هذه المدرسة التي أحبها
قالت لي : أنت تفضلين الرجل على المرأة , فقلت لها : كيف ؟ قالت : حديثك دائما موجه إلى المرأة وكأنها أصل المشكلة , وسبب المتاعب , فأين الرجل ؟ ! لماذا لا توجهين حديثك وكلماتك له , مع أنه في أغلب الأحيان يكون هو الظالم , الذي يظلم امرأته وأولاده , وهو القاسي وهو الأناني , وهو الذي ينعم بالحياة ويخرج الى الأصدقاء , ثم يعود الى البيت فيجد امرأته , وقد أفنت حياتها لترعاه وترعى أولاده , ربما يكون جزاؤها السب والقذف والضرب , وربما وصل الى الطرد من البيت ؟ ... ثم ان الرجل يا سيدتي هو المسؤول عن التغيير وهو الذي يستطيع أن يؤثر في مستقبل الأسرة ... إن الرجل لو أخطأ لا يحاسبه أحد , ولكن المرأة عندما تخطىء الف محاسب ومعاقب , وتعيش حياة صعبة .. فماذا تقولين في هذا الكلام ؟؟ !
قلت لها يا عزيزتي ومن هو الرجل ؟ .. اليس هو ابن المرأة وأخوها وزوجها وأبوها ؟ .. إنني عندما أخاطب المرأة فأنا أخاطبها باعتبارها صانعة الرجل .. إنها هي التي تربيه , فإن أحسنت تربيته انعكس ذلك على علاقته بها .. فإن تربي البن على احترام المرأة وحسن التعامل معها وتقدير رأيها والترفق بها ورعايتها , أدى ذلك الى أن يكون زوجا كريما عطوفا عادلا رقيقا , يحب أهله ويقدرهم , واذا تربى على عكس ذلك كانت النتيجة ما تقولين يا عزيزتي ... ان شاعرنا الذي تحدث عن الأم ما أخطأ الحقيقة عندما قال :
الأم مدرسة إذا اعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
وأنا أخاطب هذه المدرسة المسؤولة عن تلاميذها وتربيتهم على الجادة وعلى المعالي وعلى القيم الأخلاقية النبيلة .. إن الأصل في الرجل الفاضل أه نشأ في أسرة طيبة متماسكة تربت على المبادىء .. يحترم فيها الصغير والكبير , ويرعى الكبير الصغير , تجد الفتاة فيها حقها غير منقوص في أن تتعامل وأن تبدي موافقتها واعتراضها , وأن تختار ما ترغب فيه .. أما الرجل الظالم الأناني والقاسي , فهو حصيلة أسرة مفككة , هزيلة , لا قيم لها ولا أخلاق ... فهل تراينني يا ابنتي أفضّل الرجل على المرأة في شيء .
كتاب : الى ابنتي
زينت الغزالي