علاقة الري بالذبول
من الطبيعي ان الماء الذي تستهلكه النبتة هو الذي يأتي من التربة، و لذلك ان عملية امتصاص الماء تبدأ من جذور النبتة و تحديداً من الشعيرات الموجودة على الجذور. فلكي تؤمن الماء اللازم للنبتة ينبغي أن تؤمن الماء اللازم للتربة. ان التراب المثالي للزرع ، هو الذي يحوي على حوالي 50% من الفراغات. نصف هذا الفراغ ينبغي ان يمتلئ بالماء و النصف الآخر ينبغي أن يشغله الهواء.
عادة بعد مطر كثيف ( أو عملية الري)، كل الفراغات في التربة ستمتلئ بالماء، و عند توقّف المطر سيبدأ هذا الماء بالجريان نحو عمق الأرض بفعل الجاذبية. إن كمية الماء المتبقية بالتربة بعد تسرّب الماء بفعل الجاذبية هي ما يطلق عليه اسم “السعة الحقلية” : field capacity. كل الماء المتبقي بعد ذلك يكون مجذوباً إلى التراب بفعل “القوّة الشعرية” capillary forces. إن الماء الذي تستهلكه النبتة والذي يذهب بالتبخر يكون من الماء الموجود في الفراغات الشعرية الأوسع. و بالنهاية، الماء المتبقي في التربة هو في الفراغات الصغيرة التي يصعب على النبتة امتصاصه، و بالتالي تحصل عملية الذبول. اذا استمرت عملية الذبول بشكل لا يمكن للنبتة أن تتعافى بعده، نكون قد وصلنا الى نقطة الذبول الدائم. أي ماء عالق في التربة عند هذه النقطة يطلق عليه انه على نقطة الذبول الدائم.
ان النباتات لا تستطيع أن تستهلك إلا الماء المتوفر لها. هذا الماء المتوفر هو الذي يكون بين نقطة السعة الحقلية و نقطة الذبول الدائم. ومع سحب النبتة للماء من التربة، تنخفض كمية الماء المتوفّر للنتبة في التربة. هذا الحجم من الماء الذي تم استهلاكه يعرف بـ حجم النضوب depletion volume .فمع ابتداء نشفان منطقة التربة المحيطة بالجذور، يتجه الماء المتوفر في التربة نحو منقطة الجذور ليملأ هذه المنطقة التي تتعرض للنضوب. لذلك فإن قرار جدولة الري، غالباً يعتمد على فرضية ان انتاج المحصول و نوعيته لن تتأثر طالما أن كمية الماء المستهلكة بواسطة المحصول لا تتعدى حجم النضوب المقبول به.إن حجم النضوب المقبول به، هو الكمية القصوى المسموح استهلاكها من المياه بحيث إذا تم تجاوزها تصل النبتة الى نقطة الذبول الدائم، و حجم النضوب المقبول به يعتمد على نوعية التربة و نوعية المحصول المزروع.
إن النبتة قد تتعرض للذبول المؤقت خلال فترة النهار، وبخاصة عندما تشتد الحرارة و أشعة الشمس، فتكون درجة التبخر بالرشح في أوجها Evapotranspiration. هذه العملية، التبخر بالرشح، هي عبارة عن خسارة المياه من التربة عبر التبخر من سطح التربة و عبر الرشح من النبتة نفسها الى الجو. إن درجة التبخر بالرشح المفترضة هي الدرجة القصوى التي يمكن أن يتم خسارتها ضمن شروط مناخية وبيئية معينة.
عندما تستهلك النبتة الماء بسرعة أكبر من سرعة تعويض الماء لمنطقة الجذور، نتوقع حصول الذبول وبخاصة إذا كان الوقت في منتصف النهار إذ تكون الشمس و الحرارة في أوجها ، فتكون عملية التبخر بالرشح في أوجها أيضاً.
وفي المساء، تنخفض درجة التبخر بالرشح الى الإنعدام، فيتجه الماء من منطقة التربة الرطبة الى منطقة الجذور العطشة و الأكثر نشافة، فتنتعش النبتة و تستعيد حيوتها ونضارتها ويذهب ذبولها.
فهذه العملية، الذبول في النهار و التعافي في الليل، هي عملية طبيعية، و يشار إليها بـ الذبول المؤقت temporary wilting. و بطبيعة الحال ان حسن تنظيم جدولة الري يؤثر على التقليل من مدّة هذا الذبول المؤقت، فحتى لو كان هذا الذبول المؤقت ليس خطيراً و لكن نحن قد لا نرغب بأن نرى نباتتنا ذابلة لوقت طويل، و بخاصة اذا كانت من نبات الزينة، أليس كذلك؟
إذاً هناك نوعان من الذبول الذي قد يتأثّر بقلّة توفّر الماء:
1- الذبول المؤقت: و هو أمر طبيعي قد تمر النبتة به خلال النهار و ذلك نتيجة عملية الـ تبخر و الرشخ ثم تعود لتنتعش بالليل.
2- الذبول الدائم: و هو الذي لا يمكن للنبتة بعده أن تنتعش ، حتى لو حاولنا أن نرويها . ويحصل عندما تكون النبتة قد استهلكت كل الماء المتوفر في التربة، و تجاوزت حجم النضوب المقبول به، فوصلت الى نقطة الذبول الدائم ، وعندها ممكن نقول ان النبتة قد ماتت.