ؤ
الشباب والتداعيات السياسية للعولمة :
الخريطة السياسية :
ان خريطة النظام الاقليمى العربى بالغة التعقيدفهناك بعض الدول العربية مثل مصر وسوريا ولبنان والعراق مرت بتجربة ليبرالية اكتسبتها من بعد الانقلابات العسكرية ، حيث سادت فيها نظم شمولية أو سلطوية، وبعضها تسعى الآن إلى العودة إلى الليبرالية ومن أبرز هذه الدول مصر.
وهناك دول تسودها نظم ليبرالية مقيدة مثل تونس والمغرب تسعى تحت الضغوط الدولية من ناحية ،وخضوعاً لمقتضيات التحديث السياسي من ناحية أخرى، لتطوير هذه الليبرالية المقيدة.
وهناك نظم سياسية شمولية بالكامل مثل العراق وليبيا . وهناك نظم سياسية تقليدية تسود في بعض البلاد العربية مثل السعودية وعمان ، وهناك نظم تطبق الشريعة الإسلامية بطريقتها الخاصة مثل السودان.
ولعله يظهر من هذه اللوحة متى تعقد وتشابك صورة النظم السياسية العربية المعاصرة . ولكن بغض النظر عن تعدد الأنماط، فان هناك ضغوطاً عالمية تدفع الى الحداثة السياسية، غير ان استجابات الدول العربية تتفاوت في مدى سرعة وعمق الاستجابة لهذا المثير العالمي.
وبالتالى فان تأثيرات العولمة ستختلف ,حسب التاريخ الخاص بكل قطر عربي. ومما لا شك فيه ان هذا التاريخ الاجتماعي هو الذي سيحدد مستقبل التحديث السياسي في كل بلد عربي على حد.*
ان الوطن العربي بشكل عام يمر الان بحالة من الاغتراب والغموض لما يخبئه المستقبل, فالدلائل والحقائق تعبر عن بروز خطين متعارضين سيسود أحدهما وسيشكل الإطار المرجعي لعملية التنمية المستقبلية
فالخط الأول سيفرز مشروع تنمية يُبنى علي أساس صيانة وحماية الأمة العربية لأهدافها الوطنية والديموقراطية وذلك من خلال تحديثها ومقاومتها لمشروع الهيمنة والعولمة الأمريكية، فيصبح تحدى ومقاومة المشروع هو جزء لا يتجزأ من المشروع التنموي والحل الوحيد للأمة العربية لكي تحيا من خلاله المجتمعات المدنية وتقوم بهدفها في ارتقاء الشعوب وصيانة حقهم في العيش الكريم. أما الخط الثاني فيسعنىالاندماج الكامل بأيدلوجية العولمة, وتحويل الأنظمة العربية بشكل طوعي, الى أدوات ترويج للنظام العالمي الاستهلاكي والذي يعبر عن نمط من الحياة لايمت بصلة الىالمجتمعات العربية وتكون أدواته الأساسية هي الشركات العملاقة التي يصب هدفها الأساسي على الربح من خلال استغلال كل ما هو إنساني.
ان البيئة السياسية العربية شانها شان اى بيئة سياسية تتشكل من مواطنين, واطر حزبية.- او تكاد تكون- ومجتمع مدنى , وبقدر فاعلية ووعى هذة الكيانات بقدر تطور الممارسات السياسية وتفاعل المواطنين فيها ,وفى الواقع السياسى العربى بنظمه الحالية فان المشاركة السياسية للمواطن العربى ,بالغة الضعف خاصة الشباب منهم .فالاحزاب الساسية فى اغلبها ضعيفة او هرمة, والاستبداد السياسى افرغ مفهوم المشاركة اساسا, وبالتالى فان الامل مازال متعلق ,بقدر بمؤسسات المجتمع المدنى
المجتمع المدنى :
الا ان المجتمعات المدنية العربية حديثة التشكل اجمالا وان كان لبعض البلاد العربية تراث عميق فان عدد اخر من الدول يخطو خطواته الاولى لتكوين المجتمع المدنى او لتحديث المجتمع المدنى .
ويعتبر المجتمع المدنى العربى الحديث من المرتكزات الاساسية للديمقراطية . حيث لا يمكن تصور وجود ديمقراطية مستقرة دون وجود منظمات غير حكومية فاعلة تعمل كحلقات وصل مؤسسية بين الحاكم والمحكوم وتقوم بدور فى عملية التنشئة الاجتماعية والسياسية ,فضلا عن دورها فى تدريب االمواطنين على المشاركة ,و تجميع المصالح والتعبير عنها واعداد الكوادر الساسية والنقابية , وبالمقابل يصعب ان ينمو المجتمع المدنى ويزدهر فى ظل غياب الديمقراطية وهكذا تبدو العلاقة جدلية ومعقدة بين الديمقراطية والمجتمع ,*2
والمؤكد ان المنظمات الاهلية هى الاكثر قدرة على التاثير نظرا لتخلصها التلقائى من قدر من جمود الاطر التنظيمية العربية كالنقابات والاحزاب التى يسطير عليها فى الاغلب كوادر هرمة.
