إذا حملَ الصباحُ طيوبَ أُمِّـي
فنعمَ الطيبُ ما حملَ الصبـاحُ
وإن هَبَّـت ريـاحٌ فرقتـهـا
أسائلها : لمـاذا يـا ريـاحُ ؟
أمـا تدريـنَ أن بـيَ اْشتياقـاً
وكل أحبَّتِي بالأمسِ راحـوا ؟
وخلَّوْني وحيداً فـي اْغترابـي
تنازلنـي فتغلبنـي الـجـراحُ
أَبُثُّ لوردتـي أحـزانَ قلبـي
ويعلـو بيـن جنبـيَّ النـواحُ
وأسألها وفي صـدري أزيـزٌ
وفـي عينـيّ دمـعٌ مستبـاحُ
أيا أختَ اغترابي: كـم تولّـى
من الترحالِ أعـوامٌ صِحـاحُ
سئمتُ وقد شكا المجذافُ منِّي
وخاصمني الهنـا والإنشـراحُ
وتاهت خُطوتي لمـا تـوارى
شعاعُ النُّورِ و انكسرَ الجنـاحُ
أيا أختَ اغترابي أيـن أُمِّـي
أغابت مثلما غـابَ السمـاحُ ؟
وكانت تمـلأُ الأرجـاءَ نـوراً
يغـارُ البـدرُ منـهُ والمـلاحُ
وتحسدها عليه الشمـسُ لمـا
يُشِعُّ ، فتستضئ بـه البطـاحُ
هناك بركنِهـا كانـت تُصلـي
فما للركـنِ غـادَرَهُ البـراحُ
وسُبحتُهـا كـأن بهـا التياعـاً
وفوق سريرها نـام الوشـاحُ
ومقعدُها بصحنِ الـدار خـاوٍ
يُحَـرِّكُ صمتََـهُ حـزنٌ رداحُ
و زهرٌ أطفـأت أمـي لظـاهُ
جـرى بعروقِـهِ مـاءٌ قـراحُ
غدا بعد النوى يبسـاً هشيمـاً
من الأحزانِ تـذروهُ الريـاحُ
يُسائِلُنِي السنا والطُّهـرُ عنهـا
وآنيـةٌ بمطبخِـهـا وســاحُ
وأطفالٌ صغـارٌ كـم بَكَوْهـا
غداةَ البينِ واضطربوا وصاحوا
متي ستعـودُ بالأزهـارِ أمـي
متى تشفى وتندمـلُ الجـراحُ
متـى تتبـدل الآهـات شـدواً
ويسكن فـي مآقينـا ارتيـاحُ
أُجيبُ السائلينَ وفـوق خـدِّي
يسيلُ بحرقـةٍ دمـعٌ صُـراحُ
غداً إن عادت الأطيارُ تشـدو
على الأفنانِ قد يأتي الصبـاحُ