..
فصاح بأعلى صوته : ويلكم !! من عدا على إلهنا الليلة .. فسكت أهله ..
ففزع ..واضطرب ..وخرج يبحث عنه ..فوجده منكساً على رأسه في الحفرة..فأخرجه وطيبه وأعاده لمكانه..
وقال له : أما والله يا مناف لو علمتُ من فعل هذا لأخزيته ..
فلما كانت الليلة الثانية أقبل أبناؤه إلى الصنم .. فحملوه وألقوه في تلك الحفرة المنتنة .. فلما أصبح الشيخ التمس صنمه .. فلم يجده في مكانه ..
فغضب وهدد وتوعد .. ثم أخرجه من تلك الحفرة فغسله وطيبه ..
ثم ما زال أولاده يفعلون ذلك بالصنم كل ليلة وهو يخرجه كل صباح فلما ضاق بالأمر ذرعاً راح إليه قبل منامه وقال : ويحك يا مناف إن العنز لتمنع أُسْتَها ..
ثم علق في رأس الصنم سيفاً وقال : ادفع عدوك عن نفسك ..
فلما جَنَّ الليلُ حمل الفتيةُ الصنم وربطوه بكلب ميت وألقوه في بئر يجتمع فيها النتن .. فلما أصبح الشيخ بحث عن مناف فلما رآه على هذا الحال في البئر قال :
ورب يبـول الثعلبـان برأسه لقد خاب من بالت عليه الثعالب
ثم دخل في دين الله .. وما زال يسابق الصالحين في ميادين الدين ..
وانظر إليه .. لما أراد المسلمون الخروج إلى معركة بدر .. منعه أبناؤه لكبر سنه .. وشدة عرجه ..
فلما كانت غزوة أحُد .. أراد عمرو الخروج للجهاد .. فمنعوه فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. يدافع عبرته .. ويقول : ( يا رسول الله إن بنيّ يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك إلى الجهاد .. قال : إن الله قد عذرك ..
فقال .. يا رسول الله .. والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة ..
فأذن له صلى الله عليه وسلم بالخروج .. فلما وصلوا إلى ساحة القتال .. انطلق يضرب بسيفه جيش الظلام .. ويقاتل عباد الأصنام .. حتى كثرت عليه السيوف فقتل ..
فدفنه النبي عليه الصلاة والسلام .. وبعد ست وأربعين سنة .. نزل بمقبرة شهداء أحد .. سيل شديد .. غطّى أرض القبور ..
فسارع المسلمون إلى نقل رُفات الشهداء .. فلما حفروا عن قبر عمرو بن الجموح .. فإذا هو كأنه نائم .. لم تأكل الأرض من جسده شيئاً ..
فتأمل كيف ختم الله له بالخير لما رجع إلى الحق لما تبين له ..
بل انظر كيف أظهر الله كرامته في الدنيا قبل الآخرة .. لما حقق لا إله إلا الله ..
هذه الكلمة التي قامت بها الارض والسموات .. وفطر الله عليها جميع المخلوقات .. وهي سبب دخول الجنة ..
ولأجلها خلقت الجنة والنار .. وانقسم الخلق إلى مؤمنين وكفار .. وأبرار وفجار ..
فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين ماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتم المرسلين ..
الشيخ محمد عبد الرحمن العريفى
مفتاح الجنه التوحيد
لا اله الا الله الواحد الاحد تعال الله عم يصفون
سنتبعه باذن الله بمفاتيح اخرى