فالاوعية القادرة حاليا على استيعاب طاقات الشباب هى المنظمات غير الحكومية ,التى انطلقت منها اغلب الحركات الشبابية العربية المناهضة للعولمة. فما الذى جعل حركات الشباب تنتشر فى معظم الدول العربية ؟
قدمت عدة تفسرات :
اول هذه التفسيرات ان عامل التقليد او المحاكاة قد اسهم في شيوع حركات الشباب وثوراتهم من مجتمع لاخر
وهناك تفسير اخر وهو ميل الشباب الي الطيش وقلة الصبر والاحتمال ,الذي يتميز به الشباب ويشيرهذا التفسير الي عدم تسامح الشباب حين يواجهون بالاعراف السائدة الجامدة التي يقبلها من هم اكبر سنا منهم .
وهناك تفسير ثالث يرد حركات الطلبة الي رغبتهم في تعديل اوضاعهم ونظم الامتحانات وغيرها . غير ان هذا التفسير لا يصلح لتفسير كل حركات الطلبة في مختلف البلاد .
وهناك تفسير بالغ الاهمية يرد تحركات الشباب الي الازمة المجتمعية الحالية والتى تخنق طاقات الشباب
ان الاسلوب الذي استخدمه الشباب في القيادة ضرب المفاهيم القديمة عن " الزعيم الاوحد " او " السلطة الابوية " حيث لم تعد مقبولة . والنمط الجديد ,ان السياسي الشباب ينظر لنفسه باعتباره واحدا من كل ، وانه قابل للتغيير والتبديل وكذلك ينظر اليه زملاؤه . واذا تكلم فهو لايعبر عن وجهة نظره الشخصية كفرد ، ولكنه يتحدث باعتباره صوتا معبرا عن زملائه.
ومن ابرز السمات التي لوحظت مرونة وكفاءة الشباب فهؤلاء الشباب الذين كانوا يتهمون بالسلبية وعدم الاكتراث ، اظهروا مقدرة فائقة علي العمل والتنظيم .
لقد ظهرت كل المنظمات الشبابية بصورة جادة , فاجأت المجتمعات العربية , بقوة تنظيم المظاهرات وتنوع مشاركيه من الشباب , والاليات الجديدة المتبعة للحفاظ على النظام العام وعدم الاحتكاك بالسلطات الامنية وقد كانت اسباب المظاهرات الاخيرة التى نفذت لعام 2005 فى مصر والجزائر ولبنان واليمن.
لمواجهة التشريعات التي تعصف بحقوق الفقراء من عمال وفلاحين ومعظم فئات الطبقات الوسطى, فضلا عن ثورة الشباب لمقاومة الفساد السياسى والتدخل العسكرى والسياسى ..
وبرغم تزايد جهود الشباب في المجتمع المدني العربى, إلا أنهم يمثلون عددا قليلا جدا من شباب الوطن العربى, الذي مازال معظمه لا يشارك في أي عمل اجتماعي مدني أو تطوعي خاصة في القرى الريفية التي تفتقر لأي نشاط مدني.
ان اغلب القضايا التى يعمل عليها الشباب فى الوطن العربى تتعلق بالسعى الى تدعيم بعض من حقوق المواطنة المنقوصة , والتى يتراوح معدل تناقصها بين العدم كما فى ليبيا والعراق المحتل حاليا , وبين ضوء صعيف خجل كما فى المغرب والاردن ومصر ولبنان.
ان الشباب العربى فى سعيه لحفر موقع له فى المجتمع المدنى العربى يسعى لاثبات حقوقه الاولية فى دولته الحديثة , حقه فى المشاركة الفعالة , حقه فى التعبير عن رايه , حقه فى تكوين تنظيمات , حقه فى تعديل السياسات ,
مبادرات إيجابية للعمل الأهلي الحكومي المشترك
في الوقت الذي لم تحدث فيه تطورات إيجابية ملموسة باتجاه تحديث وتطوير الأطر القانونية التي تنظم العمل الأهلي؛ بحيث تفسح الطريق أمام ظهور مؤسسات ومنظمات جديدة تعمل في مختلف المجالات، يكشف التقرير عن وجود عدد لا بأس به من المبادرات الإيجابية للتعاون والعمل المشترك بين الدولة ومنظمات المجتمع الأهلي، وخاصة في مكافحة الفقر، وفي تنفيذ بعض المشروعات التنموية.
فضلا عن أن هذه المنظمات قد أتيحت لها فرصة المشاركة في وضع إستراتيجيات مواجهة الفقر والبطالة وتعبئة الموارد لخلق فرص عمل جديدة، وتحسين مستوى معيشة الفئات المهمشة. ويذكر التقرير أن أبرز مبادرات الشراكة في هذا الميدان شهدتها كل من السودان، والمغرب، والأردن، ومصر